بمطرقة صغيرة يحوّل الفتى الغزّي "صالح أبو عمرة" قطع الحديد البالية والمتراكمة أمامه، إلى مجسمٍ يختصر قصة إبداعه في ثني الحديد وتشكيله، وتصميمه بشكل فني. غير أن هذه المجسمات تبدو أكثر إبداعا في نظر من يشاهدها، عندما يعلم بأن صاحبها يعاني من إعاقة في السمع والنطق، لم تمنعه من تصميم وبناء هياكل ومجسمات الآليات الثقيلة. ويغيب ضجيج الأصوات عن الأصم والأبكم "أبو عمرة" (18 عاما)، الذي ينشغل بتصويب عينيه نحو قطع الحديد ليشكلها وفق ما يرسمه خياله. وفي داخل ورشة للحدادة، يملكها والده في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، يقف أبو عمرة بين هياكل حديدية صغيرة لعدة مجسمات لآليات ثقيلة. وتصطف بعض المجسمات كخلاط الأسمنت، والجرافة، والسيارة وغيرها من هياكل الشاحنات، والآلات الثقيلة التي يقول إنها أصبحت "عالمه الخاص". ونجح أبو عمرة في صناعة "خلاطة أسمنت"، ووضع لها مولد غسالة كهربائية، كي يجري تجربة لمدى نجاحها. وقام بتجربة مدى نجاح الخلاطة في العمل، من خلال ببناء منزل صغير من الخراسان بطول متر وارتفاع نصف متر،. ووجد أبو عمرة، في مهنة أبيه، فرصة لتحقيق موهبته، فكافة المعدات التي تساعده في العمل أمام ناظريه. ومنذ صغره قرأت عائلته موهبته من خلال لعبه في قطع بلاستيكية صغيرة، وتفكيك ما هو معقد، وصناعة الكثير من الأشكال الفنية. وتقول والدته (وردة أبو عمرة) "45 عاما" في حديث لوكالة "الأناضول" إنه الآن يتطلع لأن يقوم بتطبيق مع تعلمه من مواقع الإنترنت بشكل عملي. وتتمنى والدته أن يتم توفير المعدات الكافية لعمله، وتقديم الدعم المعنوي والمالي، وأن تتبناه المؤسسات المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة. ووفق والده (محمد أبو عمرة) "45 عاما"، فإن ابنه يتمنى السفر للخارج من أجل تعلم صناعة الآليات الثقيلة، وأن يعود إلى قطاع غزة لكي يفتتح مصنعا كبيرا لصناعة السيارات. ويفتقر قطاع غزة لمصانع السيارات، كما أن المناهج التعليمية في المدارس الخاصة والحكومية ومدارس "أونروا" والجامعات لا تتطرق لتعليم الطلبة كيفية صناعة السيارات. ويعتمد القطاع المحاصر إسرائيليا منذ أزيد من سبعة أعوام بصورة رئيسية على استيراد السيارات والآليات الثقيلة من الخارج.