قدّم نواب تونسيون خلال الأسبوع الأول من شهر مايو الجاري 5 طعون على دستورية مواد في قانون الانتخابات؛ ما يهدد بتعطيل إجراء الانتخابات العامة المقررة في وقت لاحق خلال هذا العام لم يحدد بدقة بعد. الطعون قدمها نواب مستقلون وآخرون منتمون إلى الكتلة الديمقراطية "معارضة" وكتلة التكتلّ "معارضة"، وشملت 5 طعون بعدم الدستورية تتعلق بأكثر من 30 مادة وردت في قانون الانتخابات الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي في الأول من مايو الجاري. قانون الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين منوطة مؤقتا بمهام المحكمة الدستورية، الذي صادق عليه المجلس في ال 16 من أبريل الماضي، نظم كيفيّة تقديم الطعون أمام الهيئة بشكل مؤقّت؛ حيث نصّ على أن تُرفع مطالب النظر في عدم الدستورية خلال سبعة أيام من تاريخ مُصادقة المجلس على مشروع القانون. كما نصّ القانون على إمكانية تقديم 30 نائبا على الأقل طعونا حول مواد أي قانون يُصادق عليه المجلس، وقبل أن يختمه يوقع عليه رئيس الجمهورية، على أن تتضمّن عريضة الدفع بعدم الدستورية المُقدّمة توقيعات النواب الذين قدّموا الطعن، وأن تكون مرفقة بالمستندات والقرائن القانونية على عدم دستورية الفصول المطعون فيها. وهذه الطعون الخمسة استوفت هذه الشروط القانونية. وشملت الطعون ما يلي: تطرق إلى النقطة المُدرجة في المادة 6 من القانون الانتخابي، والتي تتعلّق بمنع الأمنيين والعسكريين من ممارسة الحق في الاقتراع. النواب الطاعنون اعتبروا أنّ ذلك يتعارض مع جاء في توطئة تمهيد الدستور التي نصّت على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين والمواطنات، ومع ما ورد في المادة 21 من الدستور التي نصت، بدورها، على أن جميع المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات دون تمييز، وأن الدولة ضامنة للحقوق والحريات الفردية والعامة. تطرق إلى شرط "التناصف العمودي" في القوائم الأحزاب المرشّحة للانتخابات التشريعية، والذي نص عليه القانون الانتخابي، ويعني تناوب الرجال والنساء في ترتيب القائمة رجل ثم إمرأه وهكذا. النواب الطاعنون اعتبروا أنّ اعتماد "التناصف العمودي" فقط في القانون الانتخابي دون التنصيص على التناصف الأفقي أي ترؤس المرأة لنصف القوائم المرشحة عن كل حزب أو ائتلاف حزبي، لا يُعبّر عن تجسيد ما أقرّته المادة 46 من الدستور حول سعي الدولة إلى تحقيق التناصف في المجالس المنتخبة، بل إنّه يتعارض معه؛ حيث أن النص بشكله الحالي لا يفضي بالضورة إلى مجالس نصفها من الرجال والنص الآخر من النساء. يخص 28 مادة نظمت الإجراءات الجزائيّة وإجراءات التقاضي خلال مراحل العملية الانتخابية والترشح للانتخابات والطعون فيها والاعتراضات. استند إلى ما ورد في الدستور بشأن وجوبية استشارة الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي المدني حول هذه المواد، الأمر الذي لم يحدث عند وضع القانون الانتخابي، وفق النواب الطاعنين. تطرّق إلى مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد عدد المقاعد في كل دائرة، خاصّة أنّ القانون الانتخابي أبقى على نفس التقسيم الذي تمّ اعتماده في انتخابات المجلس التأسيسي في ال23 أكتوبر 2011. ويعتبر الطاعنون أنّ هذا التقسيم لا يُكرّس المساواة بين المواطنين في التمثيل، ويجب تعديله. يعترض مقدموه على مضمون المادة 42 من القانون الانتخابي، التي تنصّ على إضافة شرط تقديم ضمان مالي بالنسبة للمرشحين للانتخابات الرئاسيّة، إضافة إلى شرط التزكية أي تأييد عدد محدد من المواطنين. النائب هشام حسني، رئيس حزب النضال التقدمي "يساري"، الذي قدّم هذا الطعن مع مجموعة أخرى من النواب، أعرب في تصريحات صحفية، عن اقتناعه بأنّ شرط الضمان المالي غير دستوري، حيث أنه لم يكن من ضمن الشروط "الحصريّة" للترشح والتي وردت في المادة 74 من الدستور. وستقوم الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بالبت في هذه الطعون المُقدّمة لها خلال 10 أيام قابلة للتمديد مرّة واحدة لمّدة أسبوع، وهو ما يعني أنّ البتّ فيها لن يتجاوز الشهر الحالي لن يكون إلّا في آخر شهر مايو الجاري. وإثر تقديم هذه الطعون، برزت مخاوف جدّية حول إمكانية تأثّر موعد الانتخابات بهذه الطعون خاصّة أنّ قبول أي منها من قبل الهيئة يعني إعادة القانون الانتخابي إلى المجلس التأسيسي من أجل تعديله وإعادة مناقشة كامل مواده مرّة أخرى والمُصادقة عليه.