فيرونا .. فانتازيا العصور الرومانسيه .. ساحاتك تضاء بنور القمر .. وتحت شرفة جوليت .. تصدح أوتار القيثارة الذهبية .. وكلمات الحب الابدية .. فانتازيا .. خيال والوان قرمزية .. وسفر للمجهول .. وغريب تائه يجول .. فيرونا مدينة تلون اسمها بالحب، وغمس بالوفاء، وتضمخ بعطر العشقِ الأبدي الذي نسج حكايته عاشقان فامتدت خيوطها عابرةً اللانهاية لتصبح تعويذةً خالدةً في نفوس البلايين في أرجاء الكون تتناقلها الأجيال وترويها دموع الحالمين، بطلاها روميو وجوليت اللذان أصبحا رمزاً خالداً للحب الأسطوري، ورمزاً لإخلاصٍ وتضحيةٍ بلا حدود .. وأصبحت هذه المدينة وجهةً لكل من يبحث عن دفء العشق . فيرونا، تعنى العذراء، وهي مدينة إيطالية تشخص فيها أشهر المعالم السياحية وتحتضن مفردات أحداث رواية "روميو وجولييت" للكاتب العالمي شكسبير، فحين تجوب أرجاء مدينة الحب كما يطلق عليها عامة الناس، يخيل لك أنك تجوب مقاطعة تحمل طابع العصور الوسطى لما تزخر به من معالم أثرية قديمة ومميزة. لذا تعدها منظمة اليونسكو موقعاً من مواقع الثرات العالمي .. ومهما كان غرض شكسبير من اختياره لتلك المدينة فقد جلب لأهلها خيراً كثيراً ومتاعب لابد منها لسلطات فيرونا.. فقد كان لرومانسية الرواية واقع عميق على الضمير الغربي .. وأصبح العامة يؤمنون بصحة أحداثها ووجود أبطالها.. وخلال الأربعمائة عام الماضية عرضت "روميو وجوليت" كمسرحية في العديد من عواصم العالم وأنتجت كأفلام مرات عديدة وتحولت من رواية أدبية إلى معالم حقيقية تجسدت في فيرونا الصغيرة! ويبدو أن الوضع الذي تعيشه مدينة فيرونا من جراء انتساب روميو وجوليت إليها أكثر إثارة من الحبكة التي ابتدعها شكسبير نفسه، فمنذ تسعين عاماً أو تزيد والمدينة تستقطب أعداداً هائلة من المراهقين الحالمين والسياح العاشقين لزيارة المواقع التي تقابل فيها روميو جوليت، أو البيوت التي آوتهما بعيداً عن الأعين، ومنذ الثلاثينيات من القرن العشرين أخذت تتدفق على المدينة آلاف الرسائل العاطفية التي يبدي فيها أصحابها تعاطفهم مع العاشقين ومعظمها مكتوب بلغات أصحابها الأصلية، ويبلغ معدلها 3آلاف رسالة في العام.. وكثيراً ما يكون الغرض من تلك الرسائل التوسط بين روميو وجوليت في حين أن هنالك رسائل تكتفي بابداء التعاطف والنصح أو تعنيف والدي العاشقين على تشددهما "غير المقبول".. وبالطبع لا ينسى كاتبو الرسائل أن يختموها بالإلحاح على روميو وجوليت للرد على رسائلهم شخصياً.. ويصلهم الرد فعلاً!!؟ فمنذ أن بدأت الخطابات تتوالى على مدينة فيرونا التقط خبراء السياحة بوادر ازدهار سياحي .. واستغلت سلطات فيرونا الأسطورة الشكسبيرية لتنظيم زيارات وبيع تذكارات ذات علاقة.. واليوم أصبح من أهم معالم المدينة متحف خاص يحتفظ برسائل المعجبين بعد أن يحولها البريد إلى مكتب خاص يرد عليها باسم روميو وجوليت.. وفي متحف الأسطورة الشكسبيرية توجد صورة، و انتيكات، ورسائل يدعي القائمون عليها أنها من بقايا المقتنيات الحقيقية للعاشقين.. بل بلغ الأمر ببعض أهالي فيرونا حد تصديق الكذبة وأصبحوا على قناعة بأن روميو وجوليت شخصيتان حقيقيتان صاغهما شكسبير بأسلوبه المميز. منزل جوليت الذي يعود تاريخ بناءه إلى القرن الثالث عشر، والذي بناه Casa di Giulietta في مكان مميّز يطل على نهر أديجه في مدينة فيرونا، التي تقع شمال شرق إيطاليا، قد سكنته عائلة اسمها كابيللو لمدة طويلة، ارتبط بقصة غرام روميو وجولييت، التي كتبها شكسبير في الفترة ما بين 1593 – 1596، وعلى الرغم من كون القصة خيالية، إلا إنها ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بذلك المنزل، الذي عكست تفاصيلة أحداث القصة، فتحول إلى متحف يُخلّدها. فشرفته التي تطل على الساحة، يستقر أمامها تمثال جولييت، وبداخل المنزل نجد سريرها، الذي كانت تستلقي عليه وتحلم بأميرها المنتظر. وفي عام 1930 تم ترميم المنزل، ليتحول إلى مزار سياحي مهم، حيث تم إضافة نوافذ وشرفات للمنزل، لكي يبدو كما صوّره شكسبير في مسرحيته الشهيرة، وأصبح الوقوف في شرفة جولييت، التي كانت تنتظر فيها حبيبها المُتيم واحدة من أهم زوايا المنزل وتفصيلة من أهم تفاصيلة، حيث لا يمكن لسائح وطأت قدميه مدينة فيرونا الإيطالية، أن يمر بها دون أن يزور المنزل ويقف أمام تلك الشرفة، ويستدعي تفاصيل قصة غرامها مع روميو. ومن أهم معالم المنزل، ذلك النفق القصير الذي يُعد حلقة الوصل بين الشارع وفناء المنزل، والذي تحول مع الزمن إلى صندوق مفتوح يحوي رسائل غرامية من كل أنحاء العالم، حيث لا يمكن للزائر أن يمر به، دون أن يثبت رسالته على أحجار النفق القديمة بطريقة مبتكرة، فمنهم من يثبت رسالته بالدبابيس، ومنها ما هو مثبت باللبان، ليتحول النفق مع الوقت إلى لوحة مزخرفة بالرسائل الغرامية المكتوبة بأشهر اللغات العالمية والتي تؤرخ لقصص حب بشر من كل أنحاء العالم. في قلب الفناء يقف تمثال جولييت البرونزي، الذي صنعه الفنان نيرو قسطنطيني، الذي يقع أسفل الشرفة، التي تم إضافتها من أكثر من 85 عام خلال عمليات الترميم التي أجريت للمنزل، بعد الفناء يمكنك الولوج إلى المنزل لتُشاهد مجموعة من الرسوم الجدارية المتفرقة، إلى جانب متحف صغير يشمل معروضات وتحف تعود للقرن السادس عشر، كما توجد غرفة جولييت وبها سريرها وأجزاء من رواية شكسبير باللغتين الإنجليزية والإيطالية. يزور بيت جوليت في فيرونا نصف مليون زائر سنويًا، ويفتح البيت أبوابه يوميًا من الساعة الثامنة ونصف صباحًا، حتى السابعة ونصف ليلًا، عدا يوم الإثنين تبدأ الزيارة من الواحدة ونصف ظهرًا.