الديموقراطية هي حكم الشعب للشعب وبالشعب . و الديموقراطية تتعدد أنواعها وهدفها واحد . فهناك ديموقراطية مباشرة وهى أن يجتمع الشعب كل الشعب لكي يقرر ما يريد ويتم تفعيل القرار . وهذه هي الديموقراطية اليونانية والتى كانت تحرم النساء والطبقات الدنيا من ممارستها . أيضا الديموقراطية الغير مباشرة وهى أن يختار الشعب نوابآ عنه يقررون ويشرعون ما هو فى صالح ناخبيهم . وهذه تسمي بالديموقراطية النيابية . وقد أستقر العرف الديموقراطي علي أن يكون الصندوق هو الذي يقرر فيه وعن طريقة الشعب ما يريد وما يختار . ولذا فقد ربطنا الديموقراطية بهذا الصندوق الذى هو أخر مراحل العملية الديموقراطية فى الأتجاه الإجرائي . والإجراءات الديموقراطية تعني العملية الإنتخابية من حيث أسماء الناخبين واللجان والأشراف والفرز إلي أخر تلك الإجراءات . أما الجانب القيمي وهو ما يعنى تلك الثقافة السياسية التي هى طريقآ لتراكم وعى سياسي يحدد من خلاله المواطن موقفه السياسي . الذى علي ضوءه يختار المواطن من يريد بكامل حريته دون ضغط مالي أو عائلي أو طائفي أو قبلي . أي أن يتم الأختيار بعيدآ عن أى وصاية دينية أو سياسية أو أقتصادية حتي يعبر المواطن عما يريد بكامل حريته حتى يمارس حقه الدستوري والقانوني فى حريه الأختيار . ولذا فمن الطبيعي أن تكون الأمية المتفشية والتى تصل إلي 40% من الشعب المصري كذلك نسبة البطالة العالية والفقر المدقع الذى تجاوز نسبة ال 50% بما يهدد المجتمع بأسره بثورة جياع . ومن الطبيعي أن تكون هذه معوقات تقف فى طريق الممارسة الديموقراطية السليمة التي لا تقتصر علي الصندوق فقط . ناهيك عن من يستغلون الجانب التديني والمكانه السامية للدين لدى كل المصريين فى العملية الأنتخابية الشئ الذى يعني أستغلال الدين لخدمة السياسة . ومع ذلك فيجب بداية ونحن على أول طريق الديموقراطية أن نحترم نتائج الصندوق بأعتبارها الطريقة الوحيدة والمتاحة لكيفية التعبير ولأمكانية الأختيار حتى نستكمل الجانب القيمي للديموقراطية الصحيحة . وفي ذات الوقت لابد أن نعلم أن بديهيات الديموقراطية وفى كل الظروف أجرائية كانت أو قيمية لابد من الاعتراف والإيمان بمبدأ تداول السلطة . فأى أنتخابات لا ولن تكون الأولى والأخيرة ولكن إذا كان أختيار الشعب فى غير موضعه مره فهناك مرات كثيره قادمه يمكن للشعب أن يعيد أختياراته بعد ذلك . وعلي أرض الواقع فقد حصد التيار الإسلامي فى المرحلة الأولي من أنتخابات مجلس الشعب الأغلبية المطلقة مما أزعج الكثيرون من تلك النتيجة . فلماذا ؟ فالأزعاج كان بالطبع أول من أصاب الأقباط ومعهم وبعدهم دعاة الدولة المدنية . وذلك نتيجة لتلك الممارسات التى صاحبت ظهور التيار السلفي بعد ثورة يناير وما كان من هذا التيار من ممارسات تحت إدعاء تطبيق حدود الله بطريقة ظهر فيها ومن خلالها إسقاط القانون العام وإعلاء قانونهم الخاص إضافة إلى تلك التصريحات التى كانت وما زالت وحتى الآن تصدر من رموز سلفية ضد الأقباط ليس في إطار عدم احقيتهم فى موقع رئيس الجمهورية بل أصبح ليس من حقهم تبوء منصب وزير أو عضو مجلس شعب . بما يعنى أنهم لم يعودوا مواطنون من أى درجة بعد اليوم ناهيك عن العودة إلي مسمى ذميين ومن يطالب بالعودة مرة أخرى بدفع الجزية بما يعنى عدم أحقيتهم فى التجنيد فى القوات المسلحة . كل هذا وغيره الكثير . ناهيك عن التصريحات التى تخص السياحة والأقتصاد وغير ذلك . وهنا نتسأل هل تلك الأفكار هي ما يؤمن به كل التيارات الإسلامية المتواجده علي الساحة وبنفس الفكر وبذات الطريقة ؟ وإذا كان هناك خلاف بين تيار وأخر وتباين فى الأراء فى كثير من القضايا بين فصيل وفصيل فأى رؤية يمكن أن نعتبرها هى صحيح الإسلام وإيهما ننتظر تطبيقه؟ وهل تلك الرؤى هي الإسلام ؟ ام هى تفسير بشري يخطأ ويصيب فى تفسير النص ؟ في الوقت الذى يعلم فيه الجميع أن الإسلام هو حجة علي البشر وليس العكس . وإذا كانت هذه الروئ هى أجتهاد بشري يخطئ ويصيب فما هو قدر الإلتزام به خاصة فى الإطار السياسي ؟ علي كل الأحوال هى تجربة جديدة ومثيرة والجميع ينتظر الممارسة علي أرض الواقع التى تستوعب التنوع المصري الدينى والثقافى . الممارسة التى تعى تلك الظروف الأقليمية والدولية التى لا يملك أحد إسقاطها أو تجاهلها . حتى تنجح التجربة ولا نترك فرصة لتدخلات أجنبية . وحتى نحافظ علي وحدة الوطن وسلامته لكى تظل مصر لكل المصريين