أثار تقليد الغرب في بعض عاداتهم وتقاليدهم كثير من تحفظ بعض الفقهاء ورجال الدين ، علي اعتبار أنها عادة غربية مقتبسة تخالف عادات وتقاليد المسلمين . وقد أرسل سائل من "بلاد الترنسفال " شمال شرق جنوب أفريقيا " في طلب فتوى حول" لبس البرنيطة" من دار الإفتاء فقال "هل يجوز لأفراد في بلاد الترنسفال أن تلبس البرانيط لقضاء مصالحهم وعودة الفوائد عليهم ؟ " وقد أجاب فضيلة الشيخ محمد عبده في 6 شعبان 1321 هجرية – 27 أكتوبر 1903م عن هذا السؤال قائلا:" أما لبس البرنيطة إذا لم يقصد فاعله الخروج من الإسلام والدخول في دين غيره فلا يعد مكفرا. وإذا كان اللبس لحاجة من حجب شمس أو دفع مكروه أو تيسير مصلحة لم يكره كذلك لزوال معنى التشبه بالمرة." وقد أثيرت القضية في العالم الإسلام بعدها واصدر مفتي مدينة قوايا الألبانية "ابراهيم الحقي قادوقر" فتوي بعنوان "معيار آثار الأخيار فيمن تشبه بالأجانب والأغيار"وقال فيها من لبس لباس الكفار بنية الرضا بدينهم والرضا بكفرهم كفر وإلا فلا . وقد أثيرت القضية بعدها بعدة سنوات بعد سقوط الخلافة الإسلامية عام 1924، وارتداء كمال الدين أتاتورك البرنيطة وتشبه كثر من المسلمين به،وعرضت فتوي علي الشيخ عبد المجيد سليم في 14 جمادى الآخرة 1347هجرية ،26 نوفمبر 1928 م عندما كان مفتيا للديار المصرية ، هل ارتداء البرنيطة يعد كفر؟ ، فأجاب: "أن الكفر شىء عظيم فلا يحكم به على مؤمن متى وجدت رواية أنه لا يكفر، ولا يكفر مسلم إلا إذا اتفق العلماء على أن ما أتى به يوجب الردة." وأضاف قائلا:" لا يكفر المسلم متى كان لكلامه أو فعله احتمال ولو بعيدا يوجب عدم تكفيره." وتابع فضيلته :" لا يخرج الرجل من الإيمان إلا جحود ما أدخله فيه، ما يتيقن بأنه ردة يحكم بها عليه، وما يشك فى أنه ردة لا يحكم به لأن الإسلام الثابت لا يزول بالشك،كما أن مناط التكفير هو التكذيب أو الاستخفاف بالدين،كما أن مجرد لبس البرنيطة ليس كفرا، لأنه لا دلالة فيه على الاستخفاف بالدين ولا على التكذيب بشيء مما علم من الدين بالضرورة حتى يكون ذلك ردة إلا إذا وجد من لابسها شيء يدل دلالة قطعية على الاستخفاف أو التكذيب بشيء مما علم من الدين بالضرورة بأن ذلك يكون ردة." واستطرد :"كل من حبذ واستحسن ما هو كفر إذا وجد منه ما يدل على ذلك دلالة قطعية يحكم بكفره،كما أن لابس البرنيطة قصد التشبه بغير المسلمين مع عدم ما يدل على الاستخفاف أو التكذيب بشيء مما علم من الدين بالضرورة يكون آثما ولا يحكم بكفره لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تشبه بقوم فهو منهم يحمل على أنه يكون كافرا مثلهم إن تشبه بهم فيما هو كفر كتعظيم يوم عيدهم تبجيلا لدينهم، أو لبس شعارهم قاصدا الاستخفاف بالدين وإلا فإنه يكون آثما مثلهم فقط.." وأكد قائلا:"يحرم التشبه بأهل الكتاب فيما كان مذموما وبقصد التشبه بهم،كما أن لبس القبعة وغيرها بدون قصد التشبه بالكفار بل قصدا لدفع برد أو حر فلا إثم في ذلك أبدا مادام لم يوجد منهم استخفاف أو تكذيب."