بكين: كشفت بيانات صادرة عن المكتب القومي الصيني للاحصاءات عن مؤشرات إيجابية سجلها اقتصاد الصين خلال شهر أغسطس الماضي في صورة تنبأ بقرب انتهاء تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الصيني. واظهرت الإحصاءات إلى تحسن كلا من الناتج الصناعي والاستثمار ومبيعات التجزئة كما تراجعت معدلات الانخفاض في كل من أسعار المستهلك والمنتج. وأشارت الإحصاءات التي أوردتها وكالة الأنباء القطرية "قنا" إلى أن مؤشر سعر المستهلك وهو مقياس رئيسي للتضخم واصل هبوطه وانخفض بمقدار 1.2% عن نفس الشهر من العام الماضي، ولكن مستواه كان أفضل من شهر يوليو الذي بلغ انخفاضه فيه 1.8%. وقلل هذا التطور من المخاوف من أن حزم التحفيز الاقتصادي الضخمة للحكومة قد تغذي وقوع تضخم في الأسعار. كما أظهر مؤشر سعر المنتج الذي يعتبر مقياسا للتضخم عند باب المصنع هبوطا بنسبة 7.9% بعد أن بلغ هبوطه 8% في الشهر السابق. كذلك أوضحت البيانات زيادة الناتج الصناعي بمقدار 12.3% وهي أعلى نسبة سجلت منذ 12 شهرا وذلك بعد زيادة قدرها 10.8% في يوليو. وبينت أيضا أن الاستثمار في الأصول الثابتة بالمناطق الحضرية ارتفع بنسبة 33% في الأشهر الثمانية الأولى للعام الحالي، كما زادت مبيعات التجزئة فيها بنسبة 15.4%. وعلى الرغم من توالي ظهور مثل هذه المؤشرات الإيجابية في الأشهر الأخيرة فإن الحكومة والخبراء يواصلون الالتزام بالحذر حيث تستمر الحكومة في انتهاج سياسات التوسع في الانفاق لضمان الحفاظ على وتيرة الخروج من الآثار السلبية للأزمة الاقتصادي العالمية. وعلى صعيد متصل فقد عزز الانتعاش الملموس الذي حظى به الاقتصاد الصيني خلال الربع الثاني من العام الحالي من تقديرات الخبراء التي تؤكد ان الصين صاحبة ثالث اكبر اقتصاد في العالم ستكون اول دولة تنجح في التعافي بشكل تام من تداعيات الازمة العالمية وتجاوز مظاهر الكساد التي تواجه الاقتصاديات الصناعية والناشئة على حد سواء. فقد توقعت هيئة ابحاث قومية صينية عودة الاقتصاد الصيني لتجاوز ال 10 % مجددا خلال الربع الأول من العام القادم بعد ان شهد في 2008 اول تراجع عن هذا المستوى منذ 6 سنوات. واشار نائب مدير مركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة الصيني ان السياسة النقدية الراهنة ستظل قائمة على المدى القصير لضمان استمرارية الانتعاش الاقتصادي وبصورة مستقرة. وقال في مقابلة مع صحيفة " شنغهاى سكيورتيز نيوز " اوردتها شبكة "بلوم برج" ان الحكومة الصينية في طريقها للوصول لمعدل النمو المستهدف للعام الحالي عند 8 % مشيرا في ذلك الصدد الى تسارع وتيرة النمو في الربع الثاني. واضاف ان الخطوة المقبلة للسياسة الاقتصادية تتطلب العمل على الانتقال باجراءات تنشيط النمو الاقتصادي من مرحلة " الطلب والاستهلاك في الاسواق المحفز من قبل الحكومة " الى مرحلة " الاستهلاك المحفز من قبل القطاع الخاص " .وتوقع امكانية عودة النمو في اسعار المستهلكين والمنتجين خلال الربع الاخير من العام الحالي. ولا شك ان خطة التحفيز المالي الضخمة التي اقرتها الحكومة الصينية بتكلفة تصل الى 4 تريليونات يوان ( 585 مليار دولار ) فضلا عن النمو القياسي الذي حظيت به في الفترة الاخيرة حركة الاقراض المصرفي قد اعتبرا بمثابة الركيزتان الاساسيتان وراء الانتعاش التدريجي الراهن لمعدلات نمو الاقتصاد الصيني. وبالطبع ايضا فان بوادر التحسن في اداء الاقتصاد اللعالمي قد اسهم خلال الفترة الاخيرة في تنشيط معدلات الطلب على الصادرات الصينية التي تشكل محركا رئيسيا لنمو الاقتصاد الصيني. ووفقا لتقديرات مركز المعلومات التابع للحكومة الصينية فان الاقتصاد لصيني قد يحرز نموا خلال الربع الحالي من العام بنحو 8.5 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي في الوقت الذي قد يقفز فيه الناتج الصناعي بحوالي 11.5 % كما اشار متحدث بأسم وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات. وكان الاقتصاد الصيني قد شهد بوادر تعافي جيدة خلال الربع الثاني حيث قارب معدل النمو المستوى المستهدف للعام الحالي مسجلا 7.9 % مقارنة ب 6.1 % في الربع الاول والذي اعتبر اضعف معدل نمو للصين منذ نحو 10 سنوات.