بكين: رغم التراجع الملحوظ الذي منيت به حركة الصادرات الصينية في ظل الكساد الحاد الذي يواجه الاقتصاد العالمي، إلا أن الصين صاحبة ثالث اكبر اقتصاد في العالم مازالت تعول كثيرا على كل من خطة التحفيز المالي الضخمة التي تقدر تكلفتها بنحو 4تريليونات يوان والنشاط الأخير المسجل في حركة الإقراض المصرفي حيث تتطلع لأن تكون أول دولة في العالم تنجح في التعافي بشكل تام من آثار الأزمة الراهنة . ولعل ما يعزز تلك التطلعات ، المؤشرات الايجابية الأخيرة للاقتصاد الصيني على صعيد الأسواق المحلية حيث كشفت البيانات عن ارتفاع الاستمارات في كل من القطاع العقاري والصناعي بنحو 30.5 % خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي كما سجل المعروض النقدي نموا قياسيا وتجاوزت قيمة القروض الجديدة المستوى المستهدف من قبل الحكومة الصينية للعام 2009 بأكمله والذي حدد عند 5 تريليونات يوان . وأشار تقرير أوردته شبكة بلوم برج الإخبارية إلى أن حدوث انتعاش للاقتصاد الصيني سيساعد دول على مستوى القارة الآسيوية من خلال تنشيط صادراتها بجانب إعطاء مؤشر جديد على أن الاقتصاد العالمي بشكل عام قد تمكن من تجاوز أصعب مراحل الأزمة. ويرى كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة أسيا والمحيط الهادئ في مصرف سوسيتيه جنرال بهونج كونج أن التعافي من الصدمة الكبيرة التي تعرض لها الاقتصاد الصيني في النصف الثاني من العام الحالي كان من الصعب أن يتم بشكل سلس وسهل إلا أن الصين يمكنها أن تواصل إجراءات التحفيز الاقتصادي لفترة تمتد من 18 شهرا إلى عامين انتظارا لبدء حدوث التعافي الاقتصادي في الدول الغربية . فقد تمكن مؤشر شنغهاى المجمع للبورصة الصينية من إحراز ارتفاعا قويا العام الحالي قدرت نسبته بنحو 46 % في ظل التوقعات المتفائلة بشأن إمكانية تسارع وتيرة النمو الاقتصادي في الصين . ويرى الخبير الاقتصادي جوزيف ستيجليتيز الحائز على جائزة نوبل أن الصين قد تخرج من الأزمة العالمية " كمنتصرة " نظرا لتحصنها بعوامل تتمثل في معدلات الادخار المرتفعة فضلا عن التحرك السريع الذي بادرت به الحكومة الصينية . وعلى الرغم من أن البيانات الاقتصادية الأخيرة قد أظهرت ثمار خطة التحفيز المالي التي أعلنت في نوفمبر الماضي الا ان بعض البيانات قد عززت أيضا من وجهة نظر البنك المركزي الصيني التي ترجح ان بوادر التعافي الاقتصادي الراهنة لم ترتكز بعد على أسس صلبة . فقد تضمنت البيانات الجديدة ظهور تراجع في مستويات نمو الناتج الصناعي خلال ابريل فضلا عن تسارع وتيرة التراجع في إنتاج الطاقة . وتراجعت حركة الصادرات بصورة تجاوزت التقديرات السابقة التي كانت ترجح الانخفاض في حدود 22.6 % خلال ابريل مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي حيث جاء التراجع في ظل انكماش حجم التجارة مع أوروبا والولايات المتحدة . غير أن الصين قد ألغت الحصص التي كانت تقيد حجم القروض المقدمة من البنوك كما أعلنت عن خطط لدعم عشرة قطاعات صناعية شملت السيارات والمنسوجات وتعهدت بزيادة الإنفاق على الخدمات الصحية ومجالات الرعاية الاجتماعية لتنشيط معدلات النمو . وفي ضوء ذلك فقد أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة مؤشرات ايجابية تضمنت مبيعات التجزئة التي سجلت ارتفاعا ب 14.8 % كما قفزت مبيعات المساكن ب 35 % خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي . وقد بلغ معدل نمو الاقتصاد الصيني 6.1 % خلال الربع الأول وهو ما اعتبر أدنى مستوى نمو منذ عام 1999 على الأقل . وعلى الرغم من أن الحكومة الصينية قد أشارت إلى أن تحقيق معدل النمو المستهدف من جانبها العام الحالي والذي تم تحديده ب 8 % قد أصبح أمرا سهل الوصول إليه إلا أن التحدي الأكبر قد يتمثل في العمل ضمان استمرارية النمو على المدى الطويل.