أثارت انتخابات الرئاسة المصرية الأخيرة العديد من التساؤلات حول الإعلام المصري خاصة، والإعلام بصفة عامة، خاصة وأن الجميع شاهد انحياز أغلب وسائل الإعلام لمرشح بعينه. ونرى أيضا في وسائل الإعلام العالمية تفاوت واضح في المهنية والحيادية بين دولة وأخرى، بل وبين وسائل الإعلام التي تنتمي لدولة واحدة، وهنا يُطرح تساؤل، هل تختلف وسائل الإعلام العالمية في تغطيتها لانتخابات الرئاسة عن الدول النامية؟ وهل هناك معايير للعمل الإعلامي في هذه الدول تختلف عن عن معايير دولنا "النامية"، هذا ما سنحاول الإجابة عنه. الانتخابات الأمريكية 2012 اعتبرت وكالة "فرانس 24" الانتخابات الأمريكية التي جرت في عام 2012 أقوى حدث يستحق المتابعة. أما هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فقد تناولت الانتخابات الرئاسية على آخر أيام التصويت المبكر مركزة في أخبارها على حالةً الفوضى التى دفعت الحزب الديمقراطي لرفع دعوى عاجلة أمام القضاء الفيدرالي؛ لاستصدار قرارٍ طارئٍ لإلزام الحكومة المحلية على تمديد فترة التصويت لتمكين الناخبين من ممارسة حقهم في الانتخاب. وقالت إذاعة "بي بي سي" إن طوابير الناخبين كانت طويلة للغاية، وأن البعض وقف في الطوابير لمدة تراوحت بين 3 و7 ساعات، ووقعت مشاحنات لفظية حادة عبّر خلالها الناخبون عن سخطهم على مسؤولي الانتخابات المحليين، وردّد الناخبون "نريد أن نصوّت". أما بخصوص الإعلام العربي، فقال محمد دلبح رئيس رابطة الصحافيين العرب بواشنطن، عن تغطية الإعلام العربي للانتخابات الرئاسية الأمريكية "إنه الحدث الإعلامي الأبرز على الصعيد الأمريكي والعالمي لأكبر دول العالم، إذ استحوذت أخبار المعركة الانتخابية على هواء معظم شبكات التلفزيون المحلية والعالمية ومن بينها الوسائل الإعلامية العربية. أما وسائل الإعلام الأمريكية فقد كانت حيادية بنسبة كبيرة فى تغطية الانتخابات، لكنها توقعت الفائز قبل فوزه في الانتخابات، فقد أذاعت شبكة "إن بي سي" الأمريكية قبل بدء التصويت النهائي بساعات، استطلاعاً للرأي يقول إن أوباما سيحصل على تأييد 48 في المائة مقابل 47 في المائة سيحصل عليها رومني من أصوات الناخبين المحتملين، وبالفعل فاز أوباما في الانتخابات. الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2012 تناولت إذاعة "البي بي سي" البريطانية الانتخابات الفرنسية 2012 بشكل غير حيادي، حيث ركزت على الأزمات قائلة "واصل الفرنسيون الإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة الفرنسية التي تأتي وسط مخاوف متصاعدة من تأثيرات أزمة منطقة اليورو المالية وارتفاع معدلات البطالة في البلاد". أما الصحف الفرنسية، فبحسب استطلاع لمعهد "بي في إيه" فإن صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية قد تناولت الموضوع بشكل حيادي عن بقية الصحف الأخرى. الانتخابات الرئاسية المصرية أما الإعلام المصري فقد اهتم خلال الدعاية الانتخابية للمرشحين في انتخابات 2014 (السيسي / صباحي) بكثير من التحيزات وضعف الموضوعية والميل إلي تجريح المرشح المنافس للسيسي، مع قلة الموضوعات الإعلامية التي تساعد في رؤية جوانب القوة والضعف في كل مرشح بحيث تترك للمواطن فرصة لاتخاذ قرار التصويت لصالح من يظن بأهليته في قيادة البلاد في هذه المرحلة. وكانت أكثر المعلومات المنشورة في وسائل الإعلام المصرية تنقصها الدقة، بل كان بعضها مبتورا أو مشوها نتيجة كسل الإعداد وضعف المهارات البحثية والميل إلي السرعة علي حساب الدقة والموضوعية واحترام الحياة الخاصة للمرشحين. وركزت معظم البرامج فى جزء كبير منها على تناول المرشحين دون تعمق في برامجهم الانتخابية، ولم تعطي وسائل الإعلام الوقت الكافى لتحفيز الجماهير على المشاركة في الانتخابات. ولم يكن الإعلام المصري حريصا على إظهار البرنامج الانتخابي لأي من المرشحين في برامج الفضائيات والصحف القومية، بينما اهتم بإثارة القضايا الخلافية وتوجيه الاتهامات. وانخفض اهتمام الفضائيات وبعض الإذاعات والصحف القومية بتطبيق المعايير الإعلامية الواضحة والصريحة لتوصيل المعلومات إلى الناخب دون تحيز عند عرض وجهات النظر واختلاطها بالأهواء الشخصية للمذيعين ومصالح أصحاب القنوات. ابتعدت بعض وسائل الإعلام عن التوازن والموضوعية في تناول شخصيات المرشحين وبرامجهم الانتخابية وإعلان بعض الإعلاميين تحيزهم لبعض المرشحين. وأشعل الإعلام الخاص المنافسة وأحدث ردود فعل غير ايجابية داخل المجتمع، وقد برز في هذا الأمر فضائيات "سي بي سي" و "الحياة" و "أون تي في" وهي كلها ملك رجال أعمال من عهد مبارك وفضائية "الشرق" وهي حديثة النشأة، إضافة إلى الجزيرة مباشر مصر حيث دأبت هذه القنوات علي نشر صور ذهنية سلبية عن أحد المتنافسين أو عنهما معا.