هل ما نشاهده مؤخرا من موجة الأفلام والأغاني التي تطاردنا عبر القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي يمكن أن يطلق عليه مسمى"الفن" كما يزعم منتجوه وصانعوه الموتورون،هل صارت الألفاظ الخادشة للحياء،ولقطات الأجسام المتعرية والمهتزة،والأحضان والقبلات واللمسات المعبرة عن جوع الأجساد فنا! من المسئول عن حماية المجتمع المصري صاحب القيم الأصيلة،مبدع الضمير الإنساني،حامي الفضيلة،معلم العالم ماهية الأخلاق الفاضلة،من موجة الهدم والإنحطاط والإسفاف!من يردع هؤلاء النشاز من جنس البشر ليلزموا جادة الصواب ؟ كيف نوقف الهجمة التتارية لغزاة بيوتنا الآمنة الوادعة،ولغزاة عقول شبابنا فتيات وفتيانا من معلول الهدم اللاهثة وراء نشر الإنحلال والإنفلات والتخلي عن كل ما هو جميل في مصر منبع حضارة الكون!أدوات هذا الغزو عديدة منها قنوات فضائية خاصة اعتادت بث "كليبات"رقص مبتذلة للعشرات من مدعيات الغناء والرقص النشاز،واعلانات أدوات جنسية،وعلاجات لأمراض مزمنة،ومواقع على الانترنت،وبرامج تحض على الإنحلال والدجل والشعوذة والرقص عبر قنوات كان يحترمها المواطن،ومقدمات برامج لايراعين الذوق العام،وأيما وجهت "الريموت كونترول "نحو قناة من القنوات ستجد "البروموهات الدعائية" التي تروج لمسلسلات رمضان المقبل مليئة بمشاهد الرقص والإبتذال والعنف والدماء والسكاكين والمسدسات والسيوف وحرق الناس أحياء وجز رؤسهم وتدفق الدماء بشكل متعمد،وكل هذا يقال عنه فن!. الفن - وفق ما أعتقد- هو تعبير بالحركة والرسم والكلمة والعمل التشكيلي عن أحاسيس ومشاعر وأفكار وقيم انسانية ليتذوقها ويتمتع بها ويقتدى بها ويهتدي بها الفرد في حياته،ويهذب بها ما شذ من سلوكياته ومشاعره وأحاسيسه الشائنة،وليس من الفن في شيء ذلك العمل الذي يجسد سلوكا شاذا بغرض اشاعته بين الناس،وليس من الفن في شيء من يروج بعمله "الفني" سلوكيات أعتاد أن يفعلها الانسان بعيدا عن أعين الناس بل وأقرب الناس إليه خشية الفضيحة. الفن الحقيقي هو من لا يروج للإنسان في سلوكياته البهيمية،وأخص هنا سلوك الجنس وما يرتبط به وما يحيط به من ظروف،وخاصة أنه سلوك مقدس لدى الإنسان،وضع له الخالق محددات ،كما وضعت له المجتمعات على اختلافها وتنوعها طقوس تراعيها الجماعة البشرية التي تقطن معا،ولايشذ عنها إلا كل مارق عن تقاليد مجتمعه،غير أن المطلوب منه –حال شذوذه وانحلاله عن هذه القيم -ألا يروج لشذوذه أو يدعو له،وإلا تصدت له الجماعة بكل مؤسساتها الحاكمة،حتى يرجع إلى الطريق السوي،أو يقصر انحرافه على نفسه. ونحن في مصر- مجمع الفضيلة وموطن الأخلاق وبلد الأزهر الشريف – في حل لأن نؤمن بما يؤمن به المتنطعون من أصحاب نظرية الفن للفن وعدم فرض قيود على الإبداع والفن غرضه الفن فقط ولا يلتزم بقيم وأخلاقيات المجتمع وقيمه الدينية،وهم يعتبرون الأدب والفن غاية في ذاتيهما وأن مهمتهما الإمتاع فقط لا المنفعة،وإثارة المشاعر وإلهاب الإحساس ليتذوق الإنسان الفن الجيد،ويهدفون إلى تحطيم القديم وتدميره لبناء العالم الجديد الخالي من الضياع- حسب زعمهم -،والقديم في رأيهم، هو كل ما ينطوي على العقائد والأخلاق والقيم،ويرون أن الإنسان يحقق سعادته عن طريق الفن لا عن طريق العلم ( البرناسية)،ولن نؤمن بما يقوله المتحذلقين الذين يروجون أن أعمالهم تجسد واقع الحارة المصرية". ونرى نحن أن كل ما يخالف المجتمع وطبائعه وأخلاقياته،ويطعن فيها،ويسدد إليها خناجره المسمومة ليس فنا ولا إبداعا،بل هو معاول الهدم نفسها،وكما تحارب الدولة الإرهاب الأسود،والأفكار المتطرفة التي يرجعها أصحابها المنحرفون – افتراء وكذبا- إلى أصول الإسلام،وتحاصر وتفضح فكرهم الهدام،يجب عليها أن تضرب بيد من حديد على أيدي إرهابيي الإنحلال والفجور والتفتت والذوبان،الذين يرومون إلى تفتيت مصر بالإرهاب وإفساد الأخلاق وتعاطي المخدرات،بعدما فشلوا في هدم وحدة أمتها المسلمة المسيحية الواحدة،أوهدم قواتها المسلحة،ومؤسساتها الكبرى، بحسب وكالة "أ ش أ". والحاصل هنا أن الموجة الأخيرة من أفلام الإسفاف وأغاني الجسد التائه،والعبارات الخادشة للحياء العام،والتي تروج للجنس والفسق والبلطجة والإباحية،تتطلب وقفة من الدولة بكل أجهزتها المعنية،فهناك دور للحكومة في تنفيذ حكم محكمة القضاء الاداري بحجب مواقع الإباحية على الشبكة العنكبوتية"الانترنت"،وهناك دور للقمر الصناعي المصري "نايل سات" في منع القنوات الفضائية الشيطانية التي تستغل مداره في حصار المواطنين ببضاعتهم الرخيصة،وهناك دور للصحف ووسائل الإعلام المحلية الحكومية والخاصة في حشد الرأي العام ضد صانعي هذا الإسفاف،وحصارهم والتعتيم على شذوذهم بنشر وبث الأعمال الفنية التي تبني ولا تهدم،وترقي الذوق ولا تضعه،وهناك دور للنيابة العامة لتقديم كل من تسول له نفسه ببث سلوكيات منحرفة عبر ما يطلق عليه- افتراء-فن للقضاء لينال جزاؤه،وباقي مؤسسات الدولة حكومية وخاصة أن تتصدى بكل حزم لأدعياء الفن،وأعتقد أن من صميم واجب النقابات الفنية أن تلتئم في مؤتمر قومي مع من نشاء من مؤسسات الدولة لتضع معايير الفن التمثيلي والغنائي والتشكيلي ....ألخ،وما هو الفن الحقيقي الذي يبني ويرقي الوجدان والفكر والذوق،وما هو الفن الزائف الذي يهدم ويضع ويحط من وحدة وقيم وتقاليد المجتمع،وكيف هو السبيل للحفاظ على قيم وحضارة مصر من التفسخ على أيدي شواذ يدعون أنهم أرباب فن.