مرّ أكثر من ستة أسابيع منذ بدأ انطلاق عملية السهم الذهبي العسكرية في اليمن ولم يتحرر سوى عدن، وما بين تحرير الأخيرة العاصمة المؤقتة والوعود بتحرير العاصمة الفعلية صنعاء، ثم إطلاق عملية "السيل الجرار" لتحريريها، تتصاعد التساؤلات حول أسباب تأخر معركة التحرير حتى الآن.. فلماذا تأخر تحرير صنعاء؟ وهل تأخر الحسم يعني رضا المقاومة الشعبية بانتصارات عدن؟ وهل الحوثي سيسلم صنعاء كما حدث في عدن؟ وما حقيقة الدور الأمريكي في تقليم أظافر التحالف العربي؟ وهل الخلافات حول وحدة اليمن لها سبب في التأخير. ومنذ أن بدأت عملية السهم الذهبي العسكرية ل"تحرير مدينة عدن" من سيطرة المسلحين الحوثيين في ال14 من يوليو الماضي، ولايزال القتال مستمرا بين المقاومة والحوثي في مناطق متفرقة. المقاومة الشعبية فبعد أن كانت قوات المقاومة الشعبية والقوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي على بعد 100 كيلو من العاصمة، أعلنت الحكومة اليمنية منذ أيام، أنها بحاجة لثمانية أسابيع لبدء معركة تحرير صنعاء من قبضة الحوثيين وقوات على عبد الله صالح، ما يفتح المجال لعدة احتمالات وراء هذا التأخير. القتال في اليمن المراقبون أوضحوا أن الوضع في اليمن معقد وأن تحرير صنعاء قد يستمر لأشهر طويلة، مضيفين أن التحالف العربي يركز الآن على صعدة معقل رأس الحوثي. حرب عصابات الخبير العسكري اللواء نبيل فؤاد قال إن الطبيعة الجغرافية التي تتكون منها اليمن قد تصعب تحرير صنعاء، والتي يتواجد بها غالبية القيادات الحوثية، على خلاف ما حدث في الجنوب الذي حرره أهل الجنوب ممن يحلمون بالانقسام والانفصال عن الشمال. وأوضح الخبير العسكري أن ما يحدث في اليمن أشبه بحرب العصابات وبالتالي فتلك الحرب دائما ما تكون ضد الجيوش المنظمة كما الحال مع السعودية ودول التحالف العربي. وتابع: ليس هناك ضغوطا أمريكية مباشرة على السعودية كما يردد البعض، قائلا إن الولاياتالمتحدة تمد التحالف العربي بأهداف للحوثيين في صنعاءوعدن وصعدة. وأشار إلى أن السعودية الآن تلعب بورقة تسليح القبائل اليمنية والتي تم استخدامها من قبل في حرب مصر في اليمن عام 62، لافتاً إلى أن تصريحات القيادات العسكرية اليمنية بشأن قرب تحرير صنعاء تطمينات ليس أكثر. واستطرد الخبير العسكري كلامه: الحوثي التابع لإيران يسير على نفس خطاها العسكرية والتي تعتمد دائمًا على النفس الطويل في القتال، وأعتقد الكلام لازال على لسان فؤاد أن الحوثي قد ينجح. قصف صنعاء وقال رياض ياسين، وزير خارجية اليمن: "إن قوات الحكومة اليمنية تعتزم شن معركة من أجل العاصمة صنعاء خلال شهرين وأن خطوات تتخذ بالفعل لإنهاء سيطرة ميليشيات الحوثيين الذين استولوا على صنعاء قبل قرابة عام". وتم الإعلان الرسمي عن انطلاق عملية "السيل الجرار"، من قبل قوات التحالف العربي، لتحرير صنعاء من قبضة ميليشيات الحوثيين وقوات صالح، وأكدت مصادر عسكرية يمنية، وصول عشرات من الدبابات والمدرعات وناقلات الجند إلى صافر بمأرب عبر منفذ الوديعة، وهي الدفعة الرابعة من القوات العسكرية التابعة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، في إطار تدفق قوات عسكرية ضخمة لدعم تحرير مأرب وصعدة والعاصمة "صنعاء". وما يثير المخاوف أنه رغم إعلان بدء عملية «السهم الذهبي» ودخولها المرحلة الثانية في النصف الثاني من أغسطس الماضي عبر تكثيف الغارات على مواقع الحوثيين في صنعاء، إلا أن المراقبين يرون أن السهم الذهبي الحقيقي، لم يبدأ فعليا خاصة أن القصف الجوى لن تكون له أي نتائج قوية على الأرض. أسباب التأخر في غضون ذلك يرى مراقبون أن ثمة أهداف وأسباب تقف وراء تأخر حسم تحرير صنعاء بحسب شؤون خليجية.
1- إضعاف جبهة تحالف الحوثي قد تكون التقديرات الميدانية لخطورة وكلفة تحرير صنعاء تنتظر مرحلة تكون فيها جبهة الحوثي وتحالفه في أضعف حالاتها في ظل تزايد توقع الانشقاقات فيها وبخاصة مع تقدم المقاومة في الجنوب، وذلك من أجل تقليل حجم الخسائر. وكان المحلل السياسي اليمني نجيب غلاب، قد توقع في تصريح صحفي أن "تنقلب الأجهزة الأمنية والمعسكرات في صنعاء على اللجنة الحوثية المحتلة للقصر الجمهوري، وأن تقوم بتحرير نفسها من المليشيا وتقوم باعتقال القيادات الحوثية المؤثرة وتعلن ولاءها للشرعية وتأييدها للمقاومة الشعبية والالتحام بها"، مع تفكك جبهة تحالف الحوثي صالح وبحث الأخير عن خروج آمن. وكان قد أعلن مسؤول يمني كبير في الجهاز الأمني والعسكري الذي يدير به الحوثيون البلاد انشقاقه عن السلطة الحوثية، مؤكداً أن جماعة الحوثي أصبحت على وشك الانهيار في العاصمة صنعاء.
2- انتظار تقدم المقاومة لأسباب ميدانية بحتة يشترط تحرير صنعاء خطوات ميدانية أولية وتمهيدية حيث أشارت مصادر عسكرية يمنية مؤخرًا إلى أن "قوات الجيش الوطني الموالي للشرعية تنتظر أوامر الجهات العليا في القيادة العسكرية، للتحرك نحو العاصمة صنعاء وتحريرها"، وأنه "من المقرر أن تلتقي قوة يقودها العميد ركن فضل حسن التي تمكنت من طرد آخر جيوب الحوثيين في لحج، خلال الأيام المقبلة، مع قوة أخرى يقودها العميد عبد الله الصبيحي تأتي عبر محور تعز، ومنها تنطلق القوتان اللتان يفوق قوامهما عشرات الآلاف، نحو صنعاء".أي أنه بدون تحرير المدن التي تشكل المدخل لصنعاء سيتأخر تحريرها لأسباب ميدانية. بدوره أكد رئيس هيئة الأركان اللواء ركن محمد المقدشي في تصريحات صحيفة أن الانطلاق لن يكون من مأرب أو تعز بل من كل اليمن، والاستعدادات الجارية لا تقتصر على مأرب بل على تعز والمخا وشبوة والحديدة وصعدة صنعاء وكل اليمن"، مؤكدًا أن الشرعية ستتواجد في كل اليمن وصولا إلى جبال صعدة في الأيام القليلة المقبلة.
3- ضغوط دولية وأمريكية يرى محللون أن للأمريكيين دور في تأخير تحرير تعز وصنعاء وتقديم الحلول السياسية لإنقاذ الحوثيين، حيث سبق للأمريكيين الضغط من قبل على التحالف بالتوقف في حدود عدن وعدم التقدم لتحرير العند ولحج وهو ما رفضه التحالف والسعودية لأن عدم تحرير العند يجعل عدن مهددة بالسقوط مرة أخرى في أي وقت، كما يجعل قوات التحالف في عدن تحت التهديد، ونجاحها بتحرير عدن معرض للانتكاسة وبالتالي يمكن نسف تلك الجهود وانعكاس ذلك على معنويات المقاومة في كل الجبهات. والضغوط الأمريكية اضطرت عبدالملك الحوثي لقبول حلول سياسية والاعتراف الجزئي والضمني بهزائم قواته بعدن، ولكن بحد تحرير قاعدة العند توقع الأمريكان والحوثيين وصالح أن ترتفع الأصوات الإعلامية للجنوبيين والمقاومة في عدن والضالع ولحج مطالبة بالانفصال وأنها ستتوقف عند ذلك إلا أنهم تفاجئوا بعدم وجود ذلك.
4- تقديم الحلول السياسية بالتزامن مع قرب تحرير صنعاء يتصاعد على التوازي الحديث عن الحلول والتسويات السياسية، فهي تقلل الخسائر البشرية والمادية والوقت كما أنها قد تعجل بإنهاء الحرب، مع الاحتفاظ بنصر معنوي إلى جانب أنها تكشف وجود خلاف مستتر على استمرار العمليات العسكرية ربما من أطراف إقليمية كإيران أو الإمارات أو الأممالمتحدة. كذلك تحدثت الحكومة اليمنية في السابق عن تقديم مبادرة سياسية لاستئناف العملية السياسية، والخروج باليمن إلى بر الأمان، عبر طرح آلية عمل تنفيذية، في ضوء قرار مجلس الأمن رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وأكدت حكومة هادي ومسؤولون بالإمارات عن أهمية الحلول السياسية من أجل المخرج الآمن للوطن وإعادة بناء الدولة المدنية.
5- الخلافات حول وحدة اليمن مع تأخر انطلاق معركة تحرير صنعاء تحدثت معلومات عن أن الإمارات تتخوف من تعاظم دور حزب "الإصلاح" فرع "الإخوان المسلمين" في اليمن، والمشارك بقوة في معارك "السهم الذهبي"، نتيجة اكتساح "المقاومة الشعبية" الجنوب وتقدمها في وسط البلاد. في المقابل، رفضت الخارجية الإماراتية "جملة وتفصيلاً" هذه الأنباء، وأكدت حرصها على يمن موحّد. وسيطر الحوثيون منذ العام الماضي، على معظم المحافظات اليمنية بالتحالف مع الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح عقب انقلابهم بقوة السلاح على شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. ويسعى الحوثيون إلى إخضاع بقية المحافظات اليمنية لسيطرتهم العسكرية، وخلال الأشهر الماضية لم يتمكن الحوثيون من تشكيل حكومة جديدة وسط الضربات الجوية للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. ويشن تحالف عسكري بقيادة السعودية حملة عسكرية في اليمن منذ مارس الماضي. وتقول السعودية إن الهدف هو القضاء على قوة الحوثيين العسكرية وإجبارهم على تسليم أسلحتهم والانسحاب من العاصمة صنعاء، وإعادة منصور هادي للرئاسة.