أصدرت منظمة عراقية غير حكومية اليوم الأحد، تقريرا سنويا حذرت فيه من واقع حقوق الإنسان في العراق بعد أن خلفت أحداث العنف بالبلاد خلال العام الماضي نحو 50 ألف ضحية بين قتيل وجريح ومفقود، معتبرة أن ما جرى خلال العام الماضي يمثل جرائم إبادة جماعية "مكتملة الأركان" لم يشهدها العالم منذ أحداث رواندا 1994. وقالت الحملة الشعبية الوطنية لإدراج تفجيرات العراق على لائحة جرائم الإبادة الجماعية (حشد) في تقريرها، إن "العام 2014 شهد انتهاكات خطيرة وغير مسبوقة لحقوق الإنسان بعد اجتياح الجماعات الإرهابية لعدد من المدن العراقية وخصوصا تلك التي تضم أقليات تختلف مع توجهات تلك التنظيمات وأيديولوجيتها". وبين تقرير الحملة (مقرها بغداد وأسست في العام 2012)، أن "سقوط الموصل (شمال) بيد تلك الجماعات الإجرامية مثل بداية لمسلسل الانتهاكات والإبادة الجماعية التي مورست بحق المدنيين والعزل وخصوصا من أبناء الأقليات العرقية والإثنية والدينية والمذهبية". وأضاف، أن "المجاميع الإرهابية مارست عمليات قتل وإبادة على الهوية بشكل واضح حتى أن بعض الضحايا تم سؤالهم عن انتماءاتهم قبل تنفيذ عمليات التصفية كما روى شهود عيان في مجزرتي سبايكر وسجن بادوش مما يجعلها جرائم يعاقب عليها القانون الدولي، ووردت نصا في المواثيق والمعاهدات الدولية كميثاق روما الاساسي"، لافتة الى، ان "جسامة وفظاعة تلك الممارسات والجرائم شكلت انتهاكا خطيرا وغير مسبوقا للقوانين وتهديدا للأمن والسلم الدوليين منذ عمليات الإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا ضد أقلية التوتسي العام 1994". وبينت الحملة أن "المسلحين قاموا بإبادة قرى بأكملها كما حدث في بشير وطوزخورماتو وقرى (براوجلي، جرداغلي، وقرناز، شاه سيوان) يومي 12 و 13 حزيران (2014) التي يقطنها غالبية من التركمان، فضلا عن قضاء سنجار غربي الموصل الذي شهد واحدة من أبشع عمليات الإبادة التي راح ضحيتها قرابة الستة آلاف مواطن ايزيدي بين شهيد وجريح ومشرد". وأشارت إلى أن "النساء والأطفال نالهم القسط الأكبر من تلك الجرائم، حيث مورست أبشع انواع الانتهاكات ضد النساء من اغتصاب وسبي وتصوير عمليات الاغتصاب، وإرسال نسخة منه إلى ذوي المغتصبات، كما روى مسؤولون محليون، أكدوا قيام أيضا تلك المجاميع بقطع رؤوس 5 أطفال رضع من عائلة واحدة". وتعليقا على التقرير أوضح عضو الحملة محمد شفيق الكاتب لوكالة "الأناضول"، أن "الحملة سجلت نحو 50 ألف شخص على الأقل بين قتيل وجريح ومفقود خلال العام 2014 نتيجة أعمال العنف والتفجيرات واجتياح الجماعات الإرهابية (يقصد داعش) لعدد من المدن العراقية". ووفقا للكاتب فإن الحملة اعتبرت، أن "ما يحدث في العراق من تطورات أمنية وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان هي أبشع مأساة إنسانية منذ عمليات الإبادة في رواندا العام 1994"، مؤكدة "وقوع أخطر جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب مكتملة الأركان". التقرير أوضح، أنه "لا يوجد حصر بأعداد الشهداء والجرحى والمفقودين من قبل السلطات الرسمية التي للأسف لم تتبع مبدأ الشفافية في أغلب الاحيان فيما يخص التعامل مع أعداد الضحايا وخصوصا من منتسبي القوات المسلحة"، مبينا أن "إحصائيات الحملة بأعداد الضحايا منذ بداية العام 2014 قدرت ب50 الف ضحية بين شهيد وجريح ومفقود ومحتجز". واعتبرت الحملة في تقريرها أن "ما جرى ويجري في العراق يمثل مأساة القرن الحالي التي لم تسبقها وربما لن تلحقها جرائم وانتهاكات بهذه الفداحة والوحشية"، داعية الأممالمتحدة والأسرة الدولية إلى "لعب دور أكبر في العراق واعتبار ما جرى ويجري في العراق جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وترجمة ذلك إلى قرارات وصكوك دولية، وضمان معاقبة كافة الممولين والداعمين والمتعاونين مع تلك الجماعات". وكانت تقارير صادرة عن بعثة الأممالمتحدة إلى العراق، أمس الأول، تحدثت عن مقتل أكثر من 12 ألف شخص خلال العام الماضي، العام الذي وصفته مفوضية حقوق الإنسان العراقية بأنه العام الأكثر دموية ووحشية في العراق. وقالت وزارة حقوق الإنسان العراقية، في بيان لها منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن "عدد المفقودين من القاعدة الجوية المعروفة باسم سبايكر في تكريت مركز محافظة صلاح الدين يبلغ 1660 شخصا". وكان تنظيم "داعش" قد نشر صورا في يونيو/حزيران الماضي لمئات الشبان المنبطحين على وجوههم في العراء ويقف خلفهم مسلحون ملثمون موجهين فوهات أسلحتهم باتجاههم. وقال المتشددون، في حينها، إن الضحايا هم من طلبة القاعدة الجوية (سبايكر) وأنه جرى إعدامهم رميا بالرصاص وأثار الحادث ردود فعل غاضبة واسعة بالعراق وطالب ذوو الطلبة من الحكومة بكشف ملابسات الحادث. وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" لمراقبة حقوق الانسان قد كشفت أواخر العام الماضي أن مسلحي تنظيم داعش نفذوا على نحو ممنهج عمليات إعدام لحوالي 670 نزيلا في سجن بادوش شمال الموصل (400 كلم شمال بغداد) في العاشر من يونيو/ حزيران الماضي استنادا الى روايات ناجين، وكان معظم الضحايا من الشيعة. وبينت المنظمة، في بيان، أنه بعد استيلاء "داعش" على سجن بادوش قام مسلحو التنظيم بفصل النزلاء السنة عن الشيعة، ثم أجبروا الرجال الشيعة على الركوع بطول حافة واد قريب، وأطلقوا عليهم النار من بنادق هجومية وأسلحة آلية، بحسب ما أكد 15 سجيناً شيعياً ممن نجوا من المذبحة موضحين إن المسلحين قاموا كذلك بقتل عدد من النزلاء الأكراد والإيزيديين. وسجن بادوش المركزي هو سجن شديد التحصين وثاني أكبر سجن في العراق بعد سجن أبو غريب بضواحي بغدادالغربية ويقع قرب بلدة بادوش 15 كم شمال غرب الموصل.