بداية أحب أن أوضح أن الخصومة مع الإخوان ليست خصومة مع الإسلام فمؤسس الإخوان الشيخ حسن البنا أشعري العقيدة والسلفيون مذهبهم مذهب أهل الحديث وفي الفروع أي في الفقه الإخوان يتنقلون بين المذاهب الفرعية والسلفيون مذهبهم مذهب أهل الحديث ، وفي الرؤيا السياسية فالإخوان لهم حزب الحرية والعدالة ويختلف معهم حزب الوسط وهم حزب ذو مرجعية إسلامية مختلف مع الإخوان لذلك أسس حزبا يختلف مع الإخوان في الرؤيا السياسية وجميع الأحزاب الأخرى تعترف للأزهر بمرجعيته وإن لم تعلن ذلك ولكن هناك من الناس من يعتبر الخصومة مع الإخوان هي خصومة مع الإسلام وتلك أفكار تنذر بالاستبداد الديني والسياسي ولقد عانينا من الاستبداد السياسي ولا نريد أن نعاني من الاستبداد الديني أيضا . والضمان كما كان ميدان التحرير الذي أتى بالإخوان ومن قبلهم قد أتى بحكومة شرف والميدان قد ذهب بحكومة شرف . ولقد تخلى الإخوان عن الميدان ليأخذوا أغلبية في البرلمان ولن ننسى أبدا أن الذي أتى بالإخوان هو ميدان التحرير وسيظل ميدان التحرير مكتسبا للشرعية الثورية ولن تسقطه نتيجة الانتخابات فإذا لم يلب البرلمان ما وعد به فسيكون كالنصاب الذي وعد الناس ثم خلى بهم ولن ننتظر أربع سنوات أخرى في انتظار انتخابات جديدة بل سينزل الناس إلى الميدان كما نزلوا أول مرة لفض هذا البرلمان وإعادة الانتخابات وقد تبين لهم من صدق ممن ضحك عليهم بالشعارات . إن حرية التعبير أساسها التشريع الحنيف بداية لا إكراه في الدين.. (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا)الكهف29 (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ)يونس99 (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)الممتحنة8 لقد جاء القرءان يقص علينا أقوال الكفار في كل العصور وهم المكذبون للرسائل السماوية و للأنبياء فقد اتهموا الأنبياء بالكذب(أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ)الطور33.. واتهموهم بالسحر(وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ)ص4 وبالكهانة (وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)الحاقة بل أورد القرآن قول اليهود (لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ )آل عمران181 فقد عرض القرآن أقوال المخالفين بأحسن بيان وأورد الرد عليهم(قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)الانعام149.. إن القارئ للقرآن يعجب كيف عرض لأقوال المخالفين ولم يحجب قولا حتى اتهام السيدة مريم والرد على المفترين في سورة سميت باسمها وهى سورة مريم.. ولقد ورد في القرآن النهى عن سب المخالف في قوله تعالى (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)الانعام108 في الواقع نجد المخالفين للمسلمين يعبرون عن الجزء الخاص بهم والمسلمون يعبرون عن رد القرآن على المخالف.. وتلك سنة الحياة.. ففى هذه الدنيا لابد من وجود المخالفين في العقائد ولا إكراه في الدين ولا عدوان على المخالفين وأن الرد يكون الكلمة بالكلمة ..و رد العدوان بالقتال للرد على القتال.. (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ)البقرة190 فالمسلمون قد عرفوا حرية التعبير والفرق بين معتقد وبين عدوان.. فمن قال رددنا عليه(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )النحل125 ..بالحكمة ومخاطبة العقول والموعظة الحسنة المرققة للقلوب. فالميدان هو الميزان ولا أقصد قطعا علامة الميزان.