تشهد خارطة الديانات في البرازيل تغيرا سريعا في السنوات الأخيرة، وهذا يعود لحرية الاعتقاد التي تمنحها الحكومة البرازيلية وتحرص عليها في كل مناسباتها وتعتبرها جزءا أصيلا من ثقافة الشعب البرازيلي، والمادة الخامسة من الدستور البرازيلي تعطي هذا الحق للمواطن، وتعد البرازيل نموذجا حقيقيا للتعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الأديان المختلفة . والشعب البرازيلي تتم تربيته على حسن المعاملة وعدم التعصب، يقول فضيلة الشيخ محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي وهو الذي زار البرازيل أكثر من مرة وألف عنها 12 كتابا تعد سلسلة مهمة في أدب الرحلات، " وحسن المعاملة أمر عرفناه من البرازيليين سواء في الطائرات أو خارجها، وهم في هذا الأمر ليسوا من المجاملين المنافقين الذين يجاملون الناس من أطراف ألسنتهم، أو من نواحي شفاههم، بل إنهم يفعلون ذلك بصدق وإخلاص، عرفنا ذلك منهم، وعرفه عنهم من عاشروهم من بني قومنا المقيمين بين أظهرهم . ويضيف الشيخ محمد العبودي في كتاب آخر عن البرازيل " رأيت فيها شعبا ودودا واضح التفكير، حسن المعاملة، يشعر بالمساواة الإنسانية ويمقت التفرقة العنصرية بين السكان " . أما الأستاذة شيماء حطب فقد قالت في دراسة حول إيجابيات العمل الدعوي في بلاد أمريكا اللاتينية " ماتتميز به شعوب أمريكا اللاتينية من التسامح والانفتاح على ثقافات الآخرين، وهذا لايوجد في بعض الدول التي تتميز بالعنصرية والكراهية ...... عدم وجود أي إرهاصات أو نعرات قديمة مع شعوب أمريكا اللاتينية بعكس الدول الأوروبية التي تنظر إلى المسلمين بعين وتنظر إلى الحروب الصليبية بعين أخرى " . وخلال حملتنا الدعوية "سلام برازيل" للتعريف بالإسلام خلال كأس العالم 2014، والتي يقيمها اتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل، برعاية وإشراف المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل، التقينا بكثير من أهل الأديان والملل والنحل، كل منهم يدعو لدينه وفكرته ويوزع كتبا ومنشورات، فهذا من شهود يهوه، وذاك من الإنجيليين والآخر من أتباع بوذا. وكمثال لتسامح الحكومة البرازيلية تجاه الأديان بشكل عام نستطيع أن نرصد تعاملها الطيب مع الأقلية المسلمة داخل البرازيل من خلال المعطيات التالية : يكفل الدستور البرازيلي حرية ممارسة الشعائر الإسلامية، والدعوة إليها، ونشرها بكل الطرق السلمية، وتساعد الحكومة الفيدرالية، وحكومات الولايات وكذلك البلديات في فتح الآفاق وإعطاء المساحات المناسبة لممارسة هذا الدور . مساعدة المؤسسات الإسلامية التي تريد بناء مساجد أو مدارس أو مراكز ثقافية بمنحها أرضا مجانية لإقامة مشاريعها عليها، وتسهيل حصولها على التراخيص اللازمة، ومعافاتها أحيانا من الضرائب السنوية . صدر قرار جمهوري باعتبار يوم 25 مارس من كل عام يوما لتكريم الجالية العربية . صدر قرار من برلمان ولاية " ساو باولو " باعتبار يوم 12 مايو من كل عام يوما لتكريم الدين الإسلامي، ويتم الاحتفال رسميا في مبنى البرلمان البرازيلي وبرلمان ساو باولو بهذه المناسبة . صدر قرار بالاحتفال بيوم الإسلام في بلدية فوز دو ايجواسو التي يوجد بها ثاني أكبر تجمع للمسلمين في البرازيل في نفس الموعد . صدر قرار من برلمان ولاية " ساو باولو " باعتبار يوم 29 نوفمبر من كل عام يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقه المغتصب . صدر قرار من قبل السلطات الفيدرالية يقضي باستطاعة المرأة المسلمة البرازيلية أو المقيمة في البرازيل استخراج أوراقها الرسمية أوجواز سفرها بصورتها وهي ترتدي الحجاب، وفقا للدستور البرازيلي . هذه المعطيات الكثيرة وغيرها، رغبت العاملين في الساحة الدعوية داخل البرازيل لزيادة جهودهم الدعوية للتعريف بالإسلام، وابتكار الأساليب الجديدة التي تساعد على نشر الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وسط المجتمع البرازيلي . فكان هذا البرنامج المكثف للعمل في حوالي 14 مدينة برازيلية للتعريف بالإسلام خلال كأس العالم 2014، وقد لاحظنا استجابة طيبة من جميع شرائح الشعب البرازيلي، وقمنا أمس بزيارة لجنود الشرطة البرازيلية وتم إهداؤهم نسخا من كتاب الدليل المصور للتعريف بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما كان له أعظم الأثر في نفوسهم . عشرات من البرازيليين نلتقيهم يوميا من كافة طبقات المجتمع، يسألون عن الإسلام ويزيلون الكثير من الشبهات، كانت الصلاة في شارع باوليستا أعظم دعاية وتعريف لدين الإسلام، ومازالت مهمتنا قائمة في دولة البرازيل لبلاغ هذا الدين " إن عليك إلا البلاغ " . المشرف العام على مشروع سلام برازيل