قال تعالي:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء:58) نحن أهل مصر، خير جنود الأرض ، أصحاب بلد الأنبياء، أهل الإسلام القويم، فيا من لا تعرفنا، احذر إن الله كتب علي مصر الأمان"فادخلوها بإذن الله آمنين"، إن صمتنا كان لحكمة، وإن حركنا الصمت نحرك كل ظلم، لاتغتر بأحوالنا التي تراها اليوم، فإن ورائها رجال شجعان، أسود عند العدوان.
اقرأ تاريخنا قبل أن تحكم علينا أو تحكمنا، لا نأمل منك رسالة فعندنا أعظم رسالة، عندنا إسلامنا هو من يحكمنا منذ أن رأينا تراب مصر، لا ننتظر منك وعودا، إذ الوعود أهلكت من قبلك بأيدي الله ثم بأيدينا، لا نطالبك بمحو عدونا من علي الأرض، إذ الله مهلكهم متي يشاء، إنما فقط باعد بيننا وبينه، لا تضع أيدينا في يديه، لاتغمر بلدنا بنيرانه، لاتعطه من خيرات الله علينا، ما ننتظره منك، هو العدل ما استطعت، حفظ أموالنا وأهلينا من كل شر أو استغلال، وأن تعلم أن الحكم أمانة ثقيلة ألقيت علي عاتقك إن رأيت نفسك غير أهل لها فليس لك علينا حكم أو ولاية. (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب:72)
وتعلم من الخليفة العادل سيدنا "عمر بن الخطاب" لعلك تحظي ببعض حكمته وعدلهن فسيدنا "عمر" قد شعر بثقل الأمانة، وعاهد الله والمسلمين أن يكون بالرعية رحيما عادلا، وذلك في أول خطبة له، بعد أن بويع من المسلمين خليفة، وكان مما قال:
أيها الحاكم الآتي، تدارس وصية قدوتك العادل "عمر" فمهما قيل لك لن يفصح لسان خيرا بعد الله ورسوله مما قال سيدنا "عمر"، وضع إلي قمته قول النبي الحبيب محمد "ص" (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته). ورحم الله الشيخ محمد متولى الشعراوى عندما وقف قائلاً: "وإنى أقف على عتبة دنياى لأستقبل أجل الله، فلن أختم حياتى بنفاق، ولن أبرز عن ثريتى باجتراء، ولكنى أقول كلمة موجزة للأمة كلها، حكومة وحزباً، ومعارضة ورجالاً، وشعباً آسف أن يكون سلبياً!! أريد منهم أن يعلموا أن الملك كله بيد الله يؤتيه من يشاء، فلا تآمر لأخذه ولا كيد للوصول إليه، لأنه لن يحكم أحد فى ملك الله إلا بمراد الله، فإن كان عادلاً فقد نفع بعدله، وإن كان جائراً ظالماً بشع الظلم وقبحه فى نفوس الناس، فيكرهون كل ظالم ولو لم يكن حاكماً!.. أنصح كل من يجول برأسه أن يكون حاكماً بألا تطلبه بل يجب أن تطلب له، فإن رسول الله قال: «من طلب إلى شىء أعين عليه، ومن طلب شيئاً وكل إليه"..
واختم رسالتي إليك يامن تفكر أن تحكم مصر، بقول الشعراوي الذي أدعو الله من صميم قلبي أن يرزقنا الله بمثله، "آخر ما أود أن أقوله لك ولعله آخر ما يكون لقائى أنا بك، إذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فليعنك الله على أن تتحمل" فكن من أهل الآخرة لنفوز معك بها ، ولا تكن من أهل الدنيا فنخسر معك......