انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. الكشف المبدئي لمرشحي الأقصر    ننشر قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن دائرة محافظة دمياط    واشنطن تفرض عقوبات على الرئيس الكوبي ميجيل دياز كانيل    تمهيدا لصفقة كاريراس؟.. بنفيكا يضم ظهير ريال مدريد الشاب    بيع نهائي، لاعب الأهلي يخضع للكشف الطبي في الحزم السعودي خلال ساعات    أحمد سليمان يتحدث عن.. الدعم الجماهيري.. وشرط استمرار فيريرا    شقيق حامد حمدان: اللاعب يمر بحالة نفسية سيئة.. وانتقاله للزمالك حلم للشعب الفلسطيني    الأهلي يوافق على انتقال عبد القادر للحزم    الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم السبت 12 يوليو 2025    إخماد حريق في هيش ومخلفات بكورنيش النيل بحلوان دون إصابات    حميد الشاعرى يقدم باقة من أروع أغانيه على خشبة المسرح الرومانى بمارينا    التعليق الكامل لمنى الشاذلي على واقعة مها الصغير.. ماذا قالت؟    أمين الفتوى: يجوز الصلاة أثناء الأذان لكن الأفضل انتظاره والاقتداء بسنة النبي    حسام موافي يحذر من خطر المنبهات: القهوة تخل بكهرباء القلب    نهاية مأساوية على الرصيف.. مصرع سائق في حادث تصادم بقليوب    السيطرة على حريق داخل شقة سكنية بشبرا الخيمة    الأمم المتحدة: نزوح 150 ألفا من لاجئي «الروهينجا» إلى بنجلاديش    أسعار الفاكهة والموز والخوخ بالأسواق اليوم السبت 12 يوليو 2025    خام برنت يتجه لتسجيل مكاسب أسبوعية بنحو 1%    أحمد عبدالقادر يقترب من الرحيل لنادي خليجي بعد رفع العرض لمليون دولار (تفاصيل)    تعليمات هامة لطلاب الثانوية العامة أثناء اختبارات القدرات    عاجزة عن مواكبة العصر.. البياضي: لوائح الأحوال الشخصية للمسيحيين تعود ل 1904    د.محمود مسلم: جهود مصر مستمرة لإنهاء أزمة غزة ونقاط الخلاف بين حماس وإسرائيل لن يحسمها إلا ترامب    البنتاجون يؤكد إصابة قاعدة العديد بهجوم إيراني قلل ترامب من خطورته    السيطرة على حريق مصنع منظفات وكيماويات مدينة بدر وبدء عمليات التبريد    إصابة موظف بصعق كهربائى خلال تأدية عمله بقنا    ضبط 56 طن مواد بترولية بغرض الاتجار بها في السوق السوداء بسوهاج    ضمن خطة ترامب لخفض الإنفاق.. إقالة 1300 موظف في وزارة الخارجية الأمريكية    الأطفال تذهب لمن بعد الطلاق؟.. المستشار نجيب جبرائيل يكشف مفاجآت في قانون الأحوال ل المسيحيين (فيديو)    محمد عبلة: لوحاتي تعرضت للسرقة والتزوير.. وشككت في عمل ليس من رسمي    بسبب والده، حمادة هلال يعتذر بشكل مفاجئ عن حفل مراسي    رسميًا بعد تثبيت الفائدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 12 يوليو 2025    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    عاجل.. ارتفاع جديد لأسعار الذهب في مصر بدعم من صعود المعدن عالميًا    إنقاذ حياة سيدة وجنينها في سوهاج من انسداد كامل بضفيرة القلب    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم الخضر جنوب بيت لحم    كوميدي ألماني أمام القضاء بتهمة التحريض بعد تصريحاته حول محاولة اغتيال ترامب    زيلينسكي يعلن استئناف المساعدات العسكرية: تلقينا إشارات إيجابية من واشنطن وأوروبا    تحظى بالاحترام لشجاعتها.. تعرف على الأبراج القيادية    ولاء صلاح الدين تناقش تأثير الإعلان المقارن على المستهلك المصري في ماجستير إعلام القاهرة    «زي النهارده».. اندلاع ثورة الريف بقيادة عبدالكريم الخطابي 12 يوليو 1921    موعد ومكان عزاء المطرب الشعبي محمد عواد    تشكيل لجنة عليا لتوعية المواطنين بالتيسيرات الضريبية في الساحل الشمالي.. صور    بورنموث يضم بيتروفيتش من صفوف تشيلسي    سيراميكا يطلب من الأهلي 3 لاعبين مقابل رحيل شكري وهاني.. وريبيرو يرفض ترك «الطائر»    سعر طن الحديد الاستثمارى وعز والأسمنت بسوق مواد البناء السبت 12 يوليو 2025    قد يبدأ بصداع وينتشر أحيانًا لأجزاء أخرى بالجسم.. أعراض وأسباب الإصابة ب ورم في المخ بعد معاناة إجلال زكي    ارتفاع ضحايا حادث انقلاب ميكروباص في مصرف مائي بالمنوفية إلى 3 وفيات    نتيجة الدبلومات الفنية الدور الأول 2025 دبلوم السياحة والفنادق برقم الجلوس (الموعد والرابط)    قافلة طبية بدمياط تقدم خدمة علاجية ل 1216 مواطنًا في قرية العباسية    صحة قنا تستعد للتصدي للأمراض الوبائية الصيفية    احتفالية روحية في دير دلجا الأحد    محافظ بني سويف يتفقد موقف النجدة القديم بعد نقل أنشطته للمجمع الجديد    خريطة انقطاعات الكهرباء الأسبوع المقبل بمركز كفر شكر لإجراء أعمال صيانة    ما هي الحالات التي يُباح فيها للمصلي قطع الصلاة؟.. الإفتاء توضح    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟    خطيب المسجد النبوي يكشف عن شرطين لا يصح الإيمان إلا بهما    خريج "هندسة المنصورة" يحصد جائزة دولية من منظمة الموارد المائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزعيم والمقدّس والتفاهة المحضة
نشر في محيط يوم 29 - 09 - 2015

منذ أن وُلد المقدّس في التاريخ وُلد المحرّم. فهذا الأخير الذي سمّاه البولينيزيّون القدامى «تابو»، ومنهم استعارت الكلمةَ لغاتُ الأرض، هو السور الذي يسوّر المقدّس كي لا تُنزع عنه قدسيّته فيصير عاديّاً، يتجرّأ عليه من طاب له أن يتجرّأ.
وقد يصحّ القول إنّ العرب يعيشون اليوم رحيل المقدّس الذي كانه الزعيم السياسيّ، مع أنّ مُقدّسين آخرين يحاولون التصدّر وملء الفراغ الذي أحدثه موت الزعيم.
فالثورات والانتفاضات العربيّة، على بؤس المصائر التي انتهت إليها، إنّما كسرت المحرّم بوصفه السور الواقي للمقدّس وحرمته، بالتالي، وظيفته.
وأمرٌ كهذا انتظمَ سيرَه خطٌّ متدرّج: فمن جمال عبد الناصر إلى حافظ الأسد وصدّام حسين ومعمّر القذّافي، غدا التقديس في حاجة إلى تحريم أكبر، أي قمع أكثر، وفي الحالة الليبيّة، إلى رشوة ماليّة أكبر تشوب القمع وتتخلّله.
وهذا التراجع في قدسيّة المقدّس لم يكن مردّه الأوحد إلى الفارق الكاريزميّ بين عبد الناصر والآخرين. فالأصحّ، في المقابل، أنّ هذا الفارق الكاريزميّ هو نفسه نتاج الفارق بين الحقبتين.
فالحقبة الناصريّة كانت تختلط فيها الإنجازات الفعليّة، بدءاً بجلاء 1954، وأوهام الإنجازات ومزاعمها. هكذا أتت شعبويّتها الظافرة مسنودة إلى ما يمكن تصويره مكاسب للسكّان، وإلى اتّحاد سوفياتيّ اجترح كتلة جبّارة بعد الحرب العالميّة الثانية، وبها خرج إلى العالم ينافس ويقارع. وهذا ما جعل القيم التي يقول بها عبد الناصر ومجايلوه، كسوكارنو الإندونيسيّ ونيكروما الغانيّ، سلعة تقبل التداول أو عملة تتّسع لها سوق صرف العملات. وإذ تحالفت القداسة مع الظاهرة الجماهيريّة لما بعد الحرب العالميّة الثانية، وإذ استدعت الأولى الثانيةَ وسيّستها، بتنا في مسرح متواصل متعدّد المرايا. وكما في المسارح، يقلّ عدد الأبطال الممثّلين ويكثر تعداد المشاهدين المصفّقين. وكما في الصور، هناك صورة لواحد وهناك كثيرون ينظرون.
وقد ذكّرنا، يوم الأحد الماضي، الزميل وحيد عبد المجيد، على صفحات «تيّارات - الحياة»، بأغنية عبد الحليم حافظ الناصريّة: «صورة صورة صورة... كلّنا كده عايزين صورة... صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة».
لكنْ في الحقبة ما بعد الناصريّة، طغى غثّ الإنجازات طغياناً مبرماً على سمينها. وإذ دخل الاتّحاد السوفياتيّ وإيديولوجيّته ونموذجه طور التخشّب المديد، باتت أجهزة الأمن وحدها مَن يوفّر للقائد جماهيره، وللصورة الرانين إليها.
ولئن وفد آية الله الخمينيّ من خارج هذا المسار الانحداريّ، فقُدّم نفسه بوصفه المعصوم والبداية والنهاية، فهو كان ومضة سرعان ما انطفأت. ذاك أنّه لم تظهر في أوساط الإيمان السياسيّ زعامة كاريزميّة أخرى من عيار ناصريّ. أمّا الكاريزما التي رآها البعض في أسامة بن لادن فكانت وظيفته الإرهابيّة والخبيئة تحول دون اشتغالها الجماهيريّ المعلن.
وإذ حاول محمّد خاتمي أن يشكّل حالة محترمة ومتواضعة تكابد التوفيق بين أنماط الشرعيّات الدينيّة والزمنيّة، فإنّ الورثة الآخرين، لا سيّما منهم أحمدي نجاد، جعلوا المسألة كلّها لزوم ما لا يلزم.
وفي منطقتنا الآن، حيث زمننا العالميّ بوتينيّ، يغدو نقص المواصفات القياديّة أوّل مواصفات القيادة. وإذا كان بشّار الأسد شيخ طريقة في التراكم السالب هذا، فإنّ الطريقة تضمّ أتباعاً وتابعين آخرين يغطّون بلدان المشرق جميعاً. فالسلطة أمنٌ محض، بلا أيّ زعم إيديولوجيّ، ولو من العيار الذي عرفناه مع حافظ الأسد وصدّام والقذّافي. أمّا الاقتصاد فلم يعد معنيّاً، في جموحه النيوليبراليّ، لا بالإنجازات ولا حتّى بأكاذيبها.
وإذ ابتُذل المقدّس تفاهةً محضة، انحطّ التحريم إلى سويّة القتل المحض، فبتنا في عالم من التعميم والمشاع، بلا تقديس يقدّس ولا تحريم يحرّم.
نقلا عن " الحياة" اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.