حذر الباحث والمؤرخ الفلسطيني الصحفي د. إبراهيم فؤاد عباس ، من أن المخطط الإسرائيلي لا يستهدف فقط تهويد القدس ، بل أيضا تهويد العقول العربية ، وهنا يكمن الخطر ، فقد قال بن جوريون "الكبار سيموتون والصغار سينسون " هذا ما يهدفون إليه . وأكد أنه يحترم د. يوسف زيدان الذي لا يطاله فكرا و لا علما ، ولكنه يدحض فكرة بفكرة ، نافيا صحة إدعاءات زيدان حول عدم عروبة القدس ، ونفيه القدسية عن المسجد الأقصي زاعما أنه هو مسجد التنعيم فى مكة . جاء ذلك خلال ندوته بمركز البلد الثقافي مساء أمس عن " القدس والمسجد الأقصي " ، بمشاركة المحلل السياسي عبد المنعم مصطفي ، و أدار الحوار الصحفي محمد رفعت ، على أنغام موسيقى العود لتامر فاروق . وأشار عباس أن قرار اليونسكو بشأن اعتبار المسجد الأقصي إسلاميا خالصا مثل صدمة لإسرائيل ، و كل رئيس أمريكي كان يوعد بأنه سيجعل القدس عاصمة موحدة لإسرائيل والكونجرس يؤجل ، ووعد ترامب لا يختلف ، فمجرد منع إسرائيل للآذان جعل الناس تثور . كما لفت أن علماء الآثار الإسرائيليون الذين يحاولون إعادة كتابة التاريخ ينكرون أى دور حضارى لإسرائيل تاريخيا أو دينيا فى فلسطين و يؤكدون أنها كنعانية، واليهود كانوا قوم عابرون . وانتقد الصحفي محمد رفعت التوقيت الذى أثار فيه زيدان هذه المزاعم ، والتى تتفق مع المزاعم الإسرائيلية حول حقهم التاريخي فى فلسطين ، مما يجعل من أقوله بمثابة "خيانة" ، و لا تخلو من الشبهة . وقال المحلل السياسي عبد المنعم مصطفي ، عن أثر الربيع العربي على فلسطين ، إن ما حدث فى العالم العربي انفجار ناتج عن غياب الدولة ، مفرقا بين الدولة والسلطة ، واوضح أنه ليس لدينا نظام سياسي يستطيع أن يزعم أن شرعيته من الشعب ولديه برلمان يحاسب ودستور يطبق وقضاء أحكامه نافذة ، ليس فليس هناك دول بل سلطات ، و بعد الربيع العربي أصبحت كل دولة منكفأة على ذاتها وغابت القضية الفلسطينية . المسجد الأقصي تحدث الباحث إبراهيم عباس عن كتابه " الآثار الفلسطينية" والذي يثبت عروبة فلسطين تاريخا وجغرافية وحضارة ، ليثبت بالأدلة القرآنية و التوراتية و بالآثار كذب مزاعم زيدان ، التي سبق أن رددها باحث يهودي يدعي "مردخاي كيدار" فى الكنيست عام 2009 ، و لفت لخطورة ما يدعيه زيدان بأن الأقصي مكانه الطائف ، فهو بذلك يدعم حجة الصهاينة بأن القدس هي موضع الهيكل المزعوم . و أشار إلى قرار اليونسكو باعتبار المسجد الأقصي إسلاميا خالصا و لا علاقة لليهود به ، قد جاء صادما لإسرائيل . وعن قدسية الأقصي قال ، أن سيدنا إبراهيم عليه السلام ارتحل مع أتباعه من أور بالعراق ذاهبا لفلسطين ، وصلي مع ملك فلسطين "مليك صادق" عند البقعة المقدسة الصخرة ، و ذلك قبل نزول اليهودية ، وعندما ذهب عمر بن الخطاب إلى القدس صلي عند موقع الصخرة ، تلك البقعة كان يشار إليها بالمسجد الأقصي ، و المسجد الفعلي بنى فى عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان . و المسجد الأقصي يعد أولي القبلتين فى الإسلام ، وعندما سئل الرسول عن أقدم مسجد شيد قال المسجد الحرام ثم المسجد الأقصي ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى. قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ. عروبة القدس أكد عباس أن القدس عربية كنعانية ، و"يبوس" هي أقدم أسماء القدس ، كانت مأهولة بسكانها اليبوسين ، وهم بطن من بطون العرب الأوائل منذ 3000 سنة ق. م ، و ورد اسم القدس صريحا باسمها الكنعاني "أور شليم" فى رسائل تل العمارنة ،و التي ترجع إلي عهد أمنحوتب الثالث ، وتعود أول إشارة وردت عن هذه المدينة إلى الحفريات التي وجدت في شمال سوريا ، حيث أسفرت الاكتشافات عن اكتشاف آثار لمملكة قديمة ، وجد بين آثارها ، ألواح كتب عليها اسم مدينة سالم "أورشليم " حوالى 2500 ق . م . و دحض ما يزعمه البعض أن الفلسطينيون جاءوا من جزيرة كريت وقبرص وكانوا يدعوا بقبائل "الفلستيا" ، مؤكدا أن الفلسطينيين كانوا موجودين قبل قبيلة الفلستيا ، وأن تلك القبيلة فلسطينيون بالفعل ولكنهم هاجروا بسبب المجاعة ، ثم عادوا مجددا لأرضهم . فقبائل فلستيا تعود إلى 1300 ق. م ، و الفلسطينين ذكروا فى التوراة 1800 ق.م عندما ذهب اسحاق ابن ابراهيم عليه السلام لملك فلسطين ، " و كان في الأرض جوع غير الجوع الأول الذى كان في أيام إبراهيم ، فذهب إسحاق إلى أبيمالك ملك الفلسطينيين " سفر التكوين 26 - 1 . و ما يزعم أن الاسمين القدس و أورشليم لا يدلان على المدينة نفسها ، و أن التوراة لم تذكر اسم فلسطين أو الفلسطينيين قط ، و أنها لم تأت على ذكر القدس . " وسكن رؤساء الشعب في أورشليم، وألقى سائر الشعب قرعا ليأتوا بواحد من عشرة للسكنى في أورشليم، مدينة القدس " سفر نحميا 1: 11 وَفِيمَا هُمْ عِنْدَ يَبُوسَ وَالنَّهَارُ قَدِ انْحَدَرَ جِدًّا، قَالَ الْغُلاَمُ لِسَيِّدِهِ: "تَعَالَ نَمِيلُ إِلَى مَدِينَةِ الْيَبُوسِيِّينَ هذِهِ وَنَبِيتُ فِيهَا" فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: "لاَ نَمِيلُ إِلَى مَدِينَةٍ غَرِيبَةٍ حَيْثُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ هُنَا. نَعْبُرُ إِلَى جِبْعَةَ " سفر القضاة 19 . الآثار تتحدث كما أن الآثار تثبت عروبة القدس ، فيقول عباس : فلسطين كلها آثار وليس هناك بلدة ليس فيها آثار ، آثار اريحا تعود إلى 10 الآف سنة ، و مجدو أكثر موقع فلسطيني به آثار تعود للكنعانيون ، وكانت البعثات الآثارية تأتي من جميع الأنحاء فى نهاية القرن الثامن عشر ليطابقوا الموجود فى النصوص التوراتية ، و لكن عجز علماء الآثار التوراتيون عن اكتشاف أى آثار يهودية تتطابق مع ما جاء فى التوراة ، لا يوجد آثار اسرائيلية فى شبه الجزيرة العربية ، لم يترك اليهود سوي شواهد قبور . وتابع : اليهود لم يكونوا أهل حضارة ، مستشهدا بالقرآن الكريم " وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " . " فى حين كان الفلسطينيون قبل 3 الاف عام يشكلون شعبا ذواقا للفن ، وكانوا يعيشون فى القصور ، فى الوقت الذى كان يعيش الإسرائيليون فى خيام بالية " ذلك ما ذكرته افتتاحية التايمز عام 1992 بمناسبة اكتشاف آثار فلسطينية جديدة فى عسقلان . وقالت الباحثة البريطانية فرنسيس نيوتن : " ليس فى فلسطين نقش واحد يمكن أن ينسب إلى المملكة العبرية " . ومن أمثلة علماء الآثار الإسرائيليون الذين دحضوا المزاعم الصهيونية " توماس طومسون " عادات و تقاليد و أغاني و قصص الفلسطينيين القدماء شكلت الجزء الأكبر من الكتاب المقدس " ، " السكان الأصليون في فلسطين لم يتغيروا كثيرا منذ العصر الحجري " . وكذلك بن دوف الذي ذكر أن " حائط المبكي ، الاسم اليهودي لحائط البراق ، ليس له أي دلالة مقدسة فى الديانة اليهودية " . فيما قال دونالد ب ردفورد : " في المعارضات الأدبية التاريخية التي لفقتها إسرائيل لتبرر وجودها ، تم تكويم جور العصور كلها علي رؤوس الكنعانين ، الذين أضحوا بذلك السلالة الأكثر تعرضا للافتراء فى تاريخ الجنس البشري " . و قال زنيف هيرتزوج أستاذ الآثار في جامعة تل أبيب : " أوصلتنا الحفريات الأثرية المكتشفة فى إسرائيل خلال القرن العشرين إلى نتائج محبطة ، فكل شئ مختلق ، و في الواقع نحن لم نعثر على شئ يتفق مع الرؤية التوراتية " .