المنظمات الحقوقية لعبت دوراً هاماً في تاريخ مصر السيسي غير مقتنع بالأحزاب ويقوم بتهميشها النيابة تمارس دور جهاز أمن الدولة سابقاً أمن الدولة ساعد السلفيين لمحاصرة الإخوان قبل الثورة لا أوافق على دخول إتحاد العمال ضمن تحالف الجبهة المصرية «داعش» تنظيم إرهابي وصناعة أمريكية أؤيد القرار المصري برفض التدخل عسكرياً ضد «داعش» علاقة السيسي برجال الأعمال قد تعيدهم إلى السياسة قال حسين عبد الرازق، القيادي اليساري في حزب التجمع، إن أحكام الإعدام الصادرة مؤخراً لا تقلقه لثقته في القضاء المصري، مشيرا إلى أن صفحة الرئيس السيسي ليست بيضاء كما يروج البعض لذلك. وأوضح أن أداء الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد مرور أكثر من 100 يوم على تقلده منصب رئيس الجمهورية، رافقه العديد من الأخطاء.. مهاجما قانون الانتخابات النيابية، وتتطرق إلى حزب النور السلفي وعلاقته بجهاز أمن الدولة قبل ثورة يناير، وأجاب على تساؤلات هامة، نوردها في سياق الحوار التالي. هل هناك اعتقالات سياسية منذ الثلاثين من يونيو؟ لا يمكننا أن نتحدث في المطلق، فهناك من تم القبض عليهم طبقاً لقانون التظاهر وصدرت ضدهم أحكام، وهناك آخرين تم القبض عليهم وقامت النيابة بتجديد حبسهم احتياطياً وأحالت أوراق بعضهم إلى المحاكمة، وهناك آخرين لم يتم إحالة أوراقهم للمحاكمة والتحقيق معهم مستمر، وهذا معناه أنه ليس هناك اعتقال لأن الاعتقال مرتبط بإعلان حالة الطوارئ. هذا من ناحية التكييف القانوني ولكن ألا ترى من الواقع أن هناك اعتقالات؟ النيابة تمارس دور جهاز أمن الدولة سابقاً والأمن الوطني حالياً وتقوم بتجديد الحبس الاحتياطي برغم عدم وجود تهمة حقيقية ولكنها تجمع بين سلطة الإدعاء وسلطة قاضي التحقيق، وهناك جهود حقوقية كثيرة للفصل بين دور النيابة ودور قاضي التحقيق، كي لا يستخدم الحبس الاحتياطي كوسيلة غير مباشرة للاعتقال. هل ترى أن أحكام الإعدام بحق «الإخوان» مرتبطة بالسياسة؟ القانون المصري- تحديداً في أحكام الإعدام- يجبر النيابة على الطعن على حكم الإعدام أمام محكمة النقض إذا لم يتقدم المحكوم عليه بطلب الطعن على الحكم الصادر ضده، وطالما القضايا منظورة أمام القضاء العادي وليس القضاء العسكري أو القضاء الاستثنائي فهناك طمأنينة، لأنه إذا أخطأ القاضي أو كانت عليه "ضغوط سياسية"- إذا افترضنا ذلك- فإن حكمه يعود إلى محكمة النقض التي تصدر حكمها بعد الإطلاع على كافة أوراق القضية، وبالتالي فإن الضمانات القانونية متوفرة خاصة في أحكام الإعدام فهذا الأمر وتلك الضمانات ليست متوفرة في أحكام المؤبد ومادام الأمر في يد القضاء العادي فأنا لا أشعر بالقلق. ما الذي قدمته منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني للمصريين؟ لقد لعبت هذه المنظمات دوراً هاماً في تاريخ مصر منذ أن تكونت أول منظمة في عام 1985 وهي "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" ولها أدوار مختلفة، فهناك المنظمات التي تختص بالمراقبة مثل "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" والتي لعبت أدوارا هامة في كشف التعذيب الذي كان يجري داخل السجون المصرية وأقسام الشرطة واستطاعت في بعض الأحيان أن تجبر جهاز الشرطة على تقديم ضباط متهمين في قضايا تعذيب للمحاكمة، وهناك منظمات حقوقية للمساعدة القانونية مثل "منظمة هشام مبارك" والتي تقوم بتوفير الدفاع القانوني لبعض قطاعات المجتمع التي لا يتوفر لها محامي، وقد أشاعت هذه المنظمات الثقافة القانونية ومواثيق حقوق الإنسان الدولية والاتفاقيات والبروتوكولات التي وقعت عليها مصر، وقبل هذه المنظمات لم يكن هناك هذا الوعي الحقوقي الموجود حالياً، وهذا هو ما يفسر هذا الهجوم الشديد والاتهامات بالتمويل الأجنبي وتلك التهم التي يلقيها كثيرون على منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني. هل توجد منظمات حقوقية مصرية تتلقى تمويلات أجنبية بالفعل؟ التمويل في مصر يتم عن طريق وزارة التضامن الاجتماعي التي تشرف على توقيع الاتفاقيات والبروتوكولات، وبالنسبة للمنظمات التي تتلقى تمويلات أجنبية فهي معروفة ودورها محدود وبالتحديد هناك ست منظمات حقوقية مصرية تتلقى تمويلات من الخارج وتم نشر أسمائها، ونسبة التمويلات التي يتلقونها، وقد كتبت مقالاً من قبل عن هذا الموضوع، وعلينا أن نُفرِّق بين التمويل الحكومي والتمويل الأهلي فقد ساهمت الثقافة الغربية في أن جعلت التبرع للجمعيات والهيئات الحقوقية شيء عادي وأمر يسير يحدث تقريباً بصفة يومية، وهذه الجمعيات الأهلية لا تقوم من نفسها بتمويل أحد الهيئات أو المنظمات ولكن تتقدم الهيئة التي تريد أن تتلقى تمويلاً وتعرض مشروعها وإذا تمت الموافقة عليه يكون هناك عقد بين الطرفين وشروط لا حصر لها، وتشترط الجمعية الأهلية المموِّلة وجود محاسب قانوني ومراجع وموافقة من الدولة، وأغلب المنظمات الحقوقية في مصر تنشر بالتفصيل ميزانيتها وما تلقته من مساعدات وتمويل وجهات الصرف لهذه الأموال وعدد الإنجازات التي تمت بالفعل، وبالتالي هناك فارق كبير بين التمويل القادم من جمعيات أهلية مشروعة وبين تمويل أجنبي قادم من الخارج. هل «داعش» صنيعة أمريكية أم عربية؟ هي جماعة نشأت وتربت على أفكار سيد قطب وأبو الأعلى المودودي، وتمتلك أموالاً هائلة وأسلحة كثيرة ودعم لوجستي كبير، وأي تنظيم إرهابي يكون مستند على قوة مؤيدة تحركه وتتدبر شئونه، و"داعش" هي إحدى الصناعات الأمريكية، وهذا ليس غريباً على سياسات الأمريكان، فما حدث في أفغانستان من تدعيم لما تم تسميتهم"المجاهدين" ضد نظام الحكم القائم حينها ثم في حربهم ضد المحتل السوفييتي خير دليل على ذلك، وقد انقلبت هذه الجماعات وهؤلاء المجاهدين بعد خروج السوفييت واتجهوا لمقاومة الوجود الأمريكي نفسه فانقلب السحر على الساحر، وقد أيدت أمريكا تحرك "داعش" في سوريا ثم انقلبت على التنظيم حينما تدخل في العراق وبدأت المصالح الأمريكية هناك تتعرض للخطر. هل تؤيد مشاركة مصر في القضاء على "داعش"؟ فكرة خروج القوات المصرية للحرب خرج الحدود فكرة مرفوضة شعبياً وسياسياً ورسمياً، وعملية حصر الإرهاب في "داعش" فقط أمر غير صحيح، فنحن في مصر نواجه إرهاباً عنيفاً مع الإخوان، وأنا أؤيد القرار المصري بعدم التدخل عسكرياً لمحاربة "داعش" لأن مصر بالفعل طرف أصيل في محاربة الإرهاب بما نشهده ويشهده العالم من إرهاب الإخوان، فنحن نحارب بالفعل جزء كبيرا من الإرهاب الدائر في المنطقة، والإخوان هم من وراء كل عمليات الإرهاب في المنطقة. ما رأيك في الأداء السياسي لحزب النور؟ حزب النور في حد ذاته" إشكالية "- إذا جاز التعبير- فالسلفيين بشكل عام لم يكن لهم أي اهتمام بالسياسة على مدار تاريخهم وهو ما دفع الدولة المصرية وبالأخص جهاز أمن الدولة قبل ثورة يناير أن يحتضنهم ويساعدهم ويترك لهم الساحة على أساس أنهم سيجعلون الناس يبعدون عن السياسة ويتجهون لأمور العبادة فقط مما يساعد في عملية حصار الإخوان المسلمين، وبعد ثورة يناير اتجه عدد من السلفيين لإنشاء حزب النور والمشاركة في العملية السياسية، وبالتالي فقد جاءوا إلى الساحة السياسية تلحقهم شبهة مساندة أمنية من مباحث أمن الدولة سابقاً والأمن الوطني حالياً بالإضافة إلى عدم وجود خبرة سياسية لديهم، وبعد الثلاثين من يونيو كانت الدولة ذاتها بحاجة إليهم كي لا يتم الترويج على أن الدولة تحارب الدين وتحارب الإسلام فيظهر حزب النور كأحد الجماعات الدينية الكبيرة - جنباً إلى جنب - مع الدولة في حربها ضد الإخوان، وقد كنت عضواً في لجنة الخمسين ورأيت الاهتمام غير العادي من جانب القوات المسلحة- لأنها هي التي كانت تحكم البلاد فعلياً- بحزب النور والعمل على إرضائه بكافة الطرق، ولكني أظن أن هذا الأمر لم يعد قائماً اليوم، وأتوقع أن حزب النور سيعتمد على نفسه في انتخابات البرلمان القادم. وماذا عن التجمع في البرلمان القادم؟ هناك تحالف مُعلن حتى الآن وهو "تحالف الجبهة المصرية" الذي يضم إلى جانب التجمع أحزاب المؤتمر والحركة الوطنية والجيل واتحاد العمال، وأنا شخصياً لا أفهم دخول إتحاد العمال ضمن تحالف انتخابي أياً كان. ما هي إيجابيات وسلبيات الرئيس السيسي بعد مرور 100 يوم على حكمه؟ بشكل عام يمكنني أن أحسب المائة يوم لصالح الرئيس السيسي وقد رصدت خمس عشرة نقطة إيجابية للسيسي، أهمها هي عودة ثقة الشعب في الحاكم وفيما يقول أو يفعل، فبعد تجربة الشعب مع السادات ثم مبارك ثم مرسي فقد الثقة تماماً في الرئيس، وهذه الثقة التي عادت تتجلى في رد الفعل الشعبي على قرار السيسي برفع الدعم والذي استقبله الشعب برضاء لشعورهم بوجود بارقة أمل وغد مشرق ينتظرهم، وهذا لا يمنع وجود سلبيات في أدائه والذين يتحدثون عن أن صفحة الرئيس بيضاء غير مُحقين فهناك سلبيات. قبل أن تحدثنا عن سلبيات الرئيس.. أكمل الإيجابيات؟ هناك كثيرون سوف يتحدثون بإسهاب عن مزايا المائة يوم وإيجابيات السيسي وما أنجزه وحققه منذ توليه الحكم، دعني أضع يدي على نقاط الضعف وسلبيات الفترة الماضية من حكم الرئيس السيسي، كي يعلم الجميع أن الصفحة ليست بيضاء تماماً ولكن هناك مآخذ على الأداء يجب وضعها في الاعتبار. ما هي السلبيات؟ ما كشفته المنظمات الحقوقية وبعض النشطاء من تجاوزات داخل جهاز الشرطة وعودة الجهاز لنهجه القديم، أيضاً من السلبيات.. عدم ستجابة الرئيس للضغط الشعبي والسياسي الهائل لضرورة تعديل قانون التظاهر فهو يملك سلطة التشريع ويمكنه تعديل هذا القانون لأنه لا ينظم التظاهر، ولكنه يمنع التظاهر تماماً، أضف إلى ذلك السلبية الثالثة وهي امتناع السيسي عن تعديل قانون انتخابات البرلمان والمضي قدماً في إجراء الانتخابات النيابية بناءً على هذا القانون "المعيب" الذي صدر في عهد الرئيس منصور وهذا القانون سوف يعيد سيطرة أصحاب الملايين على البرلمان القادم وسوف يقوم بتهميش الأحزاب السياسية مما يتعارض مع المادة الخامسة في الدستور المُعدل والتي تنص على ضرورة التعددية السياسية الحزبية، وثالث السلبيات هي اعتراف الرئيس السيسي واقعياً بعدم اعترافه بالتعددية الحزبية، وقد ظهر ذلك جلياً في عدة مواقف منها عدم رغبته في عقد لقاء خاص مع قادة ومسئولي الأحزاب عندما كان مرشحاً للرئاسة في الوقت الذي التقى فيه بالمثقفين والفنانين والرياضيين والعمال والإعلاميين وتناقش معهم واستمع إليهم، ولكن عند لقائه بالأحزاب دخل إلى القاعة فألقى كلمته ثم خرج دون أن يتناقش مع أحد ولا يستمع إلى رؤى أو وجهات نظر، وهذا أمر له دلالته، وأيضاً عند سفره إلى الولاياتالمتحدة مؤخراً للمشاركة في القمة المنعقدة هناك لم يصطحب معه صحفي حزبي واحد، بل اصطحب اثنين من ممثلي الصحافة القومية وواحد من الصحافة الخاصة وواحد من الإعلام الخاص بالإضافة إلى التليفزيون المصري- برغم أن الرئيس مبارك كان يفعل ذلك- مما يفسر عدم اقتناع السيسي بالأحزاب، وآخر السلبيات هو أن ثورة يناير قامت للمطالبة بالقضاء على البطالة والفروق الاجتماعية وليس فقط من أجل إسقاط نظام مبارك، وأنا أرى قرارات يتم اتخاذها ولكن لا توجد رؤية واضحة أو سياسات عامة تختلف عما سبق. في تقديرك.. ما طبيعة علاقة السيسي برجال الأعمال؟ هذه العلاقة هي أحد الأمور التي تثبت أنه لا يريد تغيير السياسات، فرجال الأعمال في العالم يؤدون ما عليهم من خلال الضرائب التصاعدية والتي تصل في بعض دول أوروبا وأمريكا إلى نسبة 65 %، وهذا الأمر المتعلق بضرورة تبرع رجال الأعمال غير منطقي فلا يجوز أن " الحسنة وأعمال الخير" تحل محل السياسة، وهذا سيعيد دولة رجال الأعمال من جديد وهو ما يجعل العلاقة بين الطرفين على استحياء، وهو أيضاً ما دفع المهندس نجيب ساويرس إلى رفضه لمسألة التبرعات وتفسيره بأن الموضوع حرية شخصية.