كلمة الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    رئيس جامعة المنوفية يهنئ السيسي والشعب المصري بعيد تحرير سيناء ال42    السيسي: سيناء شاهدة على قوة وصلابة شعب مصر في دحر المعتدين والغزاة    مع قرب تطبيق التوقيت الصيفي.. هل تتغير مواقيت الصلاة؟    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 25 أبريل 2024    ختام فعاليات مبادرة «خير مزارعنا لأهالينا» في الكاتدرائية المرقسية    قطع المياه عن عدة مناطق في القاهرة الكبرى.. اعرف الأماكن والموعد    «الإسكان» تسترد 9587 متر مربع من الأراضي المتعدى عليها بالسويس الجديدة    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط    الشرطة الأمريكية: توقيف 93 شخصا خلال تظاهرة داعمة لغزة في جامعة في لوس أنجليس    خبير شؤون أمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    بعثة الزمالك تطير إلى غانا استعداداً لمواجهة دريمز في الكونفدرالية    باريس سان جيرمان يتحرك لضم نجم برشلونة في الميركاتو الصيفي    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن    «الأرصاد»: انكسار الموجة الحارة اليوم.. والعظمى على القاهرة الكبرى تسجل 36 درجة    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بمحاور القاهرة والجيزة    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. اعرف جدول تشغيل جميع الخطوط    بيع لوحة فنية للرسام النمساوي جوستاف كليمت بمبلغ 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للمستشفيات: مصر تشهد تطورا في الرعاية الصحية    «الصحة»: تنفيذ 35 مشروعا بالقطاع الطبي في سيناء منذ 2014    لأول مرة .. أمريكا تعلن عن إرسالها صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا    في حماية الاحتلال.. مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى    احتجاجات طلابية في مدارس وجامعات أمريكا تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة    بينهم 3 أشقاء.. إصابة 9 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص مع ربع نقل في أسيوط    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بجمعة ختام الصوم غدا| تفاصيل وطقس اليوم    عيد تحرير سيناء.. جهود إقامة التنمية العمرانية لأهالي أرض الفيروز ومدن القناة    6 كلمات توقفك عن المعصية فورا .. علي جمعة يوضحها    حكم الحج بدون تصريح بعد أن تخلف من العمرة.. أمين الفتوى يجيب    تفاصيل اجتماع أمين صندوق الزمالك مع جوميز قبل السفر إلى غانا    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    «الجمهورية»: الرئيس السيسي عبر بسيناء عبورا جديدا    عائشة بن أحمد تتالق في أحدث ظهور عبر إنستجرام    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر سيتي وبرايتون اليوم    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    الشرطة الأمريكية تعتقل عددًا من الطلاب المؤيدين لفلسطين بجامعة كاليفورنيا.. فيديو    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    بالصور.. نجوم الفن يشاركون في تكريم «القومي للمسرح» للراحل أشرف عبد الغفور    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    عضو بالشيوخ يطالب بالمساهمة في إمداد مركز طب الأسرة بدمياط بالمستلزمات    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    "في العاصمة الإدارية".. مصر تستضيف كأس العالم للأندية لكرة اليد لمدة 3 سنوات    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    منسق مبادرة مقاطعة الأسماك في بورسعيد: الحملة امتدت لمحافظات أخرى بعد نجاحها..فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزعيم والمقدّس والتفاهة المحضة
نشر في محيط يوم 29 - 09 - 2015

منذ أن وُلد المقدّس في التاريخ وُلد المحرّم. فهذا الأخير الذي سمّاه البولينيزيّون القدامى «تابو»، ومنهم استعارت الكلمةَ لغاتُ الأرض، هو السور الذي يسوّر المقدّس كي لا تُنزع عنه قدسيّته فيصير عاديّاً، يتجرّأ عليه من طاب له أن يتجرّأ.
وقد يصحّ القول إنّ العرب يعيشون اليوم رحيل المقدّس الذي كانه الزعيم السياسيّ، مع أنّ مُقدّسين آخرين يحاولون التصدّر وملء الفراغ الذي أحدثه موت الزعيم.
فالثورات والانتفاضات العربيّة، على بؤس المصائر التي انتهت إليها، إنّما كسرت المحرّم بوصفه السور الواقي للمقدّس وحرمته، بالتالي، وظيفته.
وأمرٌ كهذا انتظمَ سيرَه خطٌّ متدرّج: فمن جمال عبد الناصر إلى حافظ الأسد وصدّام حسين ومعمّر القذّافي، غدا التقديس في حاجة إلى تحريم أكبر، أي قمع أكثر، وفي الحالة الليبيّة، إلى رشوة ماليّة أكبر تشوب القمع وتتخلّله.
وهذا التراجع في قدسيّة المقدّس لم يكن مردّه الأوحد إلى الفارق الكاريزميّ بين عبد الناصر والآخرين. فالأصحّ، في المقابل، أنّ هذا الفارق الكاريزميّ هو نفسه نتاج الفارق بين الحقبتين.
فالحقبة الناصريّة كانت تختلط فيها الإنجازات الفعليّة، بدءاً بجلاء 1954، وأوهام الإنجازات ومزاعمها. هكذا أتت شعبويّتها الظافرة مسنودة إلى ما يمكن تصويره مكاسب للسكّان، وإلى اتّحاد سوفياتيّ اجترح كتلة جبّارة بعد الحرب العالميّة الثانية، وبها خرج إلى العالم ينافس ويقارع. وهذا ما جعل القيم التي يقول بها عبد الناصر ومجايلوه، كسوكارنو الإندونيسيّ ونيكروما الغانيّ، سلعة تقبل التداول أو عملة تتّسع لها سوق صرف العملات. وإذ تحالفت القداسة مع الظاهرة الجماهيريّة لما بعد الحرب العالميّة الثانية، وإذ استدعت الأولى الثانيةَ وسيّستها، بتنا في مسرح متواصل متعدّد المرايا. وكما في المسارح، يقلّ عدد الأبطال الممثّلين ويكثر تعداد المشاهدين المصفّقين. وكما في الصور، هناك صورة لواحد وهناك كثيرون ينظرون.
وقد ذكّرنا، يوم الأحد الماضي، الزميل وحيد عبد المجيد، على صفحات «تيّارات - الحياة»، بأغنية عبد الحليم حافظ الناصريّة: «صورة صورة صورة... كلّنا كده عايزين صورة... صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة».
لكنْ في الحقبة ما بعد الناصريّة، طغى غثّ الإنجازات طغياناً مبرماً على سمينها. وإذ دخل الاتّحاد السوفياتيّ وإيديولوجيّته ونموذجه طور التخشّب المديد، باتت أجهزة الأمن وحدها مَن يوفّر للقائد جماهيره، وللصورة الرانين إليها.
ولئن وفد آية الله الخمينيّ من خارج هذا المسار الانحداريّ، فقُدّم نفسه بوصفه المعصوم والبداية والنهاية، فهو كان ومضة سرعان ما انطفأت. ذاك أنّه لم تظهر في أوساط الإيمان السياسيّ زعامة كاريزميّة أخرى من عيار ناصريّ. أمّا الكاريزما التي رآها البعض في أسامة بن لادن فكانت وظيفته الإرهابيّة والخبيئة تحول دون اشتغالها الجماهيريّ المعلن.
وإذ حاول محمّد خاتمي أن يشكّل حالة محترمة ومتواضعة تكابد التوفيق بين أنماط الشرعيّات الدينيّة والزمنيّة، فإنّ الورثة الآخرين، لا سيّما منهم أحمدي نجاد، جعلوا المسألة كلّها لزوم ما لا يلزم.
وفي منطقتنا الآن، حيث زمننا العالميّ بوتينيّ، يغدو نقص المواصفات القياديّة أوّل مواصفات القيادة. وإذا كان بشّار الأسد شيخ طريقة في التراكم السالب هذا، فإنّ الطريقة تضمّ أتباعاً وتابعين آخرين يغطّون بلدان المشرق جميعاً. فالسلطة أمنٌ محض، بلا أيّ زعم إيديولوجيّ، ولو من العيار الذي عرفناه مع حافظ الأسد وصدّام والقذّافي. أمّا الاقتصاد فلم يعد معنيّاً، في جموحه النيوليبراليّ، لا بالإنجازات ولا حتّى بأكاذيبها.
وإذ ابتُذل المقدّس تفاهةً محضة، انحطّ التحريم إلى سويّة القتل المحض، فبتنا في عالم من التعميم والمشاع، بلا تقديس يقدّس ولا تحريم يحرّم.
نقلا عن " الحياة" اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.