واشنطن تنفي دعمها إقامة كيان منفصل لقوات سوريا الديمقراطية    استشهاد 4 وإصابة 10 في قصف على حي التفاح بغزة    "هل اقترب من الزمالك؟".. نجم الأهلي يثير الجدل بهذا المنشور    تاريخ مواجهات باريس سان جيرمان وتشيلسي قبل نهائي كأس العالم للأندية    بالذكاء الاصطناعي.. أول صورة أعلنت بها زوجة النني الثانية ارتباطهما    حريق هائل يلتهم منطقة زراعات قرب "ركن فاروق" بحلوان- صور    كل ما يخص نتيجة الدبلوم الصناعي 2025.. رابط مباشر وأسماء الكليات والمعاهد المتاحة للطلاب    نجيب جبرائيل: الزواج العرفي لا يُعد زواجًا بل «زنا صريح» في المسيحية (فيديو)    قرار جديد بشأن مادة التربية الدينية.. رفع نسبة النجاح وتعديل عدد الحصص في العام الدراسي المقبل    ارتفاع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات السبت 12 يوليو 2025    سعر الذهب اليوم السبت 12 يوليو 2025 بعد الارتفاع العالمي وعيار 21 بالمصنعية    مواعيد مباريات اليوم السبت 12-7-2025 والقنوات الناقلة    «كشف أسرار الزمالك».. أيمن عبد العريز يفتح النار على وائل القباني    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز اليوم السبت 12 -7-2025 ب أسواق الشرقية    نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. الموعد الرسمي وطرق الاستعلام لجميع التخصصات بنظامي 3 و5 سنوات    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    يستخدمه المصريون بكثرة، تحذير عاجل من مكمل غذائي شهير يسبب تلف الكبد    التضامن ترد على تصريحات منسوبة للوزيرة مايا مرسي بشأن إعادة إحياء التكية    شقيقه: حامد حمدان يحلم بالانتقال للزمالك    تحقيق أولي: انقطاع الوقود عن محركي طائرة الخطوط الجوية الهندية قبل لحظات من تحطمها    انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية    الحكومة الموريتانية تنفى لقاء الرئيس الغزوانى بنتنياهو فى واشنطن    النيران وصلت إلى عنان السماء، حريق هائل في هيش ومخلفات بكورنيش النيل بحلوان (فيديو)    هشام عباس يشارك فى افتتاح المسرح الرومانى بدويتو مع الشاعرى    تامر حسني يُشعل الرياض في أضخم حفل على هامش كأس العالم للألعاب الإلكترونية.. وأغنية "السح الدح امبوه" مفاجأة تثير الجدل!    غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك    مانشستر سيتي: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد    وكالة أنباء كوريا الشمالية: وزير خارجية روسيا يصل إلى بيونج يانج    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    أحمد عبدالقادر ينتقل إلى الحزم السعودي مقابل مليون دولار    انتخابات مجلس الشيوخ 2025| الكشف المبدئي للمرشحين عن دائرة الإسماعيلية    أحمد سليمان يتحدث عن.. الدعم الجماهيري.. وشرط استمرار فيريرا    ننشر قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن دائرة محافظة دمياط    أمين الفتوى: يجوز الصلاة أثناء الأذان لكن الأفضل انتظاره والاقتداء بسنة النبي    التعليق الكامل لمنى الشاذلي على واقعة مها الصغير.. ماذا قالت؟    حسام موافي يحذر من خطر المنبهات: القهوة تخل بكهرباء القلب    السيطرة على حريق داخل شقة سكنية بشبرا الخيمة    السيطرة على حريق في هيش وحشائش بكورنيش حلوان    نهاية مأساوية على الرصيف.. مصرع سائق في حادث تصادم بقليوب    محمد عبلة: لوحاتي تعرضت للسرقة والتزوير.. وشككت في عمل ليس من رسمي    خام برنت يتجه لتسجيل مكاسب أسبوعية بنحو 1%    تعليمات هامة لطلاب الثانوية العامة أثناء اختبارات القدرات    عاجزة عن مواكبة العصر.. البياضي: لوائح الأحوال الشخصية للمسيحيين تعود ل 1904    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    إصابة موظف بصعق كهربائى خلال تأدية عمله بقنا    ضبط المتهمين باحتجاز شخصين داخل شقة في بولاق الدكرور    إنقاذ حياة سيدة وجنينها في سوهاج من انسداد كامل بضفيرة القلب    تشكيل لجنة عليا لتوعية المواطنين بالتيسيرات الضريبية في الساحل الشمالي.. صور    تحظى بالاحترام لشجاعتها.. تعرف على الأبراج القيادية    ولاء صلاح الدين تناقش تأثير الإعلان المقارن على المستهلك المصري في ماجستير إعلام القاهرة    كوميدي ألماني أمام القضاء بتهمة التحريض بعد تصريحاته حول محاولة اغتيال ترامب    زيلينسكي يعلن استئناف المساعدات العسكرية: تلقينا إشارات إيجابية من واشنطن وأوروبا    قد يبدأ بصداع وينتشر أحيانًا لأجزاء أخرى بالجسم.. أعراض وأسباب الإصابة ب ورم في المخ بعد معاناة إجلال زكي    صحة قنا تستعد للتصدي للأمراض الوبائية الصيفية    خريطة انقطاعات الكهرباء الأسبوع المقبل بمركز كفر شكر لإجراء أعمال صيانة    محافظ بني سويف يتفقد موقف النجدة القديم بعد نقل أنشطته للمجمع الجديد    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟    جامعة حلوان توجه إرشادات مهمة لطلاب الثانوية الراغبين في الالتحاق بالفنون التطبيقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤرخ خالد فهمى يحلل كتاب "الزحف المقدس".. وكيف تأخر 28 يناير أربعين عامًا
نشر في بوابة الأهرام يوم 25 - 04 - 2013

على بعد مئات الأمتار من تظاهرات مؤيدي القضاة، قبيل انعقاد جمعيتهم العمومية الطارئة رافعين صورًا للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، في مفارقة كبرى إذ كان عبد الناصر -بحسب مؤرخين عدة- كان أول من قام بما عرف ب"مذابح القضاة" التي احتلت جزءًا لا بأس به من كتاب المؤرخ شريف يونس "استقلال القضاء" 2007، جلس المؤرخ خالد فهمي ليناقش كتاب يونس الأخير "الزحف المقدس.. مظاهرات التنحي وتشكل عبادة ناصر".
وأعيد طبع كتاب "الزحف المقدس" مؤخراً، وينشغل بتحليل مفارقة فريدة في التاريخ، حين خرجت الجماهير يومي 9، و10 يونيو 1967 تأييداً للقائد جمال عبد الناصر هاتفين بحياته رغم هزيمته حينها.
وفي استعراضه لكتاب يونس، الأستاذ بجامعة حلوان، قال فهمي إن الكتاب يحلل الأيديولوجية الناصرية، عبر التركيز علي مظاهرات التنحي التي خرجت يوم 9 و10 يونيو تطالب الرئيس جمال عبد الناصر عن العدول عن قرار تنحيه.
ويبدأ يونس الكتاب برفض التفسيرين التقليديين، لخروج تلك المظاهرات، الأولي الذي يقول إنها خرجت عفوياً، والثاني الذي يقول بأنها معبأة من قبل النظام، وبدلاً من الاستسلام لهذين الطرحين، اللذين يراهما يونس على أنهما يدوران في فلك الخطاب الناصري، ويحاول أن يحلل الأحداث.
ولكي يفهم يونس تلك المظاهرات، يعود إلى العام 1954 مع تولي ناصر للحكم ولا يتوقف سوى عند 28 سبتمبر 1970، مع وفاة ناصر، التي ربما لم تكن علامة على انتهاء حقبة كما يبدو. ويأخذنا يونس في رحلة عبر هذه الأعوام لمعرفة كيف تحول الشعب إلي هذا القطيع، محللاً مفردات الخطاب الناصري، ومفاهيمه عن الثورة والجيش كطليعة ثورية.
وفي سبيل ذلك، يقوم شريف يونس بتحليل مقتطفات من خطابات الكتاب الأشهر في عهد ناصر، أمثال مصطفى محمود وإحسان عبد القدوس، والتي يمتدحون فيها ناصر بشكل لا مثيل له، ويقول فهمي إن هدف يونس من هذا ليس فضح تلك الخطابات أو إظهار أن ما فيها نفاق من عدمه، ولكنه يرصد في تلك الخطابات جملة من المشاعر والأفكار التي سادت وسيدت في آن واحد ويحاول فهم كيف سادت هذه الأفكار وتم تسييدها في المجتمع ككل، الذي قادته الناصرية التي أنتجت هزيمة مروعة بكل المقاييس، هزيمة يونيو 1967 التي لطالما رآها فهمي، كهزيمة لمجتمع وانهياراً لقيم وليست فقط هزيمة عسكرية أو سياسية.
وتمثل مظاهرات التنحي مفارقة كبرى، بنظر فهمي، إذ تمثل حادثة فريدة في التاريخ، فمع هزائم بحجم يونيو 1967 والتي انتهي بعدها 90% من عتاد الجيش المصري، ودمر سلاح طيرانه في 20 دقيقة، ما ينتظر المرء حدوثه بعد ذلك هو انقلاب قصر أو ثورة، أما أن تخرج الجماهير لتؤيد وتهتف بحياة القائد المهزوم المعترف بهزيمته فهذه حادثة تحتاج لتوقف.
من ضمن النقاط المركزية بالكتاب الذي لا تتعدى صفحاته المائتي صفحة، ويمثل جزءاً من مشروع يونس الأكبر، وهو "نداء الشعب"، الذي ضمنه أطروحته للدكتوراه وقدمت تاريخاً نقدياً للأيديولوجية الناصرية، تحليل يونس لخطاب التنحي، الذي يعتبر خطاب استقالة.
يرى يونس كما سرد فهمي، أن الخطاب الذي كتب بحرفية عالية، أريد به أن يؤدي لمظاهرات التنحي، ليس عبر تقنية الكتابة فقط ولكنه عبر كونه خطاباً موجها، فالمفترض في خطابات الاستقالات الرئاسية ألا تكون موجهة للشعب، ولكن تقدم للبرلمان، لكن ما حدث أن الخطاب أذيع للناس، وجاء طويلاً بأكثر مما يحتمل خطاب استقالة ما يوحي أنه ليس بخطاب شخص يخرج ليقول إنه راحل.
وأخيراً جاء الخطاب بعد أن حدثت الهزيمة والدولة في حالة شلل تام، ولا أحد يتصرف أو يأخذ موقفا أو يتحدث، فقط الزعيم ناصر هو من يظهر على الساحة ليخاطب الشعب، ولا يجد الشعب أحداً سواه.
خلق الخطاب حالة وجودية كان حلها النزول للشارع ومطالبة ناصر بالعدول عن الاستقالة في حداثة فريدة يخرج فيها الناس لمنح قائد مهزوم قبلة الحياة.
يمثل الكتاب مدخلاً جديداً لفهم حقبة كاملة، هي الحقبة الناصرية، عبر تحليل خطاب تلك الحقبة، التي لم تكن في النهاية كما يرى فهمي سوى خطاب، وإنجازها الحقيقي هو في إنجاز هذا الخطاب الذي كانت كارثة النظام الناصري أنه أصبح أسيراً لهذا النظام ولم يستطع الإفلات منه أو التراجع عنه حتى وهو يدرك أنه مقدم على مواجهة عسكرية هو ليس مستعداً لها على أقل تقدير.
لا يتعلق الخطأ في الناصرية، بشخص ناصر، ولكن بعبادة الفرد التي كرسها النظام وتعود أصولها لما قبله، من الحقبة التي تعرف في التاريخ الحديث بالحقبة الليبرالية، والتي تبدأ مع العام 1923.
ويقول شريف يونس، إن الأمر بالنسبة له لم يكن أن نظام ناصر نظام ديكتاتوري، فالديكتاتوريات كثر، ولكن المعضلة كيف أن تلك الديكتاتورية حصلت علي شعبية غير مسبوقة التف حولها الجمهور ووصلت ذروتها مع خروج الناس لتأييد نظام تلقى ضربة قاصمة لتمنحه القوة مرة أخرى.
تكمن المشكلة في نمط شرعية النظام، ليس نظام ناصر أو دولة يوليو فحسب، ولكن الشرعية التي أسست عليها الدولة المصرية الحديثة، وتكبح هذه الأزمة داخلياً كل القوى الاجتماعية وتمنعها من إحداث تغيير اجتماعي أو سياسي. بني نظام ناصر شرعيته بإخراس كل الأصوات ليسود ويتغلب هو، ويقودنا إلي مشاهد كانت مجملها زحفاً نحو الهاوية.
اختتم شريف يونس، حديثه بأن ما كان يجب أن يحدث في 9 و10 يونيو حدث يوم 28 يناير 2011، حين خرجت الجماهير لا لتؤيد زعيماً مهزوماً ولكن لتكسر سلطة متجبرة، ربما أتي هذا اليوم متأخراً، حوالي 40 عاماً لكنه فتح الطريق ربما أمام بناء شرعية مختلفة تخرج بنا من تلك الأزمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.