لم تتردد إسرائيل فى تصعيد حربها على الأراضى الفلسطينية وتحديدا قطاع غزة لتجتاحه برا إضافة إلى العدوان الجوى. هذا التصعيد الإسرائيلى لم يكن ليحدث بهذه الدرجة لو أن حماس لم تفقد تماسكها السياسى وشعبيتها داخليا وخارجيا، ولو أن الظروف كانت مختلفة والأوضاع العربية والإقليمية أكثر استقرارا. إسرائيل تدرك جيدا أن بعض ردود الفعل العربية والإقليمية والدولية هش وضعيف فى معارضة العمل العسكرى الإسرائيلى وبعضها الآخر قوى ومبارك لهذا العمل. على الجانب الآخر ارتفع إجمالى ضحايا غزة، أمس الأربعاء، إلى أكثر من 655 قتيلا، و4200 جريح منذ بدء العدوان الإسرائيلى، وقال أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة فى غزة، إن «غارات إسرائيلية من الطائرات، والآليات المدفعية، والزوارق البحرية تسببت بارتفاع عدد القتلى إلى 655، بينهم 164 طفلا، و79 امرأة، و36 مسنا، وإصابة 4200 آخرين». اختلفت الأسماء.. والحرب واحدة عملية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على فلسطين «شيلف شتيدفاست» كما أطلقت عليها إسرائيل وتعنى بالعربية «الجرف الصامد» والتى بدأت فى الثامن من يوليو. تسمية تعكس توجهات وأهداف هذه الحرب من تجريف الحركات المسلحة داخل الأراضى الفلسطينية من جميع ذخائرها ونزع سلاحها الموجود تحت الأنفاق أو فوقها بصمود وإصرار لا رجعة عنه. وهى نفس الحرب ولكن باسم آخر وهو «عملية العصف المأكول» كما جاء على لسان كتائب عز الدين القسام الجناح العسكرى لحركة حماس. اسم يعكس تمسك حماس بالتغليف الدينى لكسب التعبئة الشعبية ورفع المعنويات. بينما جاء اسم «البنيان المرصوص» واصفا نفس العملية من قبل حركة الجهاد الإسلامى عاكسا الرغبة فى استغلال الظرف وتداعياته المفجعة لتوحيد صفوف المقاومة. عملية متعددة الأسماء والأهداف ولكنها متطابقة فى المكان والزمان. مشعل ينحاز إلى محور «تركيا الإخوان قطر» حماس الآن تعتبر فى ورطة شديدة بعد فشل المشروع الإخوانى وانقسام الحركة إلى جناحين، جناح متشدد كان يؤيد الاصطفاف مع محور (إيران- حزب الله- سوريا) وجناح آخر دخل فى محور (تركيا- الإخوان- قطر)، فقد كان هناك انقسام غير معلن فى صفوف حماس الداخل والخارج، وكما ذكر د. سمير غطاس (رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية) فى إحدى لقاءاته أن الجناح العسكرى فى حماس يحمل خالد مشعل المقيم فى قطر مسؤولية الفشل الحمساوى لأنه ترك المحور الأول وتعامل مع المحور الثانى. هذا إضافة إلى أن الحكومة الإسرائيلية تلقت الضوء الأخضر بتصعيد الحملة على قطاع غزة من الإدارة الأمريكية وعلى الأخص من وزير الدفاع شيك هيجل ومن مستشارة الأمن القومى سوزان رايس. هذا الجناح الصقرى داخل مجلس الوزراء المصغر يلوح فى وجه نتنياهو بورقة حل الحكومة والانسحاب من الائتلاف والدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة للكنيست، وهذا ما يخشاه نتنياهو من جهة أخرى، الوضع العربى والإقليمى المأزوم ساعد فى تحقيق الضربة العسكرية الإسرائيلية والحرب البرية على قطاع غزة وخصوصا أن حزب الله وسورياوإيران باعتبارها العمق الاستراتيجى لكل من حركة حماس والجهاد الإسلامى والمنظمات الأخرى يواجهون ورطات داخلية ومشكلات خارجية. فحزب الله يواجه ورطة كبيرة فى الداخل اللبنانى، وكذلك سوريا التى تواجه معركة طاحنة مع أطراف شرسة عديدة. أما إيران فقد استنفرت جميع طاقاتها العسكرية والاستخباراتية والمالية لإدارة أكثر من صراع فى المنطقة: فى سوريا والعراق ولبنان وكذلك فى اليمن. لذلك من المستبعد أن يكون لإيران أى دور فى دعم المنظمات الفلسطينية حتى إذا ما تطور الوضع إلى حد احتلال إسرائيل لقطاع غزة. هل تستفيد حماس من الحرب؟ فى ظل الأوضاع الإقليمية والداخلية الفلسطينية التى جعلت حماس فى أضعف حالاتها سياسيا قبل اتفاق الحكومة مع فتح، أصبحت حركة حماس على بعد خطى من التخلى عن حكمها لقطاع غزة، سعيا إلى قبولها عربيا وإقليميا ودوليا. ولكن جاءتها الفرصة مرة أخرى لإيجاد موقع لها فى النظام السياسى الفلسطينى بعد أن فشلت فى استعادة دعم حليفيها السابقين فى طهران ودمشق عند إنجاز المصالحة الفلسطينية والاتفاق على تشكيل حكومة التوافق الوطنى. ولكن ما زالت حماس تعانى من تراجع شعبيتها الفلسطينية والعربية. فلم يكن السفير الإسرائيلى السابق لدى مصر شلومو كوهين يمزح عندما قال إن الرأى العام المصرى وليس النظام الحاكم فى مصر سيكون مرحبا بعملية اجتياح لقطاع غزة من قبل جيش الدفاع الإسرائيلى تؤدى إلى تغيير المشهد جذريا عن طريق القيام بعملية جراحية إسرائيلية تستأصل فيه حركة حماس كليا. كان هذا بسبب دعم حماس لجماعة الإخوان المسلمين التى حكمت مصر لمدة عام، وحاولوا إسقاط هذا الحكم الذى وصفه البعض ب«المتخلف والرجعى». فقدت حماس مكانتها السياسية بالسقوط المدوى للإخوان فى مصر، لهذا رجح البعض أن التصعيد الحمساوى ضد إسرائيل كان هدفه مصر، ربما وجهت حماس صواريخها على تل أبيب والقدس وحيفا، لتكون إسرائيل رهينة فى محاولة للتقرب من القاهرة، لرفع الحصار عن غزة وفتح معبر رفح الحدودى واستعادة مكانة ما على الخريطة السياسية أو على الأقل ضمان بقائها. هدوء مقابل هدوء الاقتصاد والسياحة فى إسرائيل يواجهان ضربات مُوجعة بمجرد استمرار سقوط الصواريخ الأزمة فى العلاقات المصرية- الحمساوية واضحة ويمكن فهمها أكثر بالنظر إلى عرض القاهرة على الحركة «هدوء مقابل هدوء» أو ما عرف بالمبادرة المصرية للتهدئة. ربما بالنسبة لحركة حماس، كان تبريرها المعلن لرفضها هذه المبادرة هو الطريقة التى تم عرضها، فكما ذكر ممثل المنظمة فى غزة، غازى حماد، أنه تلقى الوثيقة المصرية لوقف إطلاق النار بعد نشرها فى وسائل الإعلام المصرية، ومن وجهة نظر حماس، لقد كان العرض تجربة مهينة لها، لأنه لم يهتم أحد بالتشاور معها، وتعليلها لذلك بأهمية إجراء التعديلات التى طلبتها حماس على مبادرة الهدنة، أهمها: فتح المعابر، وإطلاق سراح أسرى صفقة شاليط فى 2011. فعليا، أرادت حماس من وراء الرفض الضغط على الجانب المصرى لتنفيذ طلباتها وشروطها وإلا وجدت البديل من خلال النافذة القطرية أو التركية. ومن الجدير بالذكر أن حركة حماس قبلت بالمبادرة القطرية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة. وذكر موقع «واللا» الإخبارى الإسرائيلى التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه تم تسليم المبادرة للجانب الإسرائيلى للاطلاع عليها، وأكد أن وثيقة الدوحة تشترط إبعاد مصر من الوساطة وضم تركيا بدلا منها. من يحسم المعركة سياسيا.. حماس أم إسرائيل؟ إذا خسرت حماس.. من سيفوز من الفصائل؟ التصعيد الإسرائيلى لم يكن يحدث لو أن حماس لم تفقد تماسكها وشعبيتها داخليا وخارجيا إذا لم تنتهز الأخيرة الفرصة الكافية لتعيد صورتها الأولى بين الناس، القائمة على ثوابتها فى المقاومة ودحر العدو الصهيونى، فهناك تهديد وجودى بالنسبة إلى حماس فى دائرة الحرب القائمة الآن بين الجانب الفلسطينى والإسرائيلى، وهو محاولة أعضاء من حركة الجهاد الإسلامى الفوز على حماس فى التنافس على من سيطلق نيرانا أكثر وأبعد على إسرائيل. فقد استطاعت حركة الجهاد الإسلامى سرقة الأضواء عندما قامت يوم الأربعاء 16 يوليو بإطلاق صاروخ على تل أبيب، وسبقت حماس فى هذه المهمة بعدة ساعات. تفوقت حماس بعد ذلك على هذا الإنجاز بإطلاقها صواريخ وصلت إلى ما بعد تل أبيب شمالا. دور حركة الجهاد الإسلامى فى فلسطين تنامى وتوغل داخل الشارع الفلسطينى وخارجه، قد يكون ذلك نتيجة طبيعية لتدهور مكانة حماس فى فلسطين بعد سبع سنوات عجاف عانى شعبها اقتصاديا واجتماعيا. فى هذه السنوات لم تكن «الجهاد الإسلامى» مسؤولة عن معاناة غزة، ولم تفقد علاقاتها الخارجية مع أطراف أساسية فى اللعبة السياسية الإقليمية والدولية، فهى من جهة على علاقة قوية بإيران وتحظى بدعم هائل منها، ومن جهة أخرى «الجهاد» معتدلة فى سلوكها تجاه مصر بخلاف حماس التى ينظر إليها على أنها جزء من الإخوان المسلمين. وقد تكون «الجهاد الإسلامى» هى مفتاح إيران للدخول إلى غزة وتحول الدور الإيرانى فى هذا الاتجاه إلى دور مهم ومحورى فى فك النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين ووقف إطلاق النار. وفى ظل الاجتياح القائم على غزة وإطلاق صواريخ المقاومة على المناطق المحتلة فى تل أبيب وغيرها، يرى بعض المحللين أن حماس ستطلق بعض ال100000 من ترسانة صواريخها لأنها لا تملك الكثير لتخسره بعد الآن، لقد فقدت الدعم المصرى، ولا يمكنها الحصول على المال لدفع الرواتب، وأنها تنتقم لمقتل عديد من عناصر الإرهاب فى نفق انهار عليهم بعد تجرؤ إسرائيل على مهاجمتهم، وهى اليوم تسعى لإعادة فرض نفسها على أنها «المقاومة» الصادقة الوحيدة لإسرائيل. تأثيرات الحرب.. سياسيًّا وعسكريًّا واجتماعيًّا أولاً: إسرائيل الحكومة الإسرائيلية تلقت الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية بتصعيد الحملة على غزة تحذيرات سياسية من الحرب البرية على غزة ومخاوف من عودة الوعى العربى القومى المناهض لإسرائيل باعتبارها العدو الأول. فقد كانت أبلغ العبارات التى رددت فى نطاق هذه التحذيرات ما صدر عن الجنرال عاموس يادلن (رئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية السابق والمدير الحالى لمعهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى) من أن رئيس الوزراء ومن حوله من الحمقى والمتهورين، وكان يقصد بذلك أفيجدور ليبرمان، هم من سيتحملون مسؤولية عودة الوعى العربى الجمعى والقومى، وإضعاف الأنظمة البراجماتية والمعتدلة فى العالم العربى. وقال: «نخشى أن تمتد روح غزة وتتسع من شريط صغير إلى عالم عربى شاسع وممتد من المحيط إلى الخليج وأن يكون الجامع والرابط هو العداء لإسرائيل»، أى عودة إسرائيل لتجد نفسها جزيرة معزولة فى هذا المحيط، وبذلك تكون قد فقدت ما أحرزته فى السنوات الماضية من المزيد من التطبيع وتوقيع اتفاقيات السلام وغيرها. أما على المستوى العسكرى فقد تفشت ظاهرة الانهيار النفسى بين صفوف الجنود الذين استدعوا للخدمة وانخرطوا فى التشكيلات المتموضعة من حول قطاع غزة، وخصوصا الذين يخدمون فى فرقة غزة وسيناء المحتشدة على طول القطاع كانت جلية. وبحسب المصدر فإن أكثر من مئة حالة من الانهيار النفسى اجتاحت جنودا فى الوحدات المتأهبة للقتال على حدود قطاع غزة بالإضافة إلى وحدات موجودة فى الخلف. مثل هذه الظاهرة تجتاح أيضا قوات تابعة لقيادة المنطقة الشمالية المرابطة فى مواجهة جنوبلبنان نتيجة خوف من أن تندلع مواجهة واسعة النطاق مع حزب الله بسبب القرب الجغرافى. هذا إضافة إلى تنامى ظاهرة تعاطى الأقراص المهدئة هربا من حالة التوتر المصاحبة للجنود الذين يقبعون فى خنادقهم وداخل دباباتهم وآلياتهم بانتظار تلقى أوامر بالتقدم لمهاجمة القطاع. تأثير هذه الحرب ألقت بظلالها على أبناء بن غوريون اجتماعيا واقتصاديا، فقد تلقى القطاعان الاقتصادى والسياحى فى إسرائيل ضربات مُوجعة، بمجرد استمرار المواجهة، وعمليات سقوط الصواريخ. ضربات تؤثر سلبا على اقتصاد الحكومة الإسرائيلية ومستوطنيها. كما سيطر الهلع والخوف غير المسبوقين فى تاريخ إسرائيل المصحوبة بالصراخ والبكاء والهرب إلى الملاجئ على الحياة اليومية للمستوطنين بعد سقوط الصواريخ على المدن الرئيسية وخصوصا منطقة تل أبيب وجوشدان. وأيضا حالات الانهيار العصبى التى استدعت نقل مئات الحالات إلى العيادات النفسية والمستشفيات فى مدن تل أبيب وهرسيليا ورمات جان وحيفا، بالإضافة إلى المدن فى الجنوب، بئر السبع وعسقلان وأسدود. ظاهرة جديدة توالدت ولا تزال فى بداياتها لكنها تتعاظم وفق أبحاث أجرتها جامعة حيفا وبنغوريون وتل أبيب حول ظاهرة النزوح إلى الخارج والخوف من أن تتحول إلى موجة عارمة من النزوح، خصوصا مع استمرار الحرب وسقوط الصواريخ على المدن الرئيسية. وهذه الظاهرة تكمن خطورتها فى إخلال التوازن الديمغرافى بين الفلسطينيين والمستوطنين من اليهود والذى كثيرا ما يقلق إسرائيل. ثانيا: حماس على المستوى السياسى، المشكلة تكمن فى المدة الزمنية لهذه الحرب ومدى تورط حماس وانغماسها وراء الاجتياح الإسرائيلى دون التوصل إلى وقف للنار، وخصوصا أن مصر التى أخذت على عاتقها محاولات إيجاد مخرج للأزمة، لا تتمتع بعلاقة ثقة جيدة مع حماس، الأمر الذى يجعل هذه الأخيرة بموقع المُرتاب والمُتردد بالموافقة على أى بند مطروح وعلى أى تسوية مُقترحة. وتَعتبر الحركة أن حرب الاستنزاف ستُعزز شروطها التفاوضية، وليس العكس، حيث دخلت حماس فى وساطات تركية وقطرية وغيرها دون العلم بنتائج هذه المجهودات، بل إيمانا منها بأن ذلك سيدفع إسرائيل إلى الموافقة على وساطة من جانب تلك الدول. كما تراهن حماس على فشل إسرائيل فى عمليتها الأمنية البرية، وتتوقع أن لا تكون موسعة، بل محصورة فى قطاع جغرافى ضيق، وذلك من باب التهويل والضغط وليس بهدف إعادة احتلال القطاع. أما إسرائيل فتسعى من خلال تصعيدها البرى المستجد إلى رفع منسوب الضغط إلى أقصى درجة، علها تنجح بكسر تعنت حماس، وعلها تستجلب ضغوطا دولية أكبر على الحركة. مع استمرار دوران عجلة الحرب على غزة يعلو صوت الخوف من أن تُصبح الضغوط الدولية على السلطة الفلسطينية أكبر فى حال استمرار المواجهات الحالية لفترة زمنية أطول وخسائر بشرية أكبر، ما قد يُحدث شرخا جديدا داخل الصف الفلسطينى الذى بذل جهودا مُضنية على مدى سنوات للوصول إلى حكومة وحدة، خصوصا أنه توجد حاليا محاولات جدية لكف يد حماس عن قطاع غزة بحجة إنقاذ المدنيين الفلسطينيين. أما شعبيا، فلم تستعد حماس شهرتها الأولى كحركة مقاومة ثابتة على مبادئها كما عرفت فى بداية انطلاقها، بل بالعكس زاد وضعها سوءا بسبب رفضها وقف إطلاق النار وإصرارها على إطلاق قذائف صاروخية على المراكز السكنية فى إسرائيل. وحتى لو استجابوا لاقتراح مصرى فى المستقبل فإن مشهد تحويل واستخدام السكان الفلسطينيين كدروع بشرية يجعل قادتها تحت التعريف القانونى لمجرمى حرب بدرجة عالية. إن سكان غزة محكومون بقوة السلاح، فلا يستطيع أحد منهم أن ينتقد مسلحى الحركة. ولا أحد فى القطاع لا يعلم أن قادة حماس والجهاد الإسلامى طول هجمات رد الجيش الإسرائيلى يلوذون إلى ملاجئ وأنفاق تحت الأرض أو لأماكن مدنية مثل المستشفيات والمدارس فى حين يكون الجمهور معرضا لنتائج الحرب. يبدو أن القدرة على الاحتمال التى يظهرها المجتمع الفلسطينى فى غزة لا تنبع من اختيار ومن موطئ قدم صلب، بل من اضطهاد وضرورات الواقع التى تمنعهم حتى من الحق فى الشكوى. إجبار الفصائل الفلسطينية وخصوصا حماس على إعادة النظر فى استمرارية المعركة وإطلاق الصواريخ أصبح مطلبا أساسيا بسبب الفقدان اليومى للمدنيين. وعلى الرغم من نجاح المقاومة الفلسطينية فى إثبات قدرتها على إلحاق ضربات مادية ومعنوية كبيرة فى العمق الإسرائيلى، فإن المقارنة بين حجم الضحايا والخسائر لدى الطرفين تُظهر حجم المأساة الكبيرة فى صفوف الفلسطينيين، الأمر الذى يستوجب العمل على وقف المعركة فى أسرع وقت، لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، ولإعادة الحد الأدنى من مقومات الحياة للفلسطينيين المحاصرين فى القطاع، ولمنع استرسال إسرائيل فى هجومها البرى.