المقصود برمي الجمرات في الحج هو رمي الحصيات المعينة العدد في الأماكن الخاصة بالرمي في مني. وهي من واجبات الحج بالإجماع. وقد أخرج مسلم من حديث جابر قال: رأيت النبي. صلي الله عليه وسلم. يرمي علي راحلته يوم النحر. ويقول: "لتأخذوا مناسككم". ووقت رمي الجمار في الحج أربعة أيام لمن لم يتعجل وهي يوم النحر وثلاثة أيام بعده وتسمي أيام التشريق. أما من تعجل فإنه يرمي ثلاثة أيام يوم النحر ويومين بعده ويختلف توقيت الرمي وعدده في يوم النحر عن أيام التشريق. أما الرمي يوم النحر وهو أول أيام عيد الاضحي فيكون لجمرة العقبة وحدها. وهي المعروفة بالجمرة الكبري. ويكون رميها بسبع حصيات. وتقع في آخر مني. تجاه مكة. فيما يعرف بأرض العقبة. ولذلك يري الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة أن موقعها ليست من أرض مني. خلافا للمالكية الذين يرون أرض العقبة جزءا من مني. وأول وقت الرمي ليوم النحر من مساء يوم عرفة إذا انتصفت ليلة النحر. ويستمر هذا الوقت ممدودا إلي آخر أيام التشريق. كما هو مذهب الشافعية والحنابلة وحجتهم: ما أخرجه أبوداود بإسناد علي شرط مسلم. عن عائشة أن النبي. صلي الله عليه وسلم. ارسل بأم سلمة ليلة النحر فرمت قبل الفجر. ثم مضت فأفاضت. قالوا: ويستمر هذا الوقت إلي آخر أيام التشريق لأنها كلها أيام رمي فإذا فاتت تلك الأيام ولم يرم وجب عليه الهدي وإذا رمي قبل منتصف الليل لم يكن راميا وعليه أن يعيد الرمي بعد منتصف الليل وإلا فعليه الهدي. وذهب الحنفية والمالكية ورواية عند الحنابلة: إلي أن أول وقت الرمي للجمرة الكبري يبدأ من طلوع فجر يوم النحر إلي غروب الشمس. وأجاز الحنفية الرمي بعد غروب الشمس إلي فجر اليوم التالي مع الإساءة ولا جزاء فيه واحتج هؤلاء: بما أخرجه الطحاوي عن ابن عباس. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. بعثة في الثقل وقال: "لا ترموا الجمرة حتي تصبحوا" وأخرجه أبوداود والترمذي وصححه عن ابن عباس قال: كان رسول الله. صلي الله عليه وسلم. يقدم ضعفاء أهله بغلس أي "ظلمة آخر الليل" ويأمرهم. يعني لا يرمون الجمرة الكبري حتي تطلع الشمس. ويستمر وقت هذا الرمي عند المالكية حتي المغرب لأنه آخر النهار. ويمتد عند الحنفية إلي طلوع فجر اليوم التالي. لأن اليوم الجديد عندهم يبدأ من الفجر. ولما أخرجه الطبراني بسند فيه متروك. عن ابن عباس أن النبي. صلي الله عليه وسلم. رخص للرعاة أن يرموا ليلا فإذا تأخر الحاج في الرمي عن هذا الوقت وجب عليه الهدي. وإذا رمي قبل طلوع الفجر من يوم النحر لم يكن راميا. وعليه أن يعيد الرمي بعد طلوع الفجر وإلا فعليه الهدي. وأما الرمي في أيام التشريق وهي الأيام الثلاثة التالية ليوم النحر لمن لم يتعجل أو اليومان التاليان ليوم النحر لمن تعجل. فإن الرمي فيها يكون للجمرات الثلاث.. الجمرة الصغري. وهي أول جمرة بعد مسجد الخيف. والجمرة الوسطي وهي التالية. والجمرة الكبري وهي في آخر مني تجاه مكة. يرمي الحاج كل جمرة من هذه الثلاث بسبع حصيات حسب ترتيبها الصغري ثم الوسطي ثم الكبري. ويبدأ وقت الرمي في أيام التشريق بعد الزوال "أي بعد أذان الظهر" فإذا رمي قبل الزوال وجبت عليه الإعادة. وإلا فعليه الهدي وهذا عند جمهور العلماء في المذاهب الأربعة. كما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا وأخرجه مسلم عن جابر قال: رأيت النبي. صلي الله عليه وسلم. "ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة" "البقرة:195" مع قوله تعالي: "وتعاونوا علي البر والتقوي" "المائدة:2" واشترط الشافعية لصحة إنابة المريض أن إلا يرجي برؤه قبل انتهاء أيام التشريق. لأن وقت الرمي عندهم ممدود إلي ذلك. وذهب المالكية إلي أن الإنابة في رمي الحجار لأصحاب الأعذار جائزة. وهي تسقط الإثم في عدم الامتثال. كما تسقط وجوب الهدي في حق الصغير ومن في حكمه من غير المكلفين أما أصحاب الاعذار من المكلفين البالغين العاقلين كالمرضي وكبار السن والنساء الضعيفات فإن إنابتهم في رمي الجمار لا يسقط وجوب الهدي عنهم. لأنهم المخاطبون بسائر الأركان. ويجب أن يرمي النائب أولاً عن نفسه. ثم يرمي عن موكله. وذلك في كل جمرة عند الشافعية والحنابلة. لعموم ما أخرجه الإمام أحمد برجال ثقات من حديث أبي رمثة. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "أدناك فأدناك" أي ابدأ بنفسك ثم الاقرب فالأقرب.. وينوي النائب الرمي عن موكله. فيقول بقلبه أو بقلبه ولسانه عند الرمي: بسم الله والله أكبر. اللهم تقبل هذا الرمي عن فلان وذهب الحنفية والمالكية إلي جواز أن يرمي النائب حصاة عن نفسه وأخري عن الآخر. ولو بدأ بالرمي عن الآخر ثم رمي عن نفسه أجزأه مع الكراهة. بناء علي قولهم بجواز الحج عن الغير لمن لم يسبق له الحج مع الكراهة. نقلا عن " الجمهورية " المصرية