اللائحة الطلابية بها أزمة دستورية".. عنوان تكرر بأكثر من صيغة في تقارير نشرتها صحف مصرية مع استعداد طلاب الجامعات لبدء العام الدراسي المقرر السبت المقبل. منبع الأزمة التي أشارت إليها التقارير هي "الصلاحيات التي يمنحها الدستور لرئيس الوزراء"، والتي لم يكن من بينها، بحسب ما يرى الطلاب، إصدار اللائحة الطلابية (لائحة حكومية تحدد طبيعة الأنشطة الطلابية داخل الجامعة). هذه القضية وعلاقتها بالصلاحيات التي يمنحها الدستور لرئيس الوزراء، فتحت باب الجدل حول كثير من المواد التي ربما تحتاج إلى تغيير بعد تسعة أشهر من الاستفتاء على الدستور في يناير 2014، ومن بينها صلاحيات رئيس الجمهورية نفسه، حيث أمكن رصد ست عقبات تضعها مواد الدستور في طريق السلطة الحالية وقد تحتاج إلى تغييرها مع أول برلمان يتم انتخابه (لم يتم تحديد موعدها بعد). 1- حقوق المثليين بينما أعلنت الشرطة في 7 سبتمبر الماضي عن القبض على منظمي أول حفل زواج للمثليين في مصر، أثيرت قضية مدى ملائمة القبض عليهم مع مواد الدستور. وتنص المادة 93 من الدستور المصري على "التزام الدولة بالحقوق والحريات الواردة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتى تصدق عليها مصر"، وهو ما قد يكون مخرجًا قانونيًا لمثل هذه السلوكيات. فالمادة ورغم أنها تبدو في ظاهرها جيدة إلا أن المواثيق الدولية، التي ترعاها الأممالمتحدة، تقوم علي إقرار حقوق الشواذ، ومساواتهم بالأسوياء في المجتمع، وهو ما قد يكون مبررًا قانونيًا لانتشار السلوكيات الشاذة. ويرى قانونيون أن هذا المأزق كان ينبغي تداركه بعبارة "فيما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية"، وهي الجملة التي تبناها دستور 2013 ، رغم اعتراضات بعض المنظمات الحقوقية. 2- اللائحة الطلابية ومع استعداد طلاب الجامعات لبدء العام الدراسي في 11 أكتوبر الجاري، تثار - حاليًا - أزمة اللائحة الطلابية، والتي يرى الطلاب الرافضون لها أن بها "مخالفة دستورية"، منبعها الصلاحيات التي يمنحها الدستور لرئيس الوزراء. وتنص المادة 170 من الدستور على "إصدار رئيس مجلس الوزراء اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعطيل، أو تعديل، أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها، إلا إذا حدد القانون من يصدر اللوائح اللازمة لتنفيذه". ويقول الطلاب إن طريقة إقرار اللائحة "مخالف" للمادة، فإذا كان من حق رئيس الوزراء إصدار اللوائح المختلفة، فإنه ليس من حقه إصدار لوائح تنص عليها قوانين أخرى، وبالتالى إقرار اللائحة من رئيس الوزراء "باطل"، وفقا للمادة 196 من قانون تنظيم الجامعات، التى تنص على أن من يقر اللائحة هو رئيس الجمهورية. ولم يصدر رئيس الوزراء اللائحة الطلابية حتى الآن، وقالت مصادر بوزارة التعليم العالي في تصريحات يوم 5 أكتوبر الجاري، إنه من المقرر أن يتم إقرار اللائحة الجديدة عقب إجازة عيد الأضحى مباشرة بالتزامن مع بدء الدراسة، تمهيدا للبدء فى اجراء انتخابات الاتحادات الطلابية، حيث سترسل وزارة التعليم العالى النسخة النهائية من اللائحة الجديدة إلى المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، خلال أيام لاعتمادها. 3- المصالحة الوطنية وبينما يبدو الحديث عن صياغة مبادرة للمصالحة الوطنية غير واضح حتى الآن، حيث ترسل السلطة الحالية - أحيانا - بإشارات إيجابية، ثم ما تلبث بعدها أن تبعث بإشارات سلبية، فإن التحدي الذي سيواجهها هو ضرورة صياغة مبادرة بعد إقرار البرلمان المقبل لقانون العدالة الانتقالية. وتعيش مصر منذ عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي حالة استقطاب حادة، يخشى أن تؤثر بشكل كبير على السلم المجتمعي، وهو ما يستدعي بذل المزيد من الجهد في اتجاه المصالحة الوطنية، وفق مراقبين. وتنص المادة241 من الدستور على "التزام مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقا للمعايير الدولية". وفي تصريحات سابقة لمراسل وكالة الأناضول، قال محمود فوزي، المتحدث الرسمي باسم وزارة العدالة الإنتقالية، إن تطبيق الدستور الجديد يحتم على البرلمان المقبل اتخاذ خطوة في أول دورة انعقاد له في اتجاه ملف المصالحة الوطنية. 4- صلاحيات الرئيس بعض ممن أيدوا الدستور ودعوا للتصويت عليه بنعم، هم أنفسهم من يطالبون - حاليا - بسبب ما وصفوه ب "الأوضاع الأمنية والاقتصادية المرتبكة"، بتغيير مواده التي تتعلق بصلاحيات الرئيس. وأبرزت جريدة "الشروق" المصرية الخاصة في 30 أغسطس الماضي تصريحات مصادر سيادية وحكومية، قالت فيها إن مؤسسة الرئاسة تلقت بالفعل اقتراحات مكتوبة بتعديل الدستور لتعزيز صلاحيات الرئيس في ضوء الأوضاع الأمنية والاقتصادية. وقال مصدر مقرب من الرئاسة للصحيفة (لم تسمه) إن الفكرة ليست مرفوضة تماماً وإن كانت أيضاً ليست مقبولة في المرحلة الحالية، وكشفت المصادر عن أن الرئيس تلقى توصيات من أكثر من شخصية سياسية وجهات سيادية ترى أن الدستور الذى صاغته لجنة الخمسين وتم إقراره بأغلبية كبيرة "لا يتناسب مع حال البلاد"، وفقا لما ذكرته وكالة انباء الاناضول. ويبدو نظام الحكم في الدستور أقرب إلى النظام "شبه الرئاسي"، والذي يمنح صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء في إدارة الحكومة والسلطة التنفيذية. ويمنح مجلس النواب حق اقتراح سحب الثقة من الرئيس وإجراء انتخابات مبكرة بناء على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب، وموافقة ثلثي الأعضاء، وبمجرد الموافقة على اقتراح سحب الثقة، يطرح أمر سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى استفتاء عام بدعوة من رئيس مجلس الوزراء. ويختلف هذا التوجه عن دستور 2012، والذي لم ينص على إمكانية سحب الثقة من الرئيس من جانب البرلمان، وهو ما يعكس السلطات الواسعة التي منحت للبرلمان في مقابل تقليص صلاحيات الرئيس في دستور 2014. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد كشف قبل توليه الرئاسة، في تسريب لأجزاء لم تنشر من حواره مع الكاتب الصحفي ياسر رزق، عن عدم رضاه عن الدستور الجديد. وقال السيسي (كان وقتها وزيرًا للدفاع) في التسريب المسجل والذي أذاعته قناة الجزيرة القطرية في 13 يناير من العام الجاري، إن ما كان مطلوبا من لجنة الخمسين (المنوطة بتعديل الدستور) هو تعديل دستور 2012 المعطل، وليس إعداد دستور جديد، موضحا أن الخروج عن هذا الأمر يعد "تطفيفا في الميزان" على حد وصفه. وأضاف السيسي أن "العقد" الذي تم في الثالث من يوليو الماضي (في إشارة إلى خريطة المستقبل التي تضمنت عزل الرئيس محمد مرسي وتعطيل الدستور وإجراء تعديلات عليه) كان ينص على إجراء تعديلات على الدستور، ولم ينص هذا العقد على كتابة دستور جديد. ووجّه السيسي خلال التسريب انتقادًا لما وصفه بالالتفاف حول المطالب التي تم التوافق عليها، مشيرًا بذلك إلى لجنة الخمسين التي كان من المفترض أن يقتصر دورها على إجراء تعديلات في دستور 2012 المعطل، تحقق ما وصفه ب"الانسجام بين الدستور والمصريين". 5- قانون الطوارئ الحكومة المصرية أصبحت في حاجة ملحة وضرورية لتعديل قانون الطوارئ الحالي، والذي يتضمن مواد غير دستورية تأتي مناقضة لما جاء في المادة 154 من الدستور المصري الجديد، وفق قانونيين. وتشترط المادة الثانية من قانون الطوارئ رقم 162 لعام 1958والمعمول به حتى الآن، "وجوب عرض قرار إعلان حالة الطوارئ على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوما التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وإذا كان مجلس الشعب منحلاً يعرض الأمر على المجلس الجديد فى أول اجتماع". ويتعارض ذلك مع المادة 154 من الدستور المصري والتي تنص على أن "رئيس الجمهورية يعلن حالة الطوارئ بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، على النحو الذي ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه.. وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه". ونقلت صحيفة "المصري اليوم " الخاصة في عددها الصادر الأربعاء 10 سبتمبر / أيلول الماضي، عن مصادر بوزارة العدل أن هذا القانون من بين القوانين التي تعكف وزارة العدل - حاليا - على إعداد مشروع جديد لها. وقالت المصادر إن الرغبة في تعديل القانون ترجع لما وصفته ب "الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، والتي قد تدفع الدولة إلى إعلان حالة الطوارىء في أي وقت".