جاءت مصادقة الحكومة الموريتانية قبل أيام على مشروع قانون جديد يُجرم الرق ويُعزز القانون القديم الصادر عام 2007، بإجراءات أكثر حزما في تشديد العقوبات على ممارسي الرق، بمثابة حراك جديد تسعى السلطات من خلاله لاستئصال هذه الظاهرة التي باتت تسيء لصورة البلاد. غير أن ممثلي بعض المنظمات الحقوقية المناهضة للرق يرون أن ما تقوم به الحكومة لا يعدو كونه "امتثال للضغوط التي تمارس على البلاد من أجل تصحيح صورتها أمام الرأي العام العالمي". ومن المقرر عرض مشروع القانون الجديد على البرلمان الموريتاني في دورته العادية في يونيو/حزيران المقبل، تمهيدا لدخوله حزي التنفيذ. وقال المحامي محمد عالي ولد سيدي محمد، في حديث لوكالة الأناضول، إن الهدف من القانون الجديد هو إعطاء تعريفات أكثر تحديدا للرق، وذلك بالاستناد إلى الاتفاقية الدولية الخاصة بمناهضة الرق والتي تم توقيعها سنة 1956 بالإضافة إلي إدخال تعريفات معاصرة للرق كالعبودية الوراثية (إذا ولد الشخص لأبوين خاضعين للرق يصبح هو نفسه رقيقا). وأضاف ولد سيدي محمد أن من بين أهداف القانون الجديد إثراء النصوص بأحكام قانونية جديدة من أجل منح تعويضات للضحايا. وأشار إلى أن من بين أهداف القانون الجديد إيجاد مؤسسات رسمية فاعلة مكلفة بإعداد برامج تطويرية موجهة للأرقاء السابقين وتبني سياسية التمييز الإيجابي لصالح هذه الشريحة. وفي السياق ذاته دشّنت رابطة "علماء موريتانيا" قبل أيام أسبوعا علميًا من أجل توجيه خطاب علمي لمحاربة الرق بالبلاد. وتتناول أنشطة الرابطة (مستقلة لكنها مقربة من السلطة) إسهامات علمية ترتكز على الشريعة الإسلامية من أجل وضع آليات تساعد في محاربة الرق ومخلفاته بالبلاد، ومحاربة بعض المفاهيم الفقهية الخاطئة المتعلقة بالظاهرة. ويدخل هذا الأسبوع العلمي ضمن استراتيجية وضعتها السلطة لهذا العام لتكثيف الجهود الشعبية والدينية لمحاربة الرق، وأبرز فعالياته ستكون عبارة عن محاضرات وندوات بمختلف البلاد عن موضوع الرق. وصادقت الحكومة الموريتانية الخميس الماضي على مشروع قانون جديد يتعلق بمحاربة الرق والقضاء على مخلفاته، بحسب التلفزيون الموريتاني الرسمي. ويحُل القانون الجديد محل قانون سنة 2007، والذي كان أول قانون يُجرم العبودية ويُعاقب من يمارس الاسترقاق. ويُعتبر القانون الجديد المرجع القانوني لخارطة الطريق المتعلقة بالقضاء على الرق والتي صادقت عليها الحكومة الموريتانية العام الماضي. كما يسعي القانون الجديد لتبسيط الإجراءات القانونية المتعلقة بالظاهرة، وذلك بالاعتماد على مصطلحات "واضحة ودقيقة تتعلق بالاستعباد ومستمدة من الاتفاقيات الدولية لمكافحة الرق"، بحسب التلفزيون الموريتاني الرسمي. واتخذت الحكومة الموريتانية سلسلة من الإجراءات للقضاء على مخلفات العبودية تحت اسم "خارطة الطريق" التي تتضمن تطبيق 29 توصية خاصة بمحاربة "الرق". ويثير موضوع الرق جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والحقوقية بموريتانيا، حيث تتهم جهات حقوقية سلطات البلاد ب"التستر" على الظاهرة، في حين ترى الحكومة أنها تبذل جهودًا كبيرة للقضاء على مخلفات الرق. ورأى بالا توي، الأمين العام لحركة المبادرة الانعتاقية "ايرا" (حقوقية) أن ما تقوم به السلطة ليس جهودا حقيقية لمحاربة الرق باعتبار أنها تفتقد "الإرادة الصادقة والتنسيق مع النشطاء الحقوقيين"، حسب قوله. وأضاف في تصريحات لوكالة "الأناضول" أن محاربة الرق تتطلب إشراك جميع القوى الوطنية بغض النظر عن موقفها السياسي، مشيرا إلى أن أية مقاربة للقضاء على الرق تتم بشكل أحادي من طرف السلطة لن "تكلل بالنجاح". واعتبر أن ما تقوم به الحكومة امتثالا للضغوط التي تمارس عليها من أجل تصحيح صورتها أمام الرأي العام العالمي. ويعود تاريخ الجدل حول العبودية في موريتانيا إلى السنوات الأولى لاستقلال البلاد بداية ستينيات القرن الماضي، حينما كانت العبودية تنتشر بشكل علني، بين كافة فئات المجتمع الموريتاني، سواءً تعلق الأمر بالأغلبية العربية، أو الأقلية الأفريقية. وجاء أول إلغاء حقيقي للعبودية في العام 1982، خلال حكم الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيدالة، لكن وبعد مرور سنوات، يقول نشطاء حقوق الإنسان، إن حالات عديدة من العبودية ظلت قائمة، وتمارس بشكل فعلي في أنحاء موريتانيا، فيما تؤكد السلطات أنها تبذل جهودًا مكثفة لعدم عودة هذه الظاهرة مرة أخرى. كما أعربت السفارة الأمريكية في موريتانيا، في بيان لها قبل أيام، عن تقديرها لجهود الحكومة الموريتانية الأخيرة الرامية للقضاء على ظاهرة العبودية بموريتانيا خاصة من خلال القانون الجديد، مشيرة إلى أن حكومة واشنطن ملتزمة بالاستمرار في دعمها للجهود التي تبذلها الحكومة الموريتانية والمجتمع المدني للقضاء على ظاهرة الرق.