وجَّه الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-، رسالة إلى العالم الإسلامي، بمناسبة حلول الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس الإيسيسكو (3 مايو 1982-3 مايو 2017)، دعا فيها إلى العمل الجادّ من أجل تضافر الجهود لتعزيز قدرات الدول الأعضاء في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال، للنهوض بالمجتمعات الإسلامية كافة. وجاء في الرسالة أن تأسيس الإيسيسكو مع مطلع القرن الخامس عشر الهجري، كان نقلة نوعية في العمل الإسلامي المشترك في إطار منظمة التعاون الإسلامي، التي كان اسمها في تلك الفترة (منظمة المؤتمر الإسلامي)، أعطت للتضامن الإسلامي مفهوماً متطوراً يَتَناسب مع المتغيرات التي يعرفها العصر، خاصة في المجالات التي تدخل في دائرة اهتماماتها، وهي الأكثر حيويةً في بناء النهضة الشاملة على أقوى القواعد، للانتقال بالعالم الإسلامي إلى مرحلة جديدة تعتمد المناهج العلمية الحديثة وسائلَ لتحقيق التقدم وأدواتٍ للنهوض الحضاري، وصولاً إلى امتلاك الشروط العلمية للولوج إلى مجتمع المعرفة. وأبرزت الرسالة أن الإيسيسكو تطورت خلال السنوات الخمس والثلاثين الماضية، على جميع المستويات، سواء من حيث عدد الدول الأعضاء، أو من حيث تحديث الإدارة وتجديد أساليب العمل فيها وفقاً لأحدث المتغيرات في هذا المجال الحيوي، والتنظير المنهجي للمهام المنوطة بها والتخطيط العلمي الذي يستشرف آفاق المستقبل للعمل الذي تنهض به، فوضعت ست عشرة استراتيجية غطت مجالات اختصاصها، شكلت خريطة طريق سارت في ضوئها نحو أهدافها، فحققت إنجازات مهمة، وراكمت مكاسب ذات قيمة عالية، وقدمت خدمات كبرى، في دائرة اختصاصاتها، للدول الأعضاء التي وصل عددها اليوم إلى ثلاث وخمسين دولة، بعد أن كان في بداية التأسيس أربعاً وعشرين دولة، وأحرزت نجاحات كبيرة في تنفيذ خطط العمل الثلاثية التي بلغت اليوم اثنتي عشرة خطة عمل أقرها المؤتمر العام الذي يجتمع مرة كل ثلاث سنوات. وأكد المدير العام للإيسيسكو في رسالته، إن المنظمة تخدم برؤية مستنيرة وبإدارة متطورة وبروح عالية من الإحساس بالمسؤولية، الأهدافَ التي حددها لها ميثاقها، والتي تجمع بين تقوية التعاون وتشجيعه وتعميقه بين الدول الأعضاء في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال، والنهوض بهذه المجالات في إطار المرجعية الحضارية للعالم الإسلامي، وفي ضوء القيم والمثل الإنسانية الإسلامية، وبين تدعيم التفاهم بين الشعوب في الدول الأعضاء وخارجها والمساهمة في إقرار السلم والأمن في العالم بشتى الوسائل ولاسيما عن طريق التربية والعلوم والثقافة والاتصال، والتعريف بالصورة الصحيحة للإسلام والثقافة الإسلامية وتشجيع الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، والعمل على نشر قيم ثقافة العدل والسلام ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان وفقاً للمنظور الحضاري الإسلامي، وتشجيع التفاعل الثقافي ودعم مظاهر تنوعه في الدول الأعضاء، مع الحفاظ على الهوية الثقافية وحماية الاستقلال الفكري. وبيّنت الرسالة أن الإيسيسكو تهدف إلى تدعيم التكامل والتنسيق بين المؤسسات المتخصصة التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي في مجالات اختصاصها وبين الدول الأعضاء، وتعزيز التعاون والشراكة مع المؤسسات الحكومية المماثلة ذات الاهتمام المشترك، وإغناء الثقافة الإسلامية وإبراز خصائصها والتعريف بمعالمها في الدراسات الفكرية والبحوث العلمية والمناهج التربوية، وتعمل من أجل التكامل والترابط بين المنظومات التربوية في الدول الأعضاء، ودعم جهود المؤسسات التربوية والعلمية والثقافية للمسلمين في الدول غير الأعضاء في الإيسيسكو. وقال الدكتور عبد العزيز التويجري في رسالته إلى العالم الإسلامي، إن الإيسيسكو قد ارتقت في مدارج التقدم والتطور، وعلى جميع المستويات، حتى صارت من المنظمات الدولية الناجحة والمتقدمة في المجالات ذات الاختصاص المشترك، فأصبحت تمثل بحق الضميرَ الثقافيَّ للعالم الإسلامي. وأوضح أن الإيسيسكو صارت اليوم، وبعد تراكم الخبرات لديها، مؤسسةً مهمةً ومتميزة الأداء، تواصل الإسهام بقوة في بناء أسس النهضة الحضارية في العالم الإسلامي، فهي بهذا الاعتبار بيتُ الخبرة العالي المستوى الذي يمدّ الدول الأعضاء، والمجتمعات المسلمة خارج العالم الإسلامي، بما يتوافر لديه من خبرات نظرية وتخطيطية وتنفيذية في المجالات التي تدخل ضمن اختصاصاتها. وقال الدكتور التويجري إن الحضور القوي المشع للإيسيسكو في ساحات العمل الإسلامي المشترك، وعلى أصعدة العمل الدولي في هذه المجالات، يعزز حضور العالم الإسلامي في الساحة الدولية، باعتباره كتلة حضارية ذات رسالة إنسانية تخدم السلام والوئام والعيش المشترك بين جميع الأمم والشعوب، مؤكداً العزم على مواصلة مدّ الإشعاع الحضاري للإيسيسكو إلى أبعد الآفاق، لتحقيق المزيد من الأهداف، ولتستجيب لتطلعات الدول الأعضاء، وتخدم التنمية الشاملة المستدامة، في دوائر اختصاصاتها، للعالم الإسلامي.