محسن نحيل يحب جارته التي يحبها كل رجال البيت ..نعم كلهم ويفوز بقلبها آخر .. ضابط سكن حديثاً بجانبهم ! قصة تقليدية لكنها البناء الأصلي لرواية عودة الروح لاستاذ الرواية توفيق الحكيم . وفى نفس الزمن الجبلاوي والحرافيش وخان الخليلي والثلاثية تدور الأحداث فى حارات مصر الشعبية لكن لا نجد اثرا للكاتب نجيب محفوظ فى اي منها ؟ هل الكاتب يظهر فى الاحداث ام انا الكاتب يختفي كلية ؟ في هذا الأمر بارز الكتاب القراء فظهروا احيانا كثيرة واعتمدت كتابات بعضهم على حياتهم واختفي اخرون ولنتكلم بالأمثلة فالحكيم هو البطل الحقيقي لمعظم رواياته وكتبه من خلال شخصية محسن فهو بطل عودة الروح – يوميات نائب من الأرياف – امام شباك التذاكر ..وغيرها كثير. لكن نجيب محفوظ يتعبك حتي لا تجد اثرا من حياته فى اي عمل بل اني اتعجب كيف هو مؤلف تلك الدرر! حتي وجدت لماذا انه موظف تقليدي جدا .. لم يحاول التنقل ابعد من الأسكندرية فلم اعرف انه سافر الى اي بلد بعيدا عن مصر .. اذن اين عادات الأبداع من هرجة وتنطيط وصراخ بالصوت العالى انه مبدع كما نري من كتاب هذه الأيام ! انه يمارس كل هذا ولكن فى عصف ذهني على الورق ..انه يمارس اقصي حريته ويتنقل الى كل مكان عبر الورق ، مع هذا المفهوم ادركت كم يعاني لكي يخفي شخصيته الحقيقة المنطلقة برداء من الوظيفية التقليدية وفهمت اكثر مع حالة نزار قباني ذلك المتعطش للشخمر والنساء .. ذلك مايظهر من شعره لكن الحقيقة كانت عكس ذلك تماما فلم بقرب الخمر ابدا ولم برتبط ابدا بعد زوجته الراحلة . اذن هي الكتابة وسحرها من تحولهم الى اشخاص مختلفين ... انها الترياق السحري الذي يحول حياتهم الرتيبة المملة الى تلك الحياة المبهرة التى تبهر الكل ! لكن الكتابة هي ايضا التى تنجي من الاكتئاب والانهيار فى رواية طعام حب صلاة لأليزابث جيلبرت وهي تتكلم عن حياتها الخاصة بكل هذا الصدق الشعوري والفني . بعض الكتاب يتميزوا بانهم يروا الاناس من خلال ذاتهم واخرون يروا من خلال الناس ، ولذلك تكون كتاباتهم لها طعم مختلف فمثلا الحكيم كان يري كل الناس من خلال عيون محسن المندهش الذي يكبر لكن حالة الاندهاش لا تتغير بداية من عودة الروح حتي يوميات نائب فى الأرياف . ولكن نجيب محفوظ يري الأخر من خلال حكايات وحكاوي الأخرين وهنا يستطيع الهروب من واقعه الخاص الصارم الى واقع اكثر بحبوحة ومرح !