أكد عالم المصريات الدكتور أحمد صالح مدير عام آثار أسوان، أن قدماء المصريين أبدعوا في الموسيقى، ونقل عنهم الغرب والشرق، مشيرا إلى أن أغلب الآلات الموسيقية المستخدمة حاليا هي من اختراعهم، ومنها القيثارة، الهارب، الناي، الناي المزدوج "الأرغول" ، العود بكل أنواعه، الصناجات، والكنارة "الطنبور / السمسمية". وكشف صالح - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأحد - أن المصريين القدماء هم من ابتدعوا وظيفة "المايسترو" الذي يوجه الفرقة بيديه، كما ابتدعوا "التخت" الموسيقى، والغناء الجماعي (الكورال) الذي يصاحبه فرقة موسيقية، إضافة إلى انهم أول من مارسوا "الرقص التعبيري"، مشيرا إلى أن المصريين هم من أعطوا الأسكتلنديين "القربة الموسيقية"، وهم الآن يشتهرون ب "موسيقي القرب"، كما أعطوا اليونان آلة "الكنارة" الموسيقية. وقال: إن كل الأدلة التاريخية تثبت أن الغناء والموسيقي والرقص تعد جزءا أساسيا من الثقافة المصرية، فكانت وظيفة حياتية وقيمة دينية، خاصة وأن خصائص الفنون هي انعكاس لطبائع الشعوب، فالمصريون القدماء هم أول من غنى للأزهار بكل أنواعها وللحدائق وللغزل، والحب، وفي المعابد والقصور والبيوت، وأثناء العمل إلى جانب الأغاني الدينية والدنيوية. وأضاف أن أغلب المؤرخين التاريخيين ذكروا ذلك، ومنهم ديودور الصقلي الذي زار مصر وكتب قائلا "آلهة مصر مغرمون بالموسيقى ويجدون اللذة في سماعها... واخترعوا القيثارة ذات الثلاثة أوتار"، فيما أشار أفلاطون إلى أن " الموسيقي في مصر لم تكن حرة بل لها قوانين.. والموسيقى المصرية أرقي موسيقي في العالم، وهي النموذج المعبر عن الجمال والخير"، وفى كتابه الجغرافيا أوضح سترابون أن "الموسيقي شغلت مكانا هاما في تفكير المصريين..وحظيت باهتمام بالغ من الشعب المصري". وأوضح أن النساء في مصر القديمة عازفات ماهرات، وعزفن على كل الآلات الموسيقية وكأن الموسيقي مرتبطة بهن، فسيدة الموسيقى في مصر القديمة هي الالهة "حتحور".. لافتا إلى أن النساء عزفن على الهارب والناي المزدوج والدف، وحملن الألقاب المتعلقة بالموسيقي وهى "حسيت " أي مطربة و"حسيت م بنت " أي عازفة القيثارة، و"خنيت " أي الملحنة، و"شمعيت" أي المنشدة. وكشف صالح عن 3 مصادر رئيسية لاستقاء المعلومات حول الموسيقى الفرعونية أولها التراتيل والقداس في الكنائس المصرية، حيث يعد الإمتداد الوحيد الذي يمكن أن نستقي منه الألحان الفرعونية والسلم الموسيقي السباعي، مشيرا إلى أنه في مصر القديمة تم استخدام السلم الخماسي، ولكن اعتبارا من الدولة الوسطى استخدم السلم السباعي والرتم الفرعوني. كما أضاف أن الآلات الموسيقية القديمة هي المصدر الثاني لاستقاء معلومات حول الموسيقي الفرعونية، من خلال طول الآلة وحجمها بالنسبة للجسد، وطول الأوتار وعددها، ومادة صناعة الآلة، وحجم صندوق الصوت في الآلات الوترية، وعدد الفتحات وحجم اتساعها، فيما يعد المصدر الثالث والأخير لاستقاء المعلومات عن الموسيقي الفرعونية هو دراسة تفصيلية لمناظر الرقص والغناء في مصر القديمة. وتابع أنه من خلال مناظر الرقص في مصر القديمة تم استنتاج العديد من المعلومات، فمن خلال النظر إلى القدمين ومعرفة طول الخطوة تم التعرف على سرعة الإيقاع، وإذا ارتفعت القدم من الأرض ووصلت إلى أشبه القفزة فيدل ذلك أن الإيقاع تم تسريعه، وعند النظر إلى وضع الأيدي والأذرع، فإذا كانت بجانب الجسد فإيقاع الرقصة بطيء، ويرتفع بدرجة ارتفاع الذراعين، فيما تعتمد مناظر الغناء على دراسة حركة الشفاه للمغنيين سواء ضيقة أم متسعة، ووضع الرأس ثابتة أو مائلة للأمام وهو ما يعطي معلومات عن الدرجة الموسيقية والمساحة اللحنية.