سمارات حافظ: المسجد حالته سيئة وضائع بين "الآثار" و"الأوقاف" رئيس قطاع الآثار الإسلامية: "ربنا يستر على المسجد"! بسبب كرامات صاحب المسجد..تحول من زاوية إلى ضريح يحتضن المريدين رغم روعة تصميمه، إلا أن الإهمال جعل المسجد يقف وحيداً، دون أن يتذكره أحد، فرغم تكدس الشارع الذي يقع فيه مسجد الشيخ درويش العشماوي بالمارة، إلا أنه بالكاد ما نجد أحد يعرفه!. المسجد رغم حالته المتدنية مفتوح للصلاة، لكنه يحتاج إلى ترميم عاجل يعيد للمسجد رونقه وبهاؤه، فالشقوق غزت الحوائط وتنذر بكارثة، كما أن المسجد من الداخل مهمل ويدل على عدم التفات وزارة الآثار به، شأنه شأن مساجد أخرى كثيرة. "محيط" زار مسجد "العشماوي" وآثر فتح أحاديث ذات شجون حوله، فالمسجد ضائع بين وزارتي "الآثار" و"الأوقاف"، والنتيجة هي أن المسجد ينتظر الترميم منذ زلزال 1992، ولا مجيب!. في البداية تحدثنا مع د.سمارات حافظ رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الدولة لشئون الآثار، الذي وصف المسجد بأنه في حالة "سيئة جداً"، قائلاً في تصريحات خاصة ل"محيط" أن هذه الحالة السيئة تعود لعدم توافر اعتمادات مالية لترميمه، وتداخل المهام بين وزارة الآثار ووزارة الأوقاف. وتابع قائلاً: أعدت وزارة الآثار أبحاث ودراسات حول طريقة ترميم المسجد، لأنه من أولويات الوزارة فهو بحاجة عاجلة إلى الترميم، لكن وفقاً للمادة 30 من قانون حماية الآثار، فإن وزارة الأوقاف هي المنوط بها ترميم المساجد التابعة لهم، تحت إشراف وزارة الآثار، قائلاً: نحن في اجتماعات مع "الأوقاف" باستمرار لترميم جامع العشماوي. وأكد أن المسجد "مصلوب" أي مهيأ للترميم حتى لا ينهار من بعد زلزال 1992، لكن لا شئ يتم فيه نظراً لقلة الاعتمادات المالية، لافتاً إلى أن الترميم يتم على حساب وزارة الأوقاف التي لا يتوافر أيضاً لديها المال اللازم!. واختتم حديثه إلى محيط بقوله: "ربنا يستر على المسجد"!. من جانبها قالت المرشدة السياحية سالي سليمان المهتمة بالشأن الأثري في تصريحات ل"محيط"، أن مسجد "العشماوي" شأنه شأن مساجد كثيرة مهملة تنتظر الترميم، منذ حدوث زلزال 1992، مثل مسجد "الملكة صفية" مشيرة إلى أن الأخطر هو أن هذه المساجد مفتوحة للصلاة، رغم أنها تحتاج إلى الترميم، وهو أمر ينذر بكارثة. بدأ زاوية ولا أحد يعلم نهايته! يقع مسجد الشيخ درويش العشماوي بشارع العشماوي المتفرع من شارع عبدالعزيز خلف "مطافي القاهرة" بميدان العتبة، أقامه عام 1267 هجرية 1850 ميلادية الأمير عباس باشا حلمي تكريماً لاسم الشيخ درويش العشماوي والتقرب إلي أهالي الحي الذين كانوا يحبون الشيخ لكثرة كراماته. مسجل كأثر ورقمه 634، ويعود تاريخ إنشاؤه إلى 1267ه/1850م، كان المسجد زاوية صغيرة أقامها الشيخ العشماوي وأقام بها، وكان الشيخ من الأشراف، وقد أصابته أزمة نفسية بعد وفاة شقيقه وتم حجزه بأحد المستشفيات لمدة 3 سنوات، وبعد شفائه ذاع صيته بكثرة كراماته، وعمل له الأهالي حضرة كل ليلة جمعة وأصبحوا يهادونه بالهدايا والنذور، واستمر علي ذلك حتى وفاته، وتم دفنه في الزاوية الخاصة به. أثناء شغل الأمير عباس حلمي ابن عم الخديوي إسماعيل منصب "كتخدا" الحكومة المصرية - وهو منصب المسئول عن توسعة وحماية الزوايا والمساجد - بدأ يهتم بزاوية الشيخ العشماوي بعد أن كثر حولها الفقراء وأقاموا بها تقرباً للشيخ، فقام بشراء البيوت المجاورة للزاوية وجعلها ضريحاً وأمر ببناء مسجد حولها، حتى يكون ضريح الشيخ درويش مزاراً لمحبيه. يقام المسجد علي مساحة مستطيلة مقسمة إلي 3 بلاطات بواسطة بائكتين، وتتكون كل بائكة من 3 عقود نصف دائرية ترتكز علي أعمدة رخامية ذات تيجان مزخرفة وقد تم تغطية البلاطات بسقف خشبي تتوسطه قبة مجوفة تحيط بها عديد من النوافذ الزجاجية بألوانها الخضراء لإنارة صحن المسجد. يضم المسجد محرابا مجوفا وسط بيت الصلاة وله أربعة أضلاع.. وهناك سبيل للماء ألحق بمبني المسجد لتوفير مياه الشرب للأهالي والمارة، وبه مصلى للسيدات. يقول على باشا مبارك في الخطط التوفيقية الجزء الخامس، أنه فى الأزبكية بشارع العشماوى كان هناك زاوية صغيرة يقيم بها الشيخ درويش العشماوى ولما مات دفن به، فهدمه المرحوم عباس باشا ابن عم الخديوى اسماعيل واشترى عقارا بحواره وبنا هذا الجامع فى سنة 1267 هجرية وجعل به أربعة أعمدة من الرخام وأقام شعائره ووقف عليه أوقافا، ورتب له نقودا كل شهر، وعلى محرابه لوح من الرخام منقوش عليه آيات من القرآن وعلى وجه الباب لوحان منقوش فى كل منهما أبيات تركية وتاريخ الإنشاء. وبه شبابيك بأعلاها قطع من القيشانى، وجعل على ضريح الشيخ درويش العشماوى مقصورة جليلة من الخشب، وبنى عليه قبة على بابها يوجد لوح رخام مكتوب عليه: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون". يواصل: وهو تحت نظر الشيخ حسن سليمان، ولم يزل إلى الآن عامر بالآذان والجماعات والجمعة ويعمل له حضرة كل ليلة جمعة ومولد كل عام وقد أخبرنى السيد حسن عن والده السيد سليمان، وكان أكبر تلاميذه الشيخ درويش العشماوى وأحد أقربانه أن الشيخ درويشا هذا أصله من قرية عشماوى وكان أبوه من الأشراف المعتبرين، وكان للشيخ العشماوى هذا أخ كبير وكان يحبه حبا شديدا، ثم إنه مرض ومات، وكان الشيخ درويش غائبا عنه فعندما أخبره بموته أخذ عقله وسقط من شباك المحل الذي كان جالسا به وقتئذ، وصار هائما إلى أن، أخذ وسجن بالمارستان، فقعد به ثلاثة سنين ثم خرج منه مجذوبا وسكن بحارة الهدارة التي عند جامع شريف باشا الكبير واجتمع عليه عدة من الأمراء وغيرهم وأشاعوا عنه الكرامات وعملوا له حضرة كل ليلة جمعة فصار يجتمع عليه الكثير من الناس ويهادونه بالهدايا والنذور. يتابع: فاشتهر اسمه من ذاك الوقت وذلك في أوائل سنة ثلاث عشر ومائتين والف واستمر مقيما بحارة الهدارة إلى سنة خمس وثلاثين ثم انتقل إلى زاويته التي هي محل ضريحه الآن، فأقام بها ورتب الحضرة وأحدث المولد السنوي واستمر على ذلك إلى أن مات في سنة سبع وأربعين ومائتين وألف، ودفن بزاويته هذه وبقيت زاويته مقامة الشعائر يعمل بها المولد السنوى ويعقد بها مجلس الذكر بمعرفة الشيخ سليمان؛ أكبر تلامذته المتقدم ذكره. ويواصل علي باشا مبارك في خططه: عرض الشيخ سليمان هذا للمرحوم عباس باشا بخصوص توسعة الزاوية لكثرة الفقراء المقيمين بها، وكان آنذاك "كتخدا" الحكومة المصرية فأجابه بأن هذا غير ممكن الآن، ثم أعقب ذلك سفره إلى الأقطار الحجازية فعند توجهه إلى السفر مر على الزاوية وقرأ الفاتحة، وهو تجاه شباك الزاوية فخاطبه السيد سليمان من الشباك بقوله إن شاء لله تعود سالما وتبنى لنا الزاوية. ثم أنه حضر واليا على الديار المصرية وهنأته الأمراء والعلماء وبعد ذلك شرع فى تجديد عدة مساجد وزاويا فذكره أحد العلماء أن زاوية الشيخ العشماوى ضيقة ولازم لها العمارة، فأمر فى الحال بإحضار الأمير أدهم باشا وقال له قم بنفسك واعمل رسما لزاوية العشماوي، واشتر ما بجوارها من البيوت واجعلها جامعا متسعا واجعل الضريخ مزارا مخصوصا يتوصل اليه من داخل الجامع وخارجه فصار العمل، من ذاك الوقت وجاء جامعا من أحسن الجوامع وأبهجها. يذكر أن مولد الشيخ درويش العشماوى يتم في من أول شهر ربيع حتى يوم 11 من الشهر ذاته .