- «الرواية الإنجليزية» عندما تصبح الكتابة محفز للتغيير - المرأة تحطم قيود المجتمع بالكتابة - الكلمات تواجه الظلم و تتحدى الطغيان و تفضح زيف المجتمع - بريطانيا تحرق روايات "جويس" بدعوى "عدم امتلاكه حق الكتابة " ! - المهاجرون يغيرون وجه " الرواية الإنجليزية " - الأدب الفرعونى سبق العالم ..و الأدباء "المصلحون الجدد " تحدث الروائى و أستاذ الأدب الانجليزى " بهاء عبد المجيد " عن " صورة الفرد و المجتمع فى الرواية الإنجليزية " ، و كيف أن فعل الكتابة كان محفز لتغيير المجتمع ، قائلا : الأدب ليس أن يكتب المرء فى غرفة مغلقة ، بل أن ينطلق ما كتبه لتغيير العالم من حوله ، فالأدباء هم المصلحون الجدد . و أضاف الكاتب أن خلال السنوات الماضية تم قتل " الأدب الرفيع " و قتل الشغف بالقراءة ، و الاتجاه للنسخ المبسطة بدلا من الروايات الأصلية ، و يتم تصدير الأدب الغربى على أنه بداية الأدب ، و هذا ما روج له الغرب ، فى حين أن البداية مع الأدب الفرعونى مع قصة " إيزيس و اوزوريس " و " سنوحى " ، و لكن هناك إهمال كبير فى الترويج لكتابتنا أمام مركزية الغرب . و أعد عبد المجيد كتابات القرن ال 19 ثورة على المجتمع ، و هى الأفكار التى قوبلت فى البدء بالرفض بسبب تحفظ المجتمع البريطانى ، و لكنها نجحت مع الوقت فى تحقيق التغيير لتعبر عن القهر الذى يعانيه الإنسان و مظاهر النفاق الإجتماعى و القيود الظالمة التى تتعرض لها المرأة فى المجتمع ، كما لمست المعاناة والتغييرات التى أحدثتها الحرب العالمية الأولى فى المجتمع ، و بدخول القرن ال 20 و حركة التصنيع انتقل بنا الكتاب لعوالم الخيال العلمى و المغامرات و الكائنات الغرائبية التى تسعى لغزو العالم ، كما صورت صراع الإنسان مع الظروف لتنمية ذاته . و استعرض الكاتب نماذج من الأعمال التى تعد علامات فى الرواية الإنجليزية و مبدعيها ، و عرض بهاء لأغلفة الروايات الأصلية التى كانت تعكس بدرجة كبيرة المحتوى فى صورة ، ملقيا الضوء على أعمال الروائية الإنجليزية " جاين أوستن " التى تعد من أهم كاتبات القرن ال 19 ، و برغم أنها عايشت وقت كانت الحرب فيها جارية من حولها و لكنها لم تكن تكتب سوى عن الأدب الاجتماعى ، و عندما سئُلت عن ذلك قالت : " أنا أكتب عما أعرف " ، و كانت تعد روايتها " ايما " رواية جريئة بالنسبة للمجتمع البريطانى المتحفظ فى ذلك الوقت ، فكانت تدور الرواية حول فتاة تحاول التوفيق بين الرجال و النساء من أجل الزواج . ومن روائع أوستن التى تخطت حاجز الزمن " الكبرياء و التحامل " ، و التى تعكس فكرة الطبقية ، و نظرة المجتمع للفرد ، و نظرة الفرد لنفسه ، و الحب ما بين الكبرياء و التحامل ، و قوانين المواريث الظالمة ، هى رواية عن " الانطباعات الاولى "و ما تتركه فى الإنسان ، و كان هذا العنوان الذى اخترته أوستن لروايتها قبل تغييره ، و كانت أوستن تصور دائما المرأة فى روايتها قوية ذكية تتحدى الأعراف الغبية للمجتمع، و تملك طبيعة و فكر خاص بها . حققت روايات جاين أوستن نجاح كبير ، و لكن أعمالها لم تنسب لها سوى بعد وفاتها ، فكان من المتعارف عليه عدم الترحيب بالمرأة فى عالم الكتابة الذى كان منغلق على الرجل فى عصرها ، و كانت النساء تتحايل على الأمر بالكتابة بأسماء مستعارة لرجال . و تقول الكاتبة الإنجليزية آن إليوت، و التى دخلت إلى عالم الكتابة تحت اسم "جورج إليوت " : نحن النساء ورثنا الأدب عن الرجال ، و لكنن قادرون على صنع أدب تتوارثه النساء " . أما عن الأخوات شارلوت و آن برونيت فكانا يعدا من رواد الأدب النسائى ، فعرضت رواية " جاين آير " قصة الطفلة اليتيمة التى تكافح لتحقيق ذاتها و العيش فى المجتمع ، كما صورت للقيود المفروضة على المرأة و التى لم يكن مسموح لها بالعمل سوى كمربية منزل أو معلمة ، تلك القيود التى أدت بالمرأة للجنون ، لتعرض عدة روايات لفكرة الجنون خاصة عند المرأة ، منها رواية " نساء مجنونات فى السقيفة " التى تصور عزلة المرأة التى تؤدى بها للجنون ، و كيف كانت تعزل عن الآخرين ، حتى لا تنقل جنونها لباقى النسوة ، و محاولتها للخروج من تلك الحالة بالكتابة ، ثم تغيرت النظرة للمرض النفسى و العصبى فى القرن العشرين لينظر إليه كأى مرض آخر عضوى يصيب الإنسان . و فى رواية " مرتفعات وذرينج " تصور صراع الإنسان بين العقل و العاطفة ، و كيف أن الحب المحموم قضى على حياة البطلين و حياة كل من حولهم . و عن رائعة لويس ستيفنسن " دكتور جيكل و مستر هايد " ، فتعرض لنا صراع النفس و الهوية المزدوجة ، و فى رواية أوسكار وايلد "صورة دورين جراى " يفضح النفاق المجتمعى و المظاهر الزائفة ، بالإضافة إلى كتاباته الرمزية التى اشتهر بها التى تصلح للصغار و الكبار ، فيما يعرض لنا جوزيف كونراد فى " لورد جيم " صراع الحرب و المعاناة و العنصرية . كما استعرض بهاء عبد المجيد أعمال الكاتب الكبير " تشارلز ديكنز " ، و روايته الشهيرة " أوليفر تويست " التى أعطت صوت للفقير و المنتهك و المقهور ، ليعلو صوت الفرد بصرخة مدوية للمجتمع لينتبه ، و " دايفيد كوبرفيلد " التى تمثل القهر الذى يتعرض له الإنسان ، و كيف إن الحب وحده من يشفى الإنسان من جراحه و آلامه ، هذا الكاتب المشهور بمنظوره الفلسفى للحياة صور الصراع الطبقى و خفايا المجتمع ، و عندما استلم نجيب محفوظ جائزة نوبل قالوا عنه " ديكنز الشرق" لاهتمامه بالتفاصيل . و فى " حكاية مدينتين " تجسيد لفكرة المجتمع الانجليزى بجموده و المجتمع الفرنسى الذى يتحرر ، و لكنه وقع فى خطيئة هدم كل شئ آخر لبناء هذا النظام الجديد ، و تعرض الرواية للتضحية و الحب و الحرب و كيف أن الثورة النبيلة فى وقت من الاوقات قد تتحول لانتقام . أما فى " توقعات عظمى " فهى تدور عن العرفان و رد الجميل ، و تلك التوقعات الكبيرة التى تنتهى أحيانا بخيبة كبيرة ، و كيف يصنع المرء قيمة لنفسه ،و تلك الشخصيات التى شوهها المجتمع و لم تستطع أن تتعافى . بالانتقال إلى أدب الرعب ، عرض عبد المجيد لأكثر الروايات شهرة حتى عصرنا هذا " درايكولا " لبرام ستوكر ، و فكرة البحث عن الخلود و تجديد الحياة عن طريق تجديد الدماء ، و هى فلسفة انتشرت فى هذا الوقت ، و أكد أستاذ الأدب الانجليزى أن من الصعب تخطى هذا النوع من الأدب ، و إن كان أدب الرعب الغربى له خصوصياته الخاصة التى تختلف عن مجتمعنا و الذى يعد حاليا غارقا فى الصراع و الدماء . و من الروايات البارزة فى مجال الرعب " فرانكشتاين " لمارى تشيللى التى أبدعتها و هى فى ال 17 من عمرها فى تحدى للكتابة و هى فى رحلة إلى إيطاليا أن يصنعوا رواية عن الخرافات و عوالم ما وراء الطبيعة ، و تعرض لفكرة أن يقوم الإنسان بدور الرب من خلال ما يسمى ب " اكسير الحياة " ،و تعرض لتساؤرت من يعطى الحياة و من يسلبها . من جهة أخرى برغم خروج الكثير من الروايات عن حيز المجتمع التقليدى فى القرنين ال 19 و ال 20 ، كان هناك منع للكتابات الجنسية بسبب سيطرة الكنيسة و تحفظ المجتمع ، و لم يتوقف الأمر فقط على المنع ، فقامت بريطانيا بحرق كافة روايات "جيمس جويس " و ذلك لان بريطانيا كانت تنظر لايرلندا كمستعمرة ليس لها حق الكتابة ، بالإضافة إلى الاعتراض على الجنس فى كتاباته ، ووقوف اليهود ضد الصورة التى يظهرها بهم جويس فى أعماله . والاستعمار الذى أدى بالكثير للهجرة لانجلترا ، كان من أسباب تطور الرواية الانجليزية و نشاهد ذلك من خلال كتابات سلمان رشدى صاحب " آيات شيطانية " ، و خالد حسينى صاحب " عداء الطائرة الورقية .