استغلت الأطراف اليمنية المتصارعة، ذكرى ثورة 14 أكتوبر، التي طردت الاستعمار الإنجليزي من جنوبي اليمن، قبل 52 عاماً، لتوجيه رسائل ضد بعضها، والتأكيد على التحرر من "المستعمر"، المسمى الذي يشيرون به لخصومهم. وللمرة الأولى في تاريخ اليمن، يتم الاحتفال بعيد وطني واحد، من قبل أكثر من جماعة متصارعة، ويظهر أكثر من خطاب لمناسبة واحدة تحولت الى محطة لتهديد الخصوم، مع دعوات أطلقها كل طرف للتحرر من "الاستعباد". وكان زعيم الحوثيين"عبدالملك الحوثي"، السبّاق في الظهور بخطاب، بمناسبة ذكرى أكتوبر، حيث دعا فيه أنصاره ومقاتليه لمواصلة القتال ضد من وصفهم ب "المحتلين"، في إشارة لقوات التحالف العربي الداعمة لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي. وقال الحوثي "إن الشعب اليمني العظيم، (الوصف الذي يطلقه على أنصاره باستمرار)، قادر على تجريع المحتلين هزائم جديدة، تختلف عن هزائم الغزاة لليمن على مر التاريخ". وكما ظهر زعيم الحوثيين في تلفزيون "المسيرة" التابع لجماعته، كان الرئيس السابق "علي عبدالله صالح" يتحدث في قناة "اليمن اليوم" التابعة له، و يترك "الثورة الأم" لإرسال تهديدات للتحالف بأنه سيغرق لهم مزيدا من البوارج البحرية، بعد مزاعم بإغراق بارجتين في البحر الأحمر، لم يؤكدها التحالف العربي. وكما استغل تحالف "الحوثي وصالح" ذكرى ثورة أكتوبر لتوجيه رسائل للتحالف باعتباره "المستعمر الجديد والغازي"، كما يصفونه في خطاباتهم وإعلامهم، كان الطرف الآخر يوجه رسائل ضد الحوثيين وصالح باعتبارهما "غزاة الداخل". وقال الرئيس عبدربه منصور هادي، في مقال نشرته وكالة سبأ الرسمية، ليلة أمس الأربعاء، إن "الارتباط الوثيق بين ثورتي سبتمبر (ضد الأئمة عام 1962) وأكتوبر، وتتاليهما زمنياً، يؤكد أنه من الصعوبة بمكان، التخلص من المستعمر الخارجي قبل مواجهة وإسقاط المستبد المحلي، كون الاستبداد و التجهيل هو الذي يخلف الاستعمار و يجلب الكوارث على الشعوب. وأضاف هادي "يعيش اليمنيون اليوم، احتفالاتهم بذكرى نضالاتهم وثوراتهم المجيدة، وبلدهم في وضع لا يحسد عليه بفعل ما أحدثه بقايا الرجعية (في إشارة للحوثيين)، من جروح وخراب وفوضى، منع عليهم حتى فرصة الاحتفال بأعيادهم كما ينبغي، إلا أن شعبنا العظيم قرر الاحتفاء بثوراته ونضالاته بطريقته الخاصة وبدون كرنفالات روتينية ". وركّزت المقاومة الشعبية في عدد من المدن، احتفالاتها على توجيه رسائل للحوثيين، والذين تصفهم ب"المحتلين" للمحافظات اليمنية، بعد اجتياحهم صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول الماضي. وفي تعز، وسط اليمن، نفّذت المقاومة الشعبية الموالية لهادي، عرضاً عسكرياً، في شارع جمال عبد الناصر، شارك فيه جنود من الجيش الوطني وعدد من الشرطة النسائية التي دربتها المقاومة. وقالت المقاومة الشعبية في بيان، إن مشروعها المقاوم ضد المليشيا التابعة للحوثي وصالح، ماهو إلا امتداد لمشروع النضال الثوري لثورات سبتمبر (ضد حكم الائمة) وأكتوبر ( ضد الإنجليز ) و11 فبراير 2011 (ضد نظام صالح). ورفعت المسيرة الاحتفائية في تعز، لافتات تؤكد على اقتراب النصر و طرد الحوثيين، و صور قادة دول الخليج التي تشارك في تحالف عربي لدعم شرعية الرئيس هادي. وفي عدن، التي دُحر منها الاستعمار الانجليزي، كان عشرات الآلاف يحتشدون في ساحة العروض، بخور مكسر، في فعالية دعا لها الحراك الجنوبي، للمطالبة برحيل من يصفونهم ب"المحتلين من أبناء الشمال". وقال شهود عيان للأناضول، إن المتظاهرين استغلوا المناسبة للمطالبة بالاستقلال عن شمال اليمن، و رفعوا أعلام "دولة الجنوب العربي" دون العلم اليمني، إضافة إلى صور ملك السعودية و الرئيس الإماراتي، فيما غابت صورة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. وفي صنعاء، نظّمت ما يسمى ب"اللجنة الثورية" التابعة للحوثيين، احتفالية وعرضاً عسكرياً، مساء الأربعاء، في ميدان التحرير، قلب العاصمة صنعاء. وقالت وكالة سبأ الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إن "الاحتفال الذي حضرته قيادات عسكرية، شهد تقديم أوبريت بعنوان وطن يقاوم الغزاة، والذي جسّد في لوحة فنية استعراضية، صمود الشعب اليمني ونضاله ضد الغزاة (في إشارة للتحالف)، وأنه شعب عصي على الانكسار لا يستسلم ولا ترهبه أي قوة. ونقلت الوكالة على لسان محمد علي الحوثي، رئيس "اللجنة الثورية" الحوثية، إن "العيد ال 52 لثورة ال 14 من أكتوبر، يدل على أن الشعب اليمني العظيم حيٌّ، وأنه يستطيع أن يواجه، وقادر على طرد الغزاة".