الأوقاف تفتتح 8 مساجد اليوم الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله    الجرام يسجل 5280 جنيها.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة بعد قرار البنك المركزي    حماس: تصريحات نتنياهو تؤكد نيته بوضع العراقيل .. وشهداء إثر قصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين    ترامب: سنرسل أسلحة إلى "الناتو" لأجل أوكرانيا وسأصدر تصريحات مهمة بشأن روسيا قريبًا    خطوة أولى نحو المساءلة، الناشط محمود خليل يقاضي إدارة ترامب ويطالب بتعويض ضخم    مسؤول إسرائيلي: اليورانيوم الإيراني نجا من الهجمات الأمريكية    تردد قناة MBC Action hd الناقلة لمباراة نهائي كأس العالم للأندية 2025    ممدوح عباس: المدير الرياضي المسؤول الأول والأخير عن الصفقات    نجم الأهلي لمصراوي: "زيزو ضربة موجعة للزمالك.. وخطأ كبير يسألون عنه"    رسميًا.. توتنهام هوتسبير يضم محمد قدوس بعقد طويل الأمد    «مش عايزين نقول الأهلي اللي عملك».. تعليق ناري من طارق يحيى بشأن أزمة وسام أبوعلي    في جولة داخل المبنى، حجم الأضرار بسنترال رمسيس بعد تجدد اشتعال النيران (فيديو وصور)    سائق توك توك يشرع في قتل زوج شقيقته بسبب مبلغ مالي بسوهاج    وفاة طالب هندسة إثر سقوطه من سيارة خلال نقل منقولات زفاف بالفيوم    «الطقس× أسبوع».. شديد الحرارة والرطوبة والأرصاد تحذر من الشبورة والرياح بالمحافظات    السيطرة على حريق في مصنع كيما أسوان    تحرك برلماني عاجل بسبب تجدد اشتعال النيران في سنترال رمسيس    الصحة: ولادة توأم ملتصق من الصدر والبطن بنجاح في مستشفى الفيوم العام    اختراق علمي، دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لسنوات    "الإخوان المسلمون" : لا صلة لنا ب"حسم" ونلتزم بالعمل السلمي في مواجهة الانقلاب    باسم مرسي: فيريرا كان له دور كبير في مسيرتي وتعرضت للظلم مع المنتخب    أول تعليق من وائل القباني بعد غيابه عن تكريم الزمالك للرمادي وجهازه    سجل الآن، موقع التنسيق يفتح باب التسجيل لاختبارات القدرات    الجبهة الوطنية بالبحيرة يناقش استعدادات الحزب لانتخابات مجلس الشيوخ    «الوطنية للصحافة»: بدل التدريب والتكنولوجيا عن شهر يولية 2025 الاثنين المقبل    إعلام إسرائيلي: مقتل جندي ثان متأثرًا بجراحه إثر تفجير مبنى مفخخ في خان يونس    تنسيق الجامعات 2025، ضوابط وقواعد أداء اختبارات القدرات بكلية علوم الرياضة    عاجل.. " المركزي "يثبت أسعار الفائدة لدعم استقرار التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي.. البيان كاملًا    فوجئ بطفل في أحضانه، عمرو دياب يتألق خلال حفل جدة ويبهر الجمهور بكلاسكياته ورقصه (فيديو)    منة عرفة تنشر إطلالات جريئة مختلفة على البحر من إجازتها الصيفية والجمهور يعلق    84.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات نهاية الأسبوع    مصر للطيران للشحن الجوي تستقبل طائرتي «أنتونوف» عملاقتين    طريقة عمل البان كيك، لإفطار خفيف ومغذي في الصيف    نجاح ولادة نادرة لتوأمين ملتصقين بمستشفى الفيوم العام    "بيان حسم".. محاولة بث الحياة في تنظيم ميت    ذعر جديد في رمسيس.. حريق جزئي داخل السنترال يعيد كابوس الانقطاع    لماذا تجددت النيران مرة أخرى فى سنترال رمسيس؟.. خبير تقنى يجيب    مجلس إدارة الزمالك يشكر الجنايني وإمام وميدو    وزير الري: مصر تأثرت بملء السد الإثيوبي والأمطار خففت حدة الأزمة    5 أبراج «أمهم داعيالهم».. مجتهدون لكن الأبواب تُفتح أمامهم ويجنون مالًا أكثر    أحمد السقا يرد على الشائعات: «أنا سليم وتقدروا تكشفوا عليّ» (فيديو)    مدحت العدل يحيي ذكرى وفاة شقيقه سامي العدل ب"قصيدة حب"    لماذا حرم الله الربا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم من حج ولم يزر قبر النبي صلى الله عليه وسلم .. أمين الفتوى يٌجيب    سعر البطيخ والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 11 يوليو 2025    انطلاق معرض «ديارنا» للمنتجات البيئية اليدوية في مطروح.. صور    أخبار × 24 ساعة.. البنك المركزى يقرر تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض    لبنان.. توغل جرافات إسرائيلية جنوب بلدة عديسة    رسميا بعد قرار المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 11 يوليو 2025    طائرات بدون طيار وصواريخ.. القصف الروسى لأوكرانيا عرض مستمر    ما حكم إفشاء الأسرار الزوجية؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    خالد الجندي: إذا خاطب الله عبده يوم القيامة فهو في دائرة الأمن والأمان    ساويرس و3 آخرين .. هؤلاء يملكون ثروة تعادل ممتلكات نصف سكان القارة السمراء    لماذا نحتاج إلى الثقافة (9).. عندما تغيب ثقافتنا نتوهم فوز الآخر    «بعد 25 سنة بالقائمة الحمراء».. القصة الكاملة لإعادة موقع أبو مينا الأثري لسجل التراث العالمي باليونسكو    خبير اقتصادي صيني: تسريبات ترامب "دعائية".. والصين ترفض الهزيمة الروسية    تعزز صحة الكبد- 3 توابل أضفها إلى طعامك    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزعيم والمقدّس والتفاهة المحضة
نشر في محيط يوم 29 - 09 - 2015

منذ أن وُلد المقدّس في التاريخ وُلد المحرّم. فهذا الأخير الذي سمّاه البولينيزيّون القدامى «تابو»، ومنهم استعارت الكلمةَ لغاتُ الأرض، هو السور الذي يسوّر المقدّس كي لا تُنزع عنه قدسيّته فيصير عاديّاً، يتجرّأ عليه من طاب له أن يتجرّأ.
وقد يصحّ القول إنّ العرب يعيشون اليوم رحيل المقدّس الذي كانه الزعيم السياسيّ، مع أنّ مُقدّسين آخرين يحاولون التصدّر وملء الفراغ الذي أحدثه موت الزعيم.
فالثورات والانتفاضات العربيّة، على بؤس المصائر التي انتهت إليها، إنّما كسرت المحرّم بوصفه السور الواقي للمقدّس وحرمته، بالتالي، وظيفته.
وأمرٌ كهذا انتظمَ سيرَه خطٌّ متدرّج: فمن جمال عبد الناصر إلى حافظ الأسد وصدّام حسين ومعمّر القذّافي، غدا التقديس في حاجة إلى تحريم أكبر، أي قمع أكثر، وفي الحالة الليبيّة، إلى رشوة ماليّة أكبر تشوب القمع وتتخلّله.
وهذا التراجع في قدسيّة المقدّس لم يكن مردّه الأوحد إلى الفارق الكاريزميّ بين عبد الناصر والآخرين. فالأصحّ، في المقابل، أنّ هذا الفارق الكاريزميّ هو نفسه نتاج الفارق بين الحقبتين.
فالحقبة الناصريّة كانت تختلط فيها الإنجازات الفعليّة، بدءاً بجلاء 1954، وأوهام الإنجازات ومزاعمها. هكذا أتت شعبويّتها الظافرة مسنودة إلى ما يمكن تصويره مكاسب للسكّان، وإلى اتّحاد سوفياتيّ اجترح كتلة جبّارة بعد الحرب العالميّة الثانية، وبها خرج إلى العالم ينافس ويقارع. وهذا ما جعل القيم التي يقول بها عبد الناصر ومجايلوه، كسوكارنو الإندونيسيّ ونيكروما الغانيّ، سلعة تقبل التداول أو عملة تتّسع لها سوق صرف العملات. وإذ تحالفت القداسة مع الظاهرة الجماهيريّة لما بعد الحرب العالميّة الثانية، وإذ استدعت الأولى الثانيةَ وسيّستها، بتنا في مسرح متواصل متعدّد المرايا. وكما في المسارح، يقلّ عدد الأبطال الممثّلين ويكثر تعداد المشاهدين المصفّقين. وكما في الصور، هناك صورة لواحد وهناك كثيرون ينظرون.
وقد ذكّرنا، يوم الأحد الماضي، الزميل وحيد عبد المجيد، على صفحات «تيّارات - الحياة»، بأغنية عبد الحليم حافظ الناصريّة: «صورة صورة صورة... كلّنا كده عايزين صورة... صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة».
لكنْ في الحقبة ما بعد الناصريّة، طغى غثّ الإنجازات طغياناً مبرماً على سمينها. وإذ دخل الاتّحاد السوفياتيّ وإيديولوجيّته ونموذجه طور التخشّب المديد، باتت أجهزة الأمن وحدها مَن يوفّر للقائد جماهيره، وللصورة الرانين إليها.
ولئن وفد آية الله الخمينيّ من خارج هذا المسار الانحداريّ، فقُدّم نفسه بوصفه المعصوم والبداية والنهاية، فهو كان ومضة سرعان ما انطفأت. ذاك أنّه لم تظهر في أوساط الإيمان السياسيّ زعامة كاريزميّة أخرى من عيار ناصريّ. أمّا الكاريزما التي رآها البعض في أسامة بن لادن فكانت وظيفته الإرهابيّة والخبيئة تحول دون اشتغالها الجماهيريّ المعلن.
وإذ حاول محمّد خاتمي أن يشكّل حالة محترمة ومتواضعة تكابد التوفيق بين أنماط الشرعيّات الدينيّة والزمنيّة، فإنّ الورثة الآخرين، لا سيّما منهم أحمدي نجاد، جعلوا المسألة كلّها لزوم ما لا يلزم.
وفي منطقتنا الآن، حيث زمننا العالميّ بوتينيّ، يغدو نقص المواصفات القياديّة أوّل مواصفات القيادة. وإذا كان بشّار الأسد شيخ طريقة في التراكم السالب هذا، فإنّ الطريقة تضمّ أتباعاً وتابعين آخرين يغطّون بلدان المشرق جميعاً. فالسلطة أمنٌ محض، بلا أيّ زعم إيديولوجيّ، ولو من العيار الذي عرفناه مع حافظ الأسد وصدّام والقذّافي. أمّا الاقتصاد فلم يعد معنيّاً، في جموحه النيوليبراليّ، لا بالإنجازات ولا حتّى بأكاذيبها.
وإذ ابتُذل المقدّس تفاهةً محضة، انحطّ التحريم إلى سويّة القتل المحض، فبتنا في عالم من التعميم والمشاع، بلا تقديس يقدّس ولا تحريم يحرّم.
نقلا عن " الحياة" اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.