لأول مرة في تاريخ مصر، يقوم اليوم المصريون باختيار رئيسهم، في أول انتخابات نزيهة لا تعرف تزويراً ولا تزييفاً.. لأول مرة في التاريخ المصري بل والعربي يختار المصريون من يحكمهم بطريقة ديمقراطية لم تعهدها البلاد من قبل.. اليوم يخرج المصريون إلي مقار اللجان الانتخابية، ليحددوا مستقبل البلد، واختيار مرشح من بين اثنين وصلا إلي جولة الإعادة، ونتيجة الصندوق هي التي ستفصل بينهما وعلي الجميع احترام إرادة الناخبين واختياراتهم.. تجري الانتخابات اليوم بعد حكم تاريخي للمحكمة الدستورية العليا التي قضت ببطلان تشكيل مجلس الشعب، مما يعني أنه بات علي الناخبين حسن الاختيار والتدقيق، ولن يتأتي ذلك إلا بضرورة مشاركة الجميع في هذه الانتخابات، وعدم التخلف عن أداء الصوت الانتخابي. لقد مَنَّ الله سبحانه وتعالي علي المصريين بعد ثورتهم العظيمة، أن تتاح لهم فرصة اختيار الرئيس، ولذلك من غير الطبيعي أن يتخلف أحد عن الذهاب إلي مقار الاقتراع فلا شيء هناك أهم من الإدلاء بالصوت، خاصة أن يومي الانتخابات إجازة رسمية بالبلاد.. ولذلك يجب أن يخرج كل المصريين ممن لهم صوت انتخابي للمشاركة في اختيار الرئيس، فهناك ما يزيد علي واحد وخمسين مليون ناخب لهم حق التصويت، ويجب عليهم ألا يتركوا الفرصة لقلة صغيرة تتحكم في عملية الاختيار. هذا حق للشعب المصري أنعم به الله عليه بعد سنوات طويلة من القهر والذل والطغيان، ويجب ألا نفرط في هذا الحق، ثم نبكي بعد ذلك علي اللبن المسكوب.. إن التخلف عن المشاركة في الانتخابات، يعني التخلي عن حق رئيسى للشعب وترك الساحة مفتوحة أمام تيار بعينه علي حساب تيار آخر، ويعني أيضاً أن المصريين لا يرغبون في ممارسة الديمقراطية، وهذا غير صحيح، فالمصريون جاهدوا لعقود طويلة من أجل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ومن غير الطبيعي أو المنطقي، أن يتخلوا عن هذا الحلم الذي أصبح بين أيديهم.. الإدلاء بالصوت الانتخابي هو أولي الخطوات الديمقراطية علي طريقها الطويل. عدم خروج الجماهير إلي صناديق الانتخاب، يعني رسالة موجهة لأحد المرشحين بأن يمارس ما يشاء ضد المصريين ولا أكون مبالغاً إذا قلت إن ذلك يحوله إلي ديكتاتور، والمفروض علي الشعب أن يكون حريصاً جداً علي شبهة أن يتحول الحاكم إلي طاغية.. ولذلك أتعجب كثيراً من البعض أو القلة التي تنادي بضرورة عدم التصويت لأن المرشحين لم يعجباهم، هذه نتيجة الصندوق الانتخابى وعلي الجميع احترام إرادة الناخبين التي جاءت في الإعادة بهذا الشكل.. ولو أن الجميع خرج إلي صندوق الانتخاب في الجولة الأولي، كان الموقف قد تغير، فالذين أدلوا بأصواتهم لا تتجاوز نسبتهم خمسة وأربعين في المائة ممن لهم حق التصويت فهل تكرر نفس خطأ الجولة الأولي في الجولة الثانية؟! أم نذهب إلي صناديق الاقتراع ونمارس حقنا الديمقراطي الجديد الذي حرمنا منه طويلاً؟! العقل والمنطق يستوجبان علي المصريين جميعاً الذهاب إلي صناديق الانتخابات اليوم، للمشاركة في أكبر عملية ديمقراطية وأنزه انتخابات لم تشهدها مصر قبل ذلك، واختيار الرئيس الجديد، مستقبل مصر بات الآن بيد أبنائها ويجب الا يتخلي الأبناء عن أداء دورهم وممارسة حقوقهم، وأول ذلك هو الذهاب إلي صناديق الانتخابات، حتي لا ينفرد أنصار مرشح ما بالصناديق، وتضيع أكبر فرصة أمام الناس في اختيار رئيسهم. أما دعوات إبطال الصوت أو عدم المشاركة في الانتخابات فهي دعوات سلبية لا تجدي ولا تنفع، وتعني تحدي إرادة الناخبين في الجولة الأولي للانتخابات.. وتعني كذلك انفراد انصار أحد المرشحين بالتصويت لمرشحهم، وبذلك يكون ميزان الديمقراطية قد اختل وأصابه العوار.. والنتيجة تعود بالسلب علي المواطنين.. الأمر لا يحتاج إلي تفكير أو تعليل وإنما يحتاج إلي بدء الممارسة الديمقراطية الحقيقية وهي تبدأ بالذهاب إلي صندوق الاقتراع.