عامل: أي قرار ستتخذه الحكومة بخصوص الأسعار سيفشل تاجر خضار: يستحيل أن تطبق الحكومة القرار دون الرجوع للكبار رئيس شعبة الزيوت: لا داعي للهجوم على آلية هدفها ضبط الأسواق خبير، القرار جاء متأخرا.. والحكومة لا تعمل باقتصاديات السوق على الرغم من إصدار الحكومة المصرية قرارات وقوانين للحد من ارتفاع الأسعار لاسيما الفترة الأخيرة؛ إلا أن الأسعار في تصاعد مستمر دون حسيب أو رقيب. ومؤخرا، أعلن الدكتور خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية، عن خطة الوزارة لإنشاء بورصة سلعية تضم كافة المحافظات على مستوى الجمهورية؛ بهدف تداول السلع بكميات كبيرة وبأسعار مخفضة. تنظم البورصات السلعية تداول السلع الزراعية بأساليب الاقتصاد الحديثة والمتبعة عالمياً، والتي من شأنها تحقيق عائد أكبر للمزارع والمنتج الصغير، مع توفير السلع بأسعار أقل للمستهلكين والنهوض بمنظومة التجارة في مصر ما يؤدي إلى جذب استثمارات جديدة لقطاع التجارة الداخلية والتي من شأنها إتاحة الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وقد تباينت الآراء حول القرار الأخير ما بين مؤيد ومعارض. الأسعار نار وخلال جولة شبكة الإعلام العربية "محيط"، لاستطلاع آراء المواطنين والتجار، قالت رقية موسى، موظفة، أن الأسعار في تصاعد مستمر ولم تنجح التسعيرة الاسترشادية في وقف نزيف الجيوب، فهل ستنجح البورصات السلعية في كبح جماح الأسعار؟ ولفتت إلى أن التجار لا يراعون حاجة الفقراء ومحدودي الدخل ويبالغون في رفع الأسعار، مطالبة الحكومة بوضع خطة عاجلة للقضاء على جشع التجار. لو تم التنفيذ فقط قال سيد مرزوق، عامل، إن أي قرار ستتخذه الحكومة بخصوص الأسعار سيفشل، مالم تتابعه في مراحل التنفيذ، موضحا أن الأسواق تعاني من فقد السيطرة عليها، في الوقت الذي غابت فيه الرقابة على الأسواق، لافتا إلى أن البورصات السلعية التي تنوي الحكومة تطبيقها هي إجراء جيد لو تم تنفيذه كما يجب. أما صابر عمران، محامي، أن مصر بها ترسانة قوانين وقرارات ولكن المشكلة في التنفيذ، لافتا إلى أن الأسواق مصابة بداء العشوائية، وكل تاجر يبيع بما يراه مربحا له دون مراعاة للمستهلك وأضاف عمران، أن البورصات السلعية لن تنجح بسبب تلك العشوائية، مطالبا الدولة بالتدخل لحماية المستهلكين وفرض إرادتها على الأسواق بطرح سلع تنافس جشع التجار. ومن جانبه، أكد سيد الغم راوي، تاجر خضار، أن الكبار يتحكمون ويسيطرون على الأسعار، ويستحيل أن تقوم وزارة التموين بتطبيق أي نظام لضبط الأسعار بالسوق دون الرجوع إليهم والتفاهم معهم، مستشهدا بتجربة الوزير السابق محمد أبو شادي، عندما فرض التسعيرة الاسترشادية، ولكنه لم يستطع تطبيقها، فسعر قفص الطماطم يتراوح ما بين 25 إلى 40 جنيهاً حسب جودة الثمرة مما يصعب تحديد سعر موحد لأي منتج. الحكومة تستطيع نوه عادل عبد السلام، تاجر، إلى أن الحكومة تستطيع تطبيق البورصة بما لديها من هيبة وقوة وعدد كبير من الأجهزة الرقابية لضبط السوق، وبذلك تتحقق العدالة الاجتماعية، موضحا أنه في الوضع الحالي تزيد سطوة كبار التجار في الوقت الذي يحصل فيه تاجر التجزئة على هامش ربح ضئيل جداً، متعجبا بقوله "ونحن متهمون من الزبائن باستغلال الظروف ورفع الأسعار!". أما محمود عبد الكريم، تاجر، فرأى أنه يجب على الدولة أن تدعم الفلاح كما كان في الماضي، لأنه يعيش معاناة كبيرة بعد غياب الدولة وتركته فريسة لتجار الأسمدة والمستوردين الذين يرفعون الأسعار مما يزيد من تكلفة المحصول وبالتالي يزيد من سعر المنتج؛ فإذا لم يستطع المزارع بيع المحصول بعائد معقول وهامش ربح، سيتعثر وتتراكم الديون فوق رأسه؛ لذا يجب على الدولة القيام بدورها في تدعيمه ومنحه التقاوي والأسمدة والمبيدات بأسعار مخفضة وتذليل كل المعوقات أمامه حتى يستطيع إنتاج محصول وفير. توضيح الفكرة فيما رحب أيمن قرة رئيس شعبة الزيوت، بإعلان وزارة التموين عن نيتها إنشاء بورصات سلعية بجميع محافظات مصر بهدف تداول السلع عن طريق آلية العرض والطلب، مؤكدا رفضه لهجوم البعض على القرار، مشيرا إلى أن البورصة مجرد آلية تسعى بشكل عام لإرساء نوع من تداول بيانات ومعلومات بشكل غير ملزم. وطالب قرة، وزارة التموين بتوضيح رؤيتها من الفكرة والإعلان عن كيفية تطبيقها بشكل عام، مضيفا أن الجميع يتمنى القضاء على أي احتكار موجود بالأسواق حتى يستطيع المواطن ومحدودي الدخل تلبية احتياجاتهم، وبالتالي لا داعي للتخوف والهجوم على آلية الهدف منها هو ضبط الأسواق. تأخرنا كثيرا وفي إطار حديثه عن القرار، أكد الدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادي، أن هناك العديد من البورصات المتخصصة منها بورصة السلع الغذائية والنفط والدواجن والخردة والألمونيوم والبلاستيكات القديمة، مشددا على أن القرار جاء متأخرا كثيراً خاصة أنه تم إصدار أول قانون للسوق سنة 1992 وكان من المفترض بعدها بعامين علي الأكثر إصدار قانون للبورصات السلعية. وعن الحكومة، قال إنها لا تعمل باقتصاديات السوق على الرغم امتلاكنا أقدم البورصات السلعية على مستوى العالم، كبورصة القطن في الخمسينيات التي كان مسئول عنها محمد باشا فرغلي وكامل مراد، وبورصة البصل بمحافظة الإسكندرية كانت الأكبر على مستوى العالم، وكانت هناك بورصة للدواجن في التسعينيات. تنفيذها مستحيل وعلى النقيض، أوضح الدكتور فؤاد عيسى الخبير الاقتصادي أن البورصة السلعية تستطيع ضبط السوق لكن تنفيذها درب من الخيال، لأن أدوات التدخل الحكومي في الوقت الراهن ضعيفة وغير موجودة بالقدر الكافي خاصة في المناطق والمحافظات النائية، وبالتالي لن تستطيع السيطرة والتحكم وإنما يخضع السوق لآليات العرض والطلب حيث لا توجد موارد يتم من خلالها الاستيراد وسد الفجوة الغذائية الموجودة بالسوق. وأردف عيسى أن "الطلب على السلع أكثر من المعروض" ونظراً للاضطرابات الأمنية والسياسية التي تعيشها البلاد وغياب السلطة والقوة التي تمكنها من فرض القوانين واللوائح التي تنظم عمل البورصة في ظل وضع اقتصادي متدهور وإنتاجية ضعيفة، تجعل من المستحيل الانتقال لاقتصاديات السوق الحر وبطبيعة الحال مع تضارب الآراء، يبقى التساؤل هل تستطيع البورصات السلعية التي تخطط الحكومة لإنشائها كبح جماح الأسعار بالفعل؟ أم أن القرار في النهاية سوف ينضم إلى موسوعة القرارات الحكومية عديمة الجدوى؟.