العاصمة الإدارية الجديدة.. بالطبع وجبة دسمة لكاتب لا يجد سيولة كافية ليسخر.. خاصة مع كثرة الأوجاع في مصر، ولكن بالتأكيد بعض التخيل سيفيد لنرى كيف سيكون مشهد العاصمة التي ستقام باستثمارت مليارية، خاصة ولو ظلت الحالة الحكومية البيروقراطية لمصر كما هي، واحتفظ الموظفين الحكوميين بمبدأ "الغلاسة للجميع"!، وأخيرا مع ذهاب أمراض القاهرة إلى العاصمة "النظيفة". أعتقد ان مشهد الموظف بالعاصمة الإدارية لن يختلف كثيرا عن الحالي، لأن الهيكل الإداري للحكومة يحاول قدر المستطاع أن يجعل الموظف يخرج أسوأ ما عنده، ليجعل المواطن بدوره يخرج عن شعوره، فلن نتعجب مثلا عندما نجد مدام سامية بالسجل المدني بالعاصمة الجديدة، تقف أمام مواطن مصري من أسوان، وتطلب منه أن يذهب إلى موطنه الأصلي لأن "ختم النسر" غير واضح، مما يجعله "يطخ" مشوار إلى هناك ليختمه ثانية، أو "يطخ نفسه" ليرتاح من البيروقراطية المصرية الملازمة لنسخ مدام سامية المتعددة. "المواطن الداخلي"، هو لفظ أخترعه الكاتب حالا وأتمنى أن لا ينضم لقاموس المصريين كنوع من الحقوق الفكرية، وهو المواطن الذي يقف في شرفته ويدخن سيجارته ويلبس "ملابسه الداخلية"، كنوع من "الرحرحة"، وهو داء مصري منتشر في الأحياء الشعبية، وبعض المناطق الراقية أيضا، ولكن نتوقع رؤيته في العاصمة الجديدة كنوع من "الأصالة الداخلية"، ولن نتعجب من رؤية "المواطن الداخلي" في شرفة منزله أمام أطول برج في أفريقيا الذي سيقام بحسب المخططات الهندسية للعاصمة، ولا بأس لو حضر السائحين وتركوا البرج، وصوروا هذا المواطن كمعلم من معالم مصر. صوت يقول "الأجرة بخمسة يا باشا"، وياتي الرد "ليه يا اسطى دول دقيقتين بس"، ليجيب الأول "ياباشا التوك توك عليه إقساط.. وكمان إحنا في مكان غالي ولازم نديله حقه"، هذه المحادثة ننتظرها في العاصمة الجديدة وستكون بين مواطن يريد قضاء حاجته، وسائق "توك توك" حديث مجهز بإضاءة وعبارات إنجليزية، كنوع من "التناكة" لهذه المنطقة المتحضرة، لان الكائن الحديدي الشبيه كأنثى "السحلية" أصبح منتشرا أكثر من صورة "كيم كارديشان"، وبالطبع أصبح أيضا معلما من معالم مصر، وله الحق في التواجد، ولا مانع من تأجيره للسائحين للتصوير "سيلفي" بجانبه". بالطبع يجب أن نأخذ في اعتبارنا أن أي منطقة حضارية يجب أن يحيطها العشوائيات، لذا فنتوقع – التوقعات زادت أوي – أن نرى "عشش" حول العاصمة الجديدة، وسوق "خضار"، وموقف "ميكروباصات"، و"ناصبة شاي"، لأن العاصمة الإدارية يجب أن تحمل عبق مصر و"عبط" الإدارة، ومع الوقت يتنشر الأمر للداخل، ويتم محاصرة العاصمة لتتحول إلى القاهرة القديمة خلال سنوات قليلة.. وكل عاصمة وإنتم طيبين.