صدر حديثا كتاب "القربان البديل" ، للشاعر فتحي عبد السميع ، والكتاب يتناول المصالحات الثأرية في جنوب مصر بوصفها طقوسا متوارثة من أزمنة بعيدة، ترجع جذورها لثقافة مصر القديمة. ينطلق الكاتب من ظاهرة العنف باعتبارها أم المشاكل جميعا، وكيف تصدت لها الثقافة التقليدية عبر الطقوس، فعالجتها أحيانا وفق منهج العنف المضاد، وأحيانا وفق منهج اللاعنف. جاء الكتاب في مقدمة وخمسة فصول، تناول في المقدمة منهج اللا عنف في الثقافة الشعبية، كما تناول المصالحات الثأرية باعتبارها طقسا يعتمد على استبدال القتل الثأري، بقتل رمزي يستهدف تصفية جذور الشر في القاتل مع تركه على قيد الحياة وذلك من خلال إجراءات معينة تنتهي بالعفو عنه بعد تطهيره من نجاسة القتل. يتناول الفصل الأول (مفهوم القربان) فكرة القربان وجذورها في الثقافة الإنسانية، ويشتمل على عدة أقسام هي: 1 تعريف القربان، 2 القرابين البشرية، 3 القربان الطاهر والقربان النجس، 4 القربان البديل، 5 القربان والعنف / القربان وصلة الدم، 6 الثأر والقربان. بينما يتناول الفصل الثاني المصالحات الثأرية بوصفها طقوسا قربانية، وهي تعرف في الصعيد باسم ردم حفرة الدم، أو القودة، واحتوى ذلك الفصل على عدة أقسام هي: 1 تعريف القودة، 2 عناصر طقس القودة وعلاقتها بالمتغيرات الثقافية، 3 الطقس والسلوك الرمزي، 4 ردم بؤرة الدم، 5 المهرجان الطقسي، 6 فاتحة القودة ورمزية التلقين والتفطيم، 7 الكفن والموت الرمزي، 8 الجلباب الطقسي، 9 نزع العمامة، 10 خلع الحذاء، 11 البكاء الطقسي، 12 شد القاتل: رمزية الحبل والشاش، 13 القِران الطقسي، 14 الحيوان البديل / رمزية الثور والخروف، 15 الدمج والميلاد الرمزي، 16 التهجير الطقسي، 17 تحريك طقس العزاء المعلق منذ العنف الأول وختام الطقس. وفي الفصل الثالث يتناول الكاتب هوية طقوس المصالحات الثأرية وجذورها الثقافية، وجاء ذلك الفصل في عدة أقسام هي: 1 طقس القودة وطقوس العبور، 2 طقس القودة والثقافة الإسلامية، 3 طقس القودة وثقافة عرب ما قبل الإسلام، 4 طقس القودة وثقافة مصر القديمة، 5 طقس القودة وهوية المجتمع في جنوب مصر. ويذهب الكاتب إلى أن هوية القودة ترجع لثقافة مصر القديمة حيث ظهر القتل الرمزي في احتفالات العيد الثلاثيني الذي كان يقام بمناسبة مرور ثلاثين عاما على حكم الملك، ويبدأ العيد بقتل الملك نفسه لتجديد الحياة، وقد تدخل الكهنة لتقديم بديل لقتل الملك يتمثل في دفن تمثال للملك، كما تظهر بعض عناصر طقوس الصعيد في لوحة نارمر الشهيرة، حيث يقوم حورس الذي يوازي قاضي الدم في الصعيد بشد المحكوم عليهم بالقتل وهم حفاة وبدون غطاء رأس ليقوم الملك بالعفو عنهم، وهو يوازي ولي الدم في طقوس الصعيد. وفي الفصل الرابع يتناول الكاتب علاقة الثأر بالتسامح، مفندا ما أسماه بأسطورة أو خرافة التسامح المستحيل، مؤكدًا أن النظر إلى التسامح باعتباره مستحيلا يعد وهما ينتج من خلال التفكير المسحور الذي يخلط بين حالات نفسية مختلفة تماما، ومتباعدة وبعضها لا علاقة له بالتسامح أصلا، واعتمد الكاتب على القرآن الكريم في تحليل تلك الحالات حيث لا حظ أنها ترد بامتداد القرآن الكريم وفق ترتيب محدد، وباعتبارها محطات مختلفة تماما، ومتباعدة، وجاء ذلك الفصل في عدة أقسام هي: التسامح قيمة شعبية التسامح والهيمنة التسامح من الصدارة إلى الهامش التسامح والفكر المسحور التسامح وكظم الغيظ التسامح والغضب التسامح والعفو التسامح والصفح التسامح والصفح الجميل التسامح والغفران التسامح والرحمة التسامح ومحو العدوان التسامح بين الثقافة والجسد قراءة في قصة حمزة بن عبد المطلب. وفي الفصل الخامس (الفن والمصالحات الثأرية) تناول الكاتب علاقة الأعمال الفنية بقضية التسامح، وتناول ظاهرة الثأر على وجه الخصوص، واشتمل ذلك الفصل على عدة أقسام هي: الفن في طقس القودة الأعمال الفنية وتشكيل صورة الآخر فيلم دماء على النيل نموذجا الفن والواقع المصالحة الثأرية في الصورة السينمائية الفن وضعف الوعي بثقافة الثأر الفن والعبث بالعقلانية. يذكر أن "القربان البديل" هو الكتاب الثامن للكاتب الذي أصدر من قبل ست مجموعات شعرية هي: خازنة الماء فراشة في الدخان الخيط في يدي تقطيبة المحارب تمثال رملي الموتى يقفزون من النافذة ، بالإضافة إلى كتاب نقدي بعنوان "الجميلة والمقدس" فضلا عن عدد كبير من الأبحاث التي شارك بها في المؤتمرات الأدبية.