في الوقت الذي يشهد فيه العالم تصاعد أسعار المواد الغذائية بمعدلات كبيرة متجاوزة مستوياتها خلال أزمة الغذاء عامي 2007- 2008، ويبلغ عدد العاطلين عن العمل نحو 210 ملايين شخص على مستوى العالم، وهو أعلى مستوى مسجل للبطالة على الإطلاق وذلك بالتزامن مع موجة جارفة من التغيرات السياسية تجتاح العالم العربي، يعكف البنك الدولي حالياً على إعداد إستراتيجية جديدة للحماية الاجتماعية والعمل للاسترشاد بها في عمله مع البلدان الأعضاء وشركاء التنمية خلال الأعوام العشرة القادمة. ويرى البنك الدولي، الذي أعلن تواً بدء الجولة الأولى من المشاورات العالمية الخاصة بإعداد إستراتيجيته الجديدة، أن برامج الحماية الاجتماعية والعمل الفاعلة تشكل ركيزة جوهرية لرسالته الإنمائية الخاصة بمكافحة الفقر وإتاحة الفرص. وبفي بيان صدر عن البنك مؤخرا تقول تامار مانويليان أيتنك، نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون شبكة التنمية البشرية، التي تستضيف مقر وحدة الحماية الاجتماعية والعمل: "نحن نعيش في عالم يتصف بتزايد عدم اليقين والاحتمالات المجهولة، ولذا فإن إستراتيجية البنك الجديدة الخاصة بالحماية الاجتماعية والعمل يجب أن تتيح نطاقاً واسعاً من الخيارات التي تسمح للأفراد وأسرهم بالتعاطي بمرونة مع حالة عدم اليقين والأزمات المفاجئة وتجاوز آثارها". وتضيف مانويليان أيتنك في البيان الذي حصلت شبكة الإعلام العربية "محيط" على نسخة منه أن العالم آخذ في التغيّر من حيث تكوينه السكاني وتطوره، مشيرة إلى أن أعداد كبار السن في تزايد في كل من العالم المتقدم ومنطقتي شرق آسيا وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، فيما تسجل أعداد الشباب ارتفاعاً كبيراً في مناطق أخرى، مثل منطقتي الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وهم في حاجة إلى الوظائف والفرص الجيدة لينجحوا في الحياة. ويسعى البنك الدولي في إستراتيجيته الجديدة إلى البناء على برامج مجربة وفاعلة للحماية الاجتماعية، مثل: شبكات الأمان، والتحويلات النقدية المشروطة، وبرامج الأشغال العامة وخلق فرص العمل فضلاً عن اعتماده لطرق عمل وأدوات جديدة واعدة. ويرى أروب بانرجي، مدير وحدة الحماية الاجتماعية بالبنك الدولي والذي يتولى فريق إعداد الإستراتيجية الجديدة، أن هذه المشاورات تأتي في وقت بالغ الصعوبة بالنسبة للبلدان المتعاملة مع البنك، إذ تسعى هذه البلدان سعياً حثيثاً لتحديد أفضل السبل الممكنة للتعاطي مع الاتجاهات السكانية المتزايدة، وارتفاع وتيرة التقلبات ودرجة الاندماج نتيجة للعولمة، واستمرار أوضاع الفقر وعدم المساواة. ويضيف بانرجي إن إستراتيجية البنك الجديدة للحماية الاجتماعية والعمل يجب أن تتناول هذه الاتجاهات السكانية من بُعديها، وأن تساعد الناس على التجاوب مع الصدمات المفاجئة على نحو لا يؤدي إلى تقويض قدرتهم في المستقبل على كسب الدخل، وتمكينهم من الاستثمار في تعليم أطفالهم، وتوفير الرعاية الصحية لهم، ومواصلة الاستثمار في تطوير مهاراتهم كي يتمكنوا من الاستفادة من الفرص المتاحة عندما تبدأ الأوضاع الاقتصادية في التعافي. وأشار إلي ان التركيز على البلدان منخفضة الدخل والهشة من الضروري أن تتسم الحلول المستدامة والقابلة للتوسع في تطبيقها في هذه الأوضاع بالابتكار والواقعية ، ويجب أن يكون هدفها بناء العناصر الأساسية لبرامج الحماية الاجتماعية، وتنسيق الجهود والبرامج الموجودة وتحسينها.