أعلن الرئيس السيسى أن هناك دعما خارجيا للعملية الإرهابية التى جرت فى سيناء مؤخرا واستشهد فيها 31 جنديا وضابطا مصريا فى أقذر وأخس جريمة منذ مذبحة رفح الأولى فى رمضان 2012 التى راح ضحيتها17 جنديا صائما .. لم يفصح الرئيس عن المتورطين .. الإعتبارات السياسية والدبلوماسية تمنعه .. لكن أهم ما قاله أن الإرهاب مقصود به كسر إرادة المصريين والجيش عامود الدولة .. هنا مربط الفرس .. المؤامرات على الجيش مستمرة منذ محاولة توريطه فى حرب العراق 2003 .. والسعى لإحداث فرقة بينه وبين الشعب بعد 25 يناير .. ثم استدراجه الى سيناء بعد ثورة 30 يونيو التى انهت حكم الإخوان .. مؤخرا صرح ابن محمد مرسى الرئيس الخائن المسجون بأن سيناء لن تهدأ إلا لو عادت الأمور لنصابها .. أى عودة حكم الإخوان لمصر .. ثانى تهديد صريح من الإخوان بأنهم وراء أحداث سيناء بعد تصريح البلتاجى الشهير عقب الإطاحة بمرسى فى يونيو 2013 .. أول المتأمرين هم قيادات حماس الجناح العسكرى للإخوان .. فهم مازالوا يحلمون بمشروع غزة الكبرى فى سيناء فيرتاحوا من إسرائيل وترتاح إسرائيل منهم ويرضى المجتمع الدولى بهذا الحل للقضية الفلسطسنية وكأن سيناء أصبحت " وطنا قوميا " للغزاوية بوعد مرسى الذى يشبه وعد بلفور لليهود للإقامة فى فلسطين .. فقد أعطى من لا يملك لمن لا يستحق .. نتظاهر " حماس " بلعب ورقة التهدئة مع السلطة الوطنية الفلسطينية ومع السلطات المصرية فيما تعمل فى الخفاء على زعزعة استقرار مصر .. ظاهريا تصرفت " حماس " بما يوحى بأنها تعلمت شيئا من دروس حرب غزة .. فى الواقع .. تبين أن الكلام عن " إنتصار " لم يكن سوى كلام فارغ يستهدف تغطية السبب الحقيقى , الذى تقف خلفه قوي خارجية تستهدف اطالة تلك الحرب .. كل ما فى الأمر أن هناك قوى لم تقبل ولن تقبل بخروج الإخوان المسلمين من السلطة فى مصر .. تصر هذه القوى , مستخدمة القضية الفلسطينية والقاعدة الإرهابية التى اقامتها " حماس " فى غزة وامتدت الى سيناء , كى تستمر الحرب على مصر .. هذا هو التفسير الوحيد المتوافر للعملية الإرهابية الاخيرة التى استهدفت القوات المسلحة والعناصر الأمنية فى سيناء .. ولذلك , كان طبيعيا أن تشمل الإجراءات التى اتخذتها السلطات المصرية إغلاق معبر رفح ومنفذ العوجة ومتابعة البحث عن انفاق التهريب بين سيناءوغزة بغية تدميرها .. وصار مؤكدا لدى جهات التحقيق أن عناصر فلسطينية شاركت فى العملية الإرهابية ضد جنودنا وانها اذا لم تكن تشعر أنها تستند الى " ظهر " سياسى وعسكرى فى غزة , لما اقدمت على هذة الفعلة الشنعاء .. بعد حرب غزة الاخيرة , كانت " حماس " امام خيارين .. بين الإعتراف بفشلها والإعتذار من الفلسطينين عموما وأهل غزة خصوصا , ومن مصر أولا واخيرا .. وبين اتباع سياسة المراوغة التى يتقنها الإخوان المسلمون .. يبدو جليا من خلال ما جرى فى سيناء أن " حماس " اختارت مرة أخرى , وليست أخيرة , سياسة المراوغة .. لا يزال يراود الإخوان المسلمون , ومن يقف خلفهم , حلم مستحيل يقوم على استخدام " الإمارة الإسلامية " فى غزة من أجل قلب الاوضاع فى مصر .. فضلا عن ذلك , لم تستوعب " حماس " أن " ثورة الثلاثين من يونيو " كانت ثورة حقيقية ولم تكن انقلابا عسكريا فى أى شكل .. سبق تحرك الجيش نزول ملايين المصريين الى الشارع للإحتجاج على فقدان الزمن والنظام أولا وعلى غياب أى مشروع سياسى أو اقتصادى أو إجتماعى لدى الرئيس المخلوع محمد مرسى والذين كانوا يديرونه من خلف الستار من داخل مصر وخارجها .. هؤلاء كانوا يريدون إلغاء مصر لا أكثر وذلك فى إطار مشروع تعميق حال الخلل فى التوازن الذى يعانى منه الشرق الاوسط .. هذا الخلل الذى تستفيد منه ثلاث قوى هى إيرانوتركيا وإسرائيل .. كانت " ثورة الثلاثين من يونيو " تحركا شعبيا لم يسبق لمصر أن عاشت مثيلا له .. يفترض فى " حماس " وفى من يسيرها الإقتناع بأن لا جدوى من متابعة الحرب على مصر من خلال عصابات إرهابية فى سيناء لديها من يحمى ظهرها فى غزة .. أو من خلال الحدود الليبية .. لقد كان واضحا من البداية أن " حماس " استفزت إسرائيل فى أغسطس الماضى بتعليمات من تركيا وايران لجر مصر الى مواجهة سياسية تظهر فيها وكأنها تخلت عن دعم الفلسطينين الذين يرزحون تحت الحصار والقصف الإسرائيلى اليومي.. قتلت " حماس " ثلاثة مراهقين يهود فى الخليل واعترفت بجرمها بعد ذلك .. هاجت إسرائيل .. لكن مصر كانت أذكى من الجميع .. طرحت مبادرة لوقف إطلاق النيران رفضتها حماس فورا ثم وافقت عليها بعد شهر .. أدركت مصر أن " حماس " تعمدت تبرير الوحشية الإسرائيلية على أمل أن يؤدى ذلك لردود فعل إعلامية وسياسية وشعبية داخل مصر .. غير أن خبرة مصر ومعرفتها بأساليب حماس جعلها تسارع لعقد مؤتمر دولى لإعمار غزة لتضع حماس وتل أبيب أمام مسئولياتهما وتقطع الطريق أمام محاولات الدول الثلاث الكبرى إيرانوتركيا وإسرائيل لاستخدام " حماس " كمعول هدم وتخريب ضد مصر التى مازالت صامدة وراسخة بفضل جيشها القوى الذى مازال يقلق كثيرين .. ( الدول الكبرى ) تحدثنا فى الجزء الأول من المؤامرة على مصر عن دور حماس فى العملية الإرهابية وقلنا أن هناك دلائل على أن حماس تظهر غير ما تبطن وتحمى المتسللين الى سيناء ولا تفكر فى بذل الجهد للقبض عليهم .. وقلنا أنها حاولت إظهار مصر بمظهر العاجز عن حماية أهل غزة فأفتعلت حادث قتل مراهقين إسرائيليين فى الخليل فى أغسطس الماضى مما دفع تل أبيب لشن أكبر هجوم ضد غزة , وكانت " حماس " تأمل أن تثور النخبة المصرية والمثقفون والإعلام على تخاذل مصر , ورفضت حماس فى البداية المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار على أمل أن يتزايد الضغط السياسى على السيسى فتتم الإطاحة به .. غير أن مؤتمر إعمار غزة أظهر الوجه الحقيقى للقاهرة وغزة , ومن منهما الأكثر حرصا على الفلسطينيين ومن الذى يضحى بهما لتحقيق ماّرب شخصية لمشعل ورفاقه الذين يلعبون دور مخلب القط لصالح ثلاث قوى إقليمية كبرى هى إيرانوتركيا وإسرائيل .. الغريب أن الدول الثلاث تتعارض سياستها مع بعضها وتتفق على الإضرار بمصر .. فمثلا يبدو أن طهران تناصب إسرائيل العداء لكنها تتفق معها فى إضعاف القاهرةوتركياوإيران تتنافسان على قيادة المنطقة وهل تكون القيادة لأنقرة السنية أم لطهران الشيعية .. أما إسرائيل فهى تريد كسر إرادة مصر وجيشها لأنها العقبة الوحيدة أمامها .. أولا : إيران تعلم أن سقوط مصر الأزهر معقل العالم السنى سيجعل العالم العربى شيعيا بمنتهى السهولة خصوصا وأن لها سيطرة على الخليج حاليا واقامت نظاما مواليا لها فى اليمن لتتحكم فى البحر الأحمر من مضيق باب المندب والمحيط الهندى .. من ثم فان طهران تسعى لخنق الممر الملاحى العالمى لمصر وهو قناة السويس من الجنوب وبالتالى تقليص حجم التجارة التى تمر بهذا الشريان الهام للإقتصاد المصرى .. طهران تمول حماس الان – رغم خلافهما الأخير لموقف حماس المعارض لبشار حليف إيران – لضرب الإقتصاد المصرى والتأثير عليه سلبيا خصوصا بعد الإنتهاء من توسعه القناة وبدء العبور فى الإتجاهين وتحويل سيناء الى مركز دولى للتغليف والإمداد والتموين والتعبئة وتجارة الترانزيت وهو المشروع الذى تعول عليه مصر كثيرا لتحسين ظروفها الإقتصادية وتوفير 4 ملايين فرص عمل للشباب .. ومن ثم سيحجم المستثمرون على ضخ أموالهم فى سيناء التى تشتعل إرهابا وقتلا وتفجيرات .. ثانيا : إسرائيل تشارك طهران نفس الهدف لأن مشروع توسعه قناة السويس قضى على سكك حديد إيلات –ايشدود وهى الخطة التى اعتمدها مجلس الوزراء الإسرائيلى مؤخرا لتحويل الدولة العبرية الى منطقة عبور للتجارة العالمية وتكون بديلا اّمنا لقناة السويس التى تشتعل ضفتها الشرقية بالإرهاب وتهدد الملاحة العالمية والإستثمارات الدولية .. وهناك مصلحة أخرى لإسرائيل فثأرها لم يبرد بعد من مصر التى استردت سيناء منها , وهى تفعل ما فى وسعها لسلبها مرة أخرى ليس عن طريق الإحتلال , ولكن من خلال عدة خيارات أما منحها للفلسطينيين لتكون بديلا للدولة التى لا تريد تل أبيب الإعتراف بها أو إرغام مصر على إدارة غزة وهكذا تلقى قنبلة موقوته فى أرضنا وتغلق تل أبيب حدودها مع غزة , وتصبح مصر مأوى للقاعدة وداعش والإخوان وحماس .. وبالتالى نجد أنفسنا يوما وقد أصبحنا هدفا لتحالف دولى جديد للقضاء على الإرهاب فى سيناء !! إسرائيل تعرف أن تنمية سيناء وتعميرها وإستغلال مواردها الطبيعية وثراوتها المعدنية والبشرية كفيل بنقل الإقتصاد المصرى الى مرحلة متقدمة للغاية وتحجيم الأزمات الكبرى للمجتمع المصرى .. ثالثا : تسيطر على تركيا أوهام أحياء الخلافة العثمانية عن طريق تقسيم الدول المجاورة لها مثل سوريا ومصر من خلال دعم العناصر الإرهابية وهى فى هذا تتفق مع إيران خصوصا وأن هناك أنباء مؤكدة عن دعم لوجستى تركى " لحماس " لإضعاف مصر إقتصاديا وانهاكها عسكريا خاصة وأن القاهرة هى المعقل السنى القوى الذى ينافس الوجود التركى بالنسبة للعالم الإسلامى كما أن القاهرة ليس لها أجندات خافية مثل تركيا التى تتصرف فى المنطقة بحسابات معقدة مثل طهران .. فالفرس يريدون أن يكونوا مركز الإشعاع الشيعى فى العالم الإسلامى كما يحلم الأتراك بأن يتبوأوا مكانه الأزهر لدى السنة .. ولن يتحقق لهؤلاء أو أولئك أحلامهم ومصر قوية ومستقرة وراسخة اقتصاديا وموحدة جغرافيا وغير مخترقه من تنظيمات إرهابية كالإخوان وحماس وشعبها ملتف حول جيشه وقيادته .. مصرلن تكون ساحة لميلشيات سنية أو شيعية أو إرهابية تقاتل المصريين تحت عباءة الإسلام وهو منهم براء .. خصوصا وأن أهدافهم ومصالحهم باتت معروفة للجميع ..