المتحف يحكي أسطورة هرقل وقصة بناء روما بالفسيفساء المدينة مهد الشاعر أبو العلاء المعري والخليفة عمر بن عبدالعزيز المتحف كبناء بدأ كاستراحة للحجاج وإطعام عابري السبيل متحف معرة النعمان السوري، مقره خان أثري من الفترة العثمانية كان محطة استراحة على طريق قافلة الحج القادمة من اسطنبول إلى دمشق ومن ثم إلى الديار المقدسة والمسماة بقافلة الحج، ثم تحول إلى متحف في عام 1987 يقع في مدينة معرة النعمان بمحافظة إدلب في سوريا. يضم المتحف اللقى الأثرية من منطقة معرة النعمان إذ تعرض فيه1600م2 من الموزاييك الفسيفساء وثمة 400م2 أخرى موجودة في المستودعات فقد ضاق المتحف بمحتوياته والمكتشفات الكثيرة من الاثار في المنطقة، وأرضيته مرصوفة بالموزاييك الفسيفساء بشكل بديع، ومما يذكر ان الفسيفساء من الفنون السورية التي نشأت في العصور القديمة في العصر الاكادي وفي العصور اللاحقة حيث كانت ارضيات المنازل ترصف بالقطع الصدفية والبلاط الحجري. يقسم المتحف إلى أربعة أجنحة تضم كل منها نوع خاص من الأثار، حيث كان المتحف دوماً مقصداً للقاصي والداني من المهتمين بالسياحة الأثرية في العالم، لرؤية ما يحتويه من لُقىً ولوحات تختزل حقبا وحضارات عاشتها أرض سوريا ولاسيما شمالها، كون المتحف هو ثاني أهم متاحف العالم على صعيد الفسيفساء، التي كانت وسيلة إبداع الإنسان السوري وطريقته في تأريخ حضارته منذ أربعة آلاف عام أو يزيد. أما اليوم، فقد بات المتحف ركاماً، وأثراً بعد عين، إثر استهدافه من قبل طيران نظام الأسد ببرميلين متفجرين، سقطا وسط باحته، ما خلف فيه وفي محتوياته - على أهميتها - دماراً كبيراً لن يعوضه الترميم مهما بلغت درجت حرفيته، كما يقول خبراء! نال انفجار البرميلين من أغلب اللوحات واللقى الأثرية على تنوعها، بالإضافة إلى تدمير البناء الذي يتوسط باحة المتحف (المسجد سابقاً) ما جعل هذه التحفة الأثرية الفنية التي تعد من روعة فن العمارة الأسلامي وما بداخلها من آثار تندثر من جديد. ووفق مواقع سورية مهتمة بالآثار، فقد حاول فريق الترميم إعادة تأهيل المتحف وترميم بعض لوحاته بعد ما تعرض له المتحف من غارة لأول مرة منذ شهرين تقريباً، فلم تكد تنتهي حملة الترميم، حتى جاء القصف الأخير وقضى على أحلامهم. ويضم متحف المعرة حولي 2000 متر مربع من الفسيفساء أهمها لوحة (فريكة) والتي تحمل اسم القرية التي وجدت فيها، حيث تحكي هذه اللوحة قصة بناء مدينة روما، رُصفت على أرض المتحف بمساحة 27 متر مريع، ولوحة (هرقل – هراكلس) التي تروي الفسيفساء فيها بسبعة أجزاء (سبعة لوحات) قصة تأسيس الإمبراطورية اليونانية وأسطورة هرقل، وتعود هذه اللوحة للقرن الثاني الميلادي. بالإضافة للعديد من بوابات القصور والقلاع والتوابيت الحجرية الملكية واللقى النقدية ومكتبة ل آل شحنة، كتبت جميع كتبها بخط اليد، وهي مجموعة من الكتب الدينية والتاريخية والإنسانية القيّمة، تعتبر بالنسبة للمعراويين إرثاً ثقافياً وأدبياً لا يمكن التخلي عنها. أما المتحف كبناء، فقد بناه (مراد باشا الجلبي) في عهد السلطنة العثمانية عام 1595م وخصص كخان لاستراحة الحجاج بين اسطنبولودمشق فمكة المكرمة، رغم أنه لم يكن حكراً على الحجاج وحسب، بل كان محطة لمبيت وإطعام أي مسافر وعابر سبيل، حيث كتب على لوحة تتوسط المدخل الرئيسي للمتحف " قد بنى هذه الواحة لوجه الله حامي الدفاتر الديوان السلطانية مراد جلبي فغني منع فقير أو دابة شتى فعليه لعنة الله والملائكة والناس بطرق شتى سنة 974 ه. وفي عام 1987 تم تحويل هذا البناء إلى متحف ليحوي جميع المكتشفات الأثرية التي وجدت حول المدينة والتي تبعثرت في مدن عدة، لتعود للمنطقة التي وجدت فيها ويكون مركزها متحف معرة النعمان، الذي كان من أهم مقاصد السياحة الأثرية في سوريا. في منتصف عام 2011، أرسل بشار الأسد قواته إلى معرة النعمان غازية، لوأد الثورة فيها، فاحتلت قوات النظام المتحف في 8 يوليو 2011 واتخذت منه ثكنة عسكرية، فتعرضت عديد من محتوياته ولاسيما تلك التي يسهل حملها، للنهب والسرقة من قبل الضباط الذين كانوا يديرون القوة العسكرية التي احتلت المتحف. وبعد عام كامل تمكن الجيش الحر من تحرير المتحف، ووضع القائمون على الشأن العسكري في المدينة من الثوار، كتيبة أمنية لحمايته من اللصوص والعابثين، لكن تلك الكتيبة لم تستطع حماية مقتنياته ولا حماية أفرادها من قصف معسكري (الحامدية ووادي الضيف) الذي طال عديد من لوحات واللقى الأثرية بداخله، وبعد تحرير المعسكرين سعى نشطاء المدينة لإعادة تأهيل المتحف وترميم لوحاته على بمساعدة خبراء ومختصين تحت إشراف الحكومة المؤقتة، رغم كل القصف من الطيران الحربي والمروحي الذي رافق ذلك، وما إن انتهت عمليات الترميم تلك، حتى سارع النظام لقصف المتحف مدمراً أغلب أجزائه مؤخراً. يذكر أن معرة النعمان مدينة أثرية ضاربة جذورها في عمق التاريخ، والتي تحوي بالإضافة للمتحف، المسجد العمري الكبير الذي كان معبداً ثم كنيسة ثم مسجد، بعد أن فتح المعرة للمسلمين الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وفيها أيضاً القلعة البيزنطية التي أكملت على دمارها براميل الأسد المتفجرة، بعد هجمات المغول والصليبين في عصور مضت، كما يتوسط المدينة ضريح شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء أبي العلاء المعري الذي تكنى بمدينته، بالإضافة للمدرسة الزنكية التي تعود للعهد الخليفة نور الدين محمود الزنكي، وقرب المعرة وتحديداً في قرية دير الشرقي يرقد الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي يعد ضريحه قبلة للسياح. يتألف البناء من أربعة أجنحة مصلّبة السقف تعلو سطوحها أبراج وتتقدمها الأروقة الرشيقة بأقواسها المدببة وقناطرها المرتفعة وسقوفها المعقودة. ويبلغ طول الواجهة الرئيسية للخان /70م/ وبعمق /80م/ ويرتفع نحو سبعة أمتار وقد شيّد من حجارة كلسية كبيرة الحجم منحوتة، ويبلغ عرض الجناح خمسة عشر متراً ويفصل بين كل جناحين معبر يؤدّي إلى مرافق خدمية يضم أربع غرف متقابلة ماعدا المعبر الشمالي الذي يؤدي إلى دورة المياه. وتتحلّق الأروقة حول باحة سماوية مكشوفة واسعة الأرجاء يتوسّطها بناء التكية ويحوي بداخلها فسقية ماء ويقوم بناؤها على أعمدة أسطوانية وأقواس مدببة وسقفها يضم قبة مستطيلة ويتقدّم التكية من الجنوب بناء المسجد وله قبة نصف كروية، أما المرافق الخدمية التابعة لبناء الخان فهي سوق تجارية واقتصادية مؤلّفة من ستة مخازن متقابلة وحمّام التكية بطرازه المعروف (البراني والوسطاني والجواني) وغرفة القمين وهذه المرافق تلاصق بناء الخان من الجهة الغربية. وشمالي الحمام يوجد الفرن ومستودعات للغلال وغرفة مدار لتوزيع الماء بواسطة حلاقيم فخارية متصلة من البئر إلى خزان أرضي بجانب المسجد من الغرب. ويتربع مبنى الخان مع ملحقاته على مساحة من الأرض قدرها سبعة دونمات. والجدير بالذكر أن وظيفة المبنى تبدّلت عدّة مرّات خلال فترات تاريخية متعدّدة، فتحوّل حيناً إلى ملحق للمسجد الكبير، وسوق، ثم مخزن بسيط قبل أن يصبح متحفاً وطنياً في عام1987 حيث قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف بتحويل الخان إلى متحف يضم اللقى الأثرية من منطقة معرة النعمان.