تتناول شبكة الإعلام العربية "محيط" في هذه الحلقة أثريين من آثار المسجد الأقصى ذوي طبيعة خاصة، نظرا لما تعرضا له من قبل اليهود، وهما منبر نور الدين زنكي، الذي تعرض للدمار الشامل عام 69 بعد حريق الأقصى على يد متعصب يهودي، وحائط البراق، الذي يدعي الصهاينة ملكيتهم له وأنه ما تبقى من "هيكل سليمان المزعوم". منبر نور الدين .. وهو منبر شهير، لكونه تحفة نادرة تأصل للفن الإسلامي، أمر بصنعه نور الدين زنكي، ملك الشام ومصر وقتها الملقب ب"الملك العادل"، خصيصا ًمن أجل المسجد الأقصى، لوضعه به بعد بعد تحرير الأقصى من دنس الصلبيين، ولكنه توفى قبل ان يتحقق له ذلك.
وبعد أن فتح صلاح الدين الأيوبي القدس نقل المنبر التاريخي من حلب، وذلك بعد أكثر من عشرين عاما من بنائه، ووضعه بالمسجد القبلي، المصلى الرئيسي بالمسجد الأقصى، ولذا يطلق عليه أحيانا "منبر صلاح الدين".
أما عن وصف المنبر فقد جاء بكتاب "البرق" أن :"الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله في عهده عرف بنور فراسته فتح البيت المقدّس من بعده فأمر في حلب باتخاذ منبر للقدس، تعب النجّارون والصنّاع والمهندسون فيه سنين، وأبدعوا في تركيبه الإحكام والتزيين، وأنفق في إبداع محاسنه وإبداء مزاياه ألوفاً، وكان لترديد النظر فيه على الأيّام ألوفا، وبقي ذلك المنبر بجامع حلب منصوباً سيفاً صوان الحفظ مقروناً، حتّى أمر السلطان أي صلاح الدين في هذا الوقت بالوفاء النوري ونقل المنبر إلى موضعه القدسي فعرفت بذلك كرامات نور الدين التي أشرق نورها بعد سنين "
صُنع المنبر من خشب أرز لبنان، له بوابة ترتفع فوقها تاج عظيم ثم درج يرقى إلى قوس أعلاه وشرف خشبية، وهو مرصّع كله بالعاج والآبنوس، فيه نقوش وحفر على الخشب الذي فيه.
وظل يزين المسجد بجماله حتى حريق الأقصى عام 1969، على يد مايك روهان اليهودي المتعصب، ودُمر المنبر بالكامل خلال الحريق، ولم يتبقى منه سوى آثار بقيت في المتحف الإسلامي بالمسجد الأقصى حتى يومنا هذا .
ومنذ عام 1993 وبتكلفة بلغت ثلاثة ملايين دولار .. أعادت كلية الفنون الإسلامية في جامعة البلقاء التطبيقية الأردنية، بناء المنبر، وقد أسهم في عملية البناء مجموعة من الفنيين من عدة أقطار عربية وإسلامية، وهو يتكون من 16500 قطعة من خشب الجوز المطعم بالعاج والأبانوس، وبني بطريقة التعشيق، ولم تستخدم فيه المسامير ولا البراغي ولا المواد اللاصقة. وبعد غياب أكثر من 37 عام، وتحديدا في بداية شهر فبراير عام 2007 تم تركيب المنبر الجديد، الذي يطابق المنبر الأصلي تماما، وبنسبة 100%، بعد أربع سنوات من العمل المتواصل.
حائط البراق
هو الحائط الغربي للمسجد الأقصى، وترجع تسميته إلى أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ربط دابته البراق عنده في ليلة أن أسرى به إلى المسجد الأقصى، ولكن اليهود، منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر، فيدعون أنه كل ما تبقي من المعبد اليهودي المزعوم "هيكل سليمان" الذي حطمه الروم قبل 2000 سنة.
ومنذ ذلك الحين، أتخذ اليهود هذا الجدار موضعا للبكاء على "ملكهم الزائل"، وأطلقوا عليه "حائط المبكى". وجدير بالذكر أنه وتحت الحكم الإسلامي للقدس ومن باب التسامح الديني، سًُمح لليهود بزيارة الحائط، إلا أن أهل المقدسيين ثاروا، عندما حاول الصهاينة تحويل المكان إلى ما يشبه الكنيس اليهودي، بمساعدة من جانب سلطات الاحتلال البريطاني في المدينة وقتها.
وكرد فعل على هذه المحاولات قامت ثورة عرفت باسم "ثورة البراق" عام 1929م، وبالفعل استطاعت أن تؤجل تهويد الحائط لفترة، لكنها انتهت بعد أن وقعت القدس في قبضة الاحتلال الصهيوني عام 67، فقام المحتلون بالاستيلاء على الحائط وعلى باب المغاربة المجاور له في جدار المسجد الأقصى، ومحو الآثار الإسلامية في هذا الجزء تماما. كما دمروا حارة المغاربة الملاصقة له، وحولوها إلى ساحة للعبادة أسموها "ساحة المبكى".
ومن هذه المنطقة بدأ الصهاينة حفرياتهم أسفل المسجد الأقصى في محاولة منهم لهدم المسجد المبارك وإحلال هيكلهم المزعوم بدلا منه.
بينما تؤكد جميع البحوث والحفريات الأثرية، والتي تم إجراؤها من قبل الجامعات الإسرائيلية أن هذا الحائط من الآثار الإسلامية، وهولا يمت بصلة للهيكل المزعوم، وما يؤكد ذلك أن المسجد الأقصى بني قبل عهد النبي سليمان، عليه السلام، إذ أنه بني بعد أربعين عاما من بناء المسجد الحرام، وقد قام، عليه السلام، بتجديد بناءه، وهوف في ذلك يدعو لعبادة الله الواحد الأحد.