"عندما انطلقت حملة المقاطعة العالمية عام 2005، لم يكن لها هذا الوقع، ولا نخفي أنها واجهت بعضاً من التجاهل والسخرية، لكن كرة الثلح تدحرجت خلال عشر سنوات، وإذ بالحملة تتنامي وتشكّل خطراً حقيقاً، وإستراتيجاً على إسرائيل".. هكذا رأى الأكاديمي الفلسطيني حيدر عيد عضو الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية الثقافية لإسرائيل، المسار الذي تتقدم فيه "الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها"، والمعروفة اختصارا ب"BDS"، نحو أهدافها بفرض العزلة السياسية والاقتصادية والأكاديمية على دولة الاحتلال، خلال الأعوام القليلة القادمة. المقاطعة العالمية وخطرها وأرجع عيد تنامي حملة المقاطعة العالمية لإسرائيل، وتجاوب عدة دول أوروربية ومنظمات حقوقية معها، إلى "الحروب الثلاثة التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة، منذ أواخر العام 2008 وحتى صيف 2014، بالإضافة إلى الانتهاكات الإنسانية لإسرائيل بالضفة الغربية، الأمر الذي استقطب تعاطف المجتمع الدولي معها". وأوضح عيد أن "الحملة تتبنى حقوق الفلسطينيين الإنسانية وحقّهم في الوجود"، مشدداً على أنها "لا تتبنى أي حل سياسي، فالمنظمات الدولية، والمجتمعات الغربية تتعاطف مع الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني، وهذا كان مبدأ الحملة، لكن إن قامت الحملة على حلول سياسية فإنها تخلق إشكاليات كثيرة كإشكالية حل الدولة، أو حل الدولتين، وبالتالي لن نجد التعاطف الموجود حاليا تجاه الشعب الفلسطيني، والغضب الحالي على إسرائيل". وتوقع أن حملة المقاطعة العالمية لإسرائيل "ستقودها نحو العزلة، لأن الحكومة الإسرائيلية لازالت تتبع سياساتها الاضطهادية ضد الشعب الفلسطيني، وتسلبه حقوقه". واعتبر تقرير صادر أمس الإثنين عن لجنة الأممالمتحدة للتحقيق بشأن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة عام 2014، أن تلك الحرب شهدت ما يمكن اعتباره "جرائم حرب"، موضحًا أن انتهاكات حقوق الإنسان التي تقترفها إسرائيل في غزة والضفة الغربية، "لا تزال بدون عقاب أو مساءلة"، وأن دولة الاحتلال قد "شنت أكثر من 6 آلاف غارة جوية على غزة العام الماضي، وحوالي 50 ألف هجوم بالأسلحة الثقيلة، قتل جراؤها نحو 1462 فلسطينيًا ثلثهم من الأطفال، خلال شهرين فقط". وفي تعليقه على تقرير الأممالمتحدة، اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "خاطئ، ومنحاز ضد إسرائيل"، كما حذر في تصريحات سابقة أن الهدف النهائي للحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل هو "القضاء" عليها، مطالباً المجتمع الدولي ب"الكف عن إعطاء جواز عبور للفلسطينيين". ولفت رامي عبده رئيس المرصد الأورومتوسطي في قطاع غزة، إلى أن "خطر الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل لا يقتصر على الخسائر الاقتصادية، إنما تظهر إسرائيل بصورتها السلبية أمام المجتمعات الدولية، وتُذكّر بحق الشعب الفلسطيني المسلوب". وبيّن أن "حركة المقاطعة العالمية تُحرج الجانب الإسرائيلي في المحافل الدولية والغربية"، مشيراً إلى أن نتنياهو "أعلن الحرب على المنظمات التي تعمل على نزع شرعية إسرائيل من خلال وضع العديد من المؤسسات على قائمة الجهات المعادية". انتهاك القانون الدولي من جانبه، قال حمدي شقورة، مدير وحدة الديمقراطية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان "منظمة مجتمع مدني": "إن إسرائيل دولة تنتهك القانون الدولي الإنساني، وحقوق الإنسان، على مدى سنوات طويلة، وحملة المقاطعة العالمية لإسرائيل ركّزت على الجانب الحقوقي، وهذا ما أدى إلى تنامي نشاطاتها عالمياً، وأدى إلى استقطابها تجاوباً واضحا من المجتمع المدني الأوروبي". وأوضح شقورة أن حملة المقاطعة العالمية لإسرائيل "أثبتت نفسها في المجتمعات المدنية الغربية والأوروبية، إلا أن التجاوب الرسمي معها أوروبياً لا يزال بسيطاً". وأشار إلى أن "إقناع الحكومات الأوروبية بضرورة الانضمام لحملة المقاطعة العالمية لإسرائيل يحتاج إلى بذل جهود أكبر، خاصة وأن إسرائيل قادرة على الضغط على الحكومات الأوروبية لثنيها عن أي قرار سلبي قد يصدّر بحقّها". الاقصاء من الفيفا وكان جبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، قد سحب الجمعة 29 مايو/أيار، طلب تعليق عضوية إسرائيل في الفيفا أثناء كلمته التي ألقاها في الكونغرس ال 65 للاتحاد الدولي، بمدينة زيوريخ، بسبب ضغوط إسرائيلية، كما قال مراقبون فلسطينيون بيد أن الطلب الذي قدمه الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم من أجل إلغاء عضوية إسرائيل من الفيفا، أحد المواضيع المطروحة على جدول أعمال المؤتمر السنوي القادم. وطالب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، بإقصاء نظيره الإسرائيلي من الفيفا بسبب القيود الأمنية القاسية التي تفرضها سلطات الاحتلال على تحركات اللاعبين الفلسطينيين ونقل المعدات الرياضية عبر المناطق الحدودية الخاضعة لسيطرة الأمن الإسرائيلي. وخصصت إسرائيل، قبل أسبوع، 40 مليون دولار أمريكي لدعم حملة منهاضة لحملة المقاطعة العالمية لها، الأمر الذي يعكس حجم التخوفات الإسرائيلية من الحملة.