أيدت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية "الدائرة الأولى بالبحيرة" برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة قرار فصل طالب نهائياً من المدرسة لاعتدائه بالضرب على أستاذه فسقط المعلم ومات بالسكتة القلبية. وطالبت المحكمة وزير التعليم بأن يتخذ الإجراءات القانونية ضد المسئولين بالمدرسة لعدم إبلاغهم النيابة العامة بالواقعة مما أفلت الطالب من العقاب الجنائي وأضاع حق ورثة المعلم من القصاص، مؤكدة أن الطالب الذي يسب الدين لأستاذه ويعتدى عليه بالضرب ويحدث به إصابات أو يشترك في ذلك ولو بالتحريض هو شخص منحرف السلوك، انطوت نفسه على روح الاستهتار بالواجب والاستهانة بالعلم والمعلمين والاستخفاف الشديد بحرمة محراب العلم وهيبته، بما ينعكس أثره على زملائه من الطلاب وأساتذته من المدرسين انعكاسا سلبيا يعود بالضرر البالغ على دواعي الانضباط والحفاظ على كرامة المعلم الذي كاد أن يكون رسولاً، وهي دواع أساسية لازمة لضمان حسن سير العملية التعليمية، ومن ثم فان هذا الشخص عضو فاسد في المجتمع المدرسي يجب بتره بمحو صفة الطالب عنه والتي لم يعد يستحقها بعد أن فقد أهم سماتها. وأكدت المحكمة أنه تقرر عدم تطبيق لائحة وزير التعليم رقم 171 لسنة 2015 بتحديد عقوبة التوقف عن الدراسة لمدة أسبوعين فى حالة اعتداء الطالب على أستاذة والإساءة إليه، ومن قبلها لائحته رقم 234 لسنة 2014 التي تحدد العقوبة بالفصل لمدة أسبوع واحد، واصفة أن اللائحة في مثل هذا الحادث هي والعدم سواء ولا تعتد بها المحكمة لتعارضهما مع مبدأ تفريد العقاب وعدم تحقيق العدالة غاية كل تنظيم قانوني. وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبي رئيس مجلس الدولة بتأييد قرار الإدارة بفصل الطالب احمد أسامة أبو سعدية بالصف الثالث الثانوي نهائيا من مدرسة "البيضا التجارية المتقدمة" بإدارة كفر الدوار التعليمية لقيامه بضرب أستاذ اللغة الفرنسية بالمدرسة المرحوم عادل رزق خضر لقيامه وسب الدين لأستاذه وسقوط المعلم ميتا بالسكتة القلبية، ودون الاعتداد بلائحة وزير التعليم رقم 171 لسنة 2015 التي حددت أقصى عقوبة بالتوقف عن الدراسة أسبوعين لمن يعتدى على الهيئة التدريسية أو الإدارية، وألزمت والد الطالب المصروفات. وقالت المحكمة إن القرار الوزاري اللائحي رقم 234 لسنة 2014 والذي يسرى زمانيا على القرار المطعون فيه قد جعل أقصى عقوبة لاعتداء الطالب على أستاذه الفصل لمدة أسبوع أياً كانت جسامتها، كما أن قرار وزير التربية والتعليم اللائحى رقم 171 لسنة 2015 الذى ألغى القرار الوزاري المذكور قد جعل أقصى عقوبة يمكن توقيعها على الطالب هي توقيفه عن الدراسة لمدة أسبوعين، بل وصل بالقرار الوزاري المذكور أن حدد أفعال مجرمة يرتكبها الطالب يكون الجزاء فيها توقفه عن الدراسة أسبوعين وهى من الجسامة مثل إذا احدث ضرر جسدي واضح سواء باستخدام اليد أو القدم وإساءة الأدب مع أعضاء الهيئة الإدارية والتعليمية والفنية والمستخدمين بالمدرسة بما مؤداه حظر عقوبة الفصل النهائي ولائحة الوزير بهذين القرارين مخالفين لمبدأ تفريد العقاب مخالفة جسيمة ولا تعتد بهما المحكمة عند التطبيق. وأكدت المحكمة أن لائحة وزير التربية والتعليم المذكورة لم تكتف بإهدار مبدأ تفريد العقوبة - وهو من ألأساليب الحديثة المستقرة فى العلم العقابي الجنائي والتأديبي على حد سواء - ولم تراع أهداف العقوبة من تحقيق العدل وردع مرتكب المخالفة بنوعية العام والخاص وجبر المضرور بل مخالفاً لمبدأ التدرج في توقيع الجزاء ويتضمن هذا المبدأ فى فحواه تفاوت الجزاء باتجاه التصاعد بحيث تكون الجزاءات فى وضع هرمى فيكون فى القاعدة الجزاء الأخف ثم يليه فى الشدة جزاء آخر للوصول لقمة الهرم الجزائي حيث يكون جزاء الفصل، كما يخالف كذلك مبدأ التناسب فى الجزاء التأديبي الذى يفرض بمناسبة ارتكاب مخالفة تأديبية معينة فيجب أن يكون رد الفعل (الجزاء) متناسب مع الفعل ذاته (المخالفة) لأن التوازن يغطى الضرر ويمنح الردع مضموناً عادلا كما يخالف مبدأ الملائمة فى توقيع الجزاء وهى جوهر نفعية العقاب، وفقدانها يبذر الشك حول طبيعة العدالة أو جدية الوظيفة التأديبية، بل وصل الأمر باللائحة المذكورة إلى حد النص صراحة على عقوبة التوقف عن الدراسة لمدة أسبوعين كحد أقصى لمن يعتدى على مدرسيه بما مؤداه أنه حظر فصل الطلاب نهائيا وغلف قراره بحجة واهية هي تحقيق الأساليب التربوية، وقد تناسى واضعو القرار اللائحي أن من أجل الأساليب التربوية عدم الإخلال بالعقوبة المناسبة للمخالفة المرتكبة حتى يتحقق الانضباط السلوكي فى المدارس والتي ليس من بينها كذلك الاعتراف بان مجتمع الطلبة مجتمع ملائكي بكامله خال من بعض الأفعال المجرمة والتي هي لازمة من لزوم الإنسان منذ أن خلق الله الإنسان على وجه الأرض عندما قتل قابيل أخيه هابيل. وأضافت المحكمة :"كان يجب على وزير التربية والتعليم أن يضمن لائحته المذكورة توقيع الجزاءات بالتدرج فى توقيع العقوبة حسب جسامة الفعل على طلاب المدارس التابعة والتي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم أو المديريات والمناطق التعليمية وذلك عند الإخلال بالنظام العام وحسن الآداب أو النظام المدرسي أو السلوك المفروض على الطالب اتباعه أو ارتكاب ما يمس كرامة أحد العاملين بالمدرسة وأقصاها الفصل النهائي من المدرسة حرصاً على حسن سير العملية التعليمية وما تتطلبه من ضمان انضباط سلوك الطلاب داخل المدرسة، وكان يجب أن يمنح السلطة التأديبية المختصة الحق في توقيع عدة عقوبات تتفاوت في الشدة وتتدرج بحسب جسامة الفعل الذي يرتكبه الطالب اتباعه أو ارتكاب ما يمس كرامة أحد العاملين بالمدرسة بعد إجراء تحقيق". وذكرت المحكمة أن :"الثابت بالأوراق أن السبب الذي قام عليه القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فصل نجل المدعى نهائياً من مدرسة البيضا التجارية المتقدمة التابعة لإدارة بندر كفر الدوار التعليمية هو قيامه بتاريخ21 / 3 / 2014 وهو داخل الفصل بالتعدي بالألفاظ البذيئة النابية التي تخدش الحياء والسباب والشتائم القبيحة على معلم اللغة الفرنسية بالمدرسة وسب له الدين وهم برفع المنضدة عليه إثر مشادة بينهما بسبب عدم امتثال الطالب لتعليمات أستاذه، ومن هول المفاجأة خرج المدرس من الفصل متجها لإدارة المدرسة فتابعه الطالب وهو مستمر فى عدوانه الآثم خارج الفصل أيضاً، ولم يصدق الأستاذ نفسه بأن تلميذه يعتدى عليه بأبشع العدوان اللفظي فلم يتمالك نفسه من قسوة تصرف تلميذه فسقط على الأرض ومات بالسكتة القلبية فى الحال بعد نقله إلى مستوصف التأمين الصحي بالبيضا وهذا ما اكده التقرير الطبي المرفق وأكدته التحقيقات التي أجرتها جهة الإدارة وما اطمئنت إليه المحكمة لأقوال ممن شهدوا الواقعة على النحو الوارد تفصيلا بتلك التحقيقات، وإذ أصدرت الجهة الإدارية قرارا بفصله نهائيا فان هذا القرار يكون والحال كذلك متفقا وحكم القانون ودونما الاعتداد بقرار وزير التربية والتعليم الذى جعل عقوبة اعتداء الطالب على أستاذه توقفه عن الدراسة لمدة أسبوعين، وتطرحه المحكمة جنبا لأنه لا يستأهل فى الحق ذكرا ويضحى والعدم سواء لمجافاته مبدأ تفريد العقاب وعدم تحقيق العدالة غاية كل تنظيم قانوني مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى. واستطردت المحكمة:" لا يغير من ذلك ما أل إليه التقرير الطبي من وفاة المدرس بالسكتة القلبية ودون إجراء التحقيق الجنائي لعدم إبلاغ إدارة المدرسة النيابة العامة لتتخذ إجراءاتها فى هذا الشأن مما أفلته من العقاب الجنائي والذي راح ضحيته معلم اللغة الفرنسية بالمدرسة وهو تصرف يتنافى مع كافة القيم الحميدة التي كانت توجب على إدارة المدرسة الإبلاغ عن الجرائم وأضاع حق الورثة فى القصاص ويتوجب على وزير التعليم إحالتهم للتحقيق، فضلا عن أن الأصل المقرر هو اختلاف الوضع بين المجالين الإداري والجنائي وما يستتبعه من استقلال الجريمة الإدارية عن الجريمة الجنائية لاختلاف قوام كل من الجريمتين، وتغاير الغاية من الجزاء في كل منهما". واختتمت المحكمة حكمها التربوي الرادع أنه لا عبرة بما قاله والد الطالب من أن القرار المطعون فيه يحطم المستقبل العلمي لنجله إذ تجد هذه المحكمة أن الجزاء الذى وقع على الطالب المذكور هو الجزاء الملائم للمخالفات التي ارتكبها ولم يخالطه غلو، ذلك أن الطالب الذى يسب الدين لأستاذه ويعتدى عليه بالضرب ويحدث به إصابات وفى داخل حرم المدرسة أو يشترك في ذلك ولو بالتحريض هو شخص منحرف السلوك، انطوت نفسه على روح الاستهتار بالواجب والاستهانة بالعلم والمعلمين والاستخفاف الشديد بحرمة محراب العلم وهيبته، بما ينعكس أثره على زملائه من الطلاب وأساتذته من المدرسين انعكاسا سلبيا يعود بالضرر البالغ على دواعي الانضباط والحفاظ على كرامة المعلم الذى كاد أن يكون رسولا، وهى دواع أساسية لازمة لضمان حسن سير العملية التعليمية، ومن ثم فان هذا الشخص عضو فاسد في المجتمع المدرسي يجب بتره بمحو صفة الطالب عنه والتي لم يعد يستحقها بعد أن فقد أهم سماتها، وهى حسن السلوك والتحلي بمكارم الأخلاق التي هي عماد كل طالب لاستمراره في المجتمع الطلابي والمسيرة العلمية.