القاهرة: اختلفت الديانة ولكن جمعهما وطن واحد، ومصير واحد، اختلفت الديانة، ولكن جمعهما الحب، والنهاية الحزينة، اختلفت الديانة وجمعتهما الصداقة والمشهد الأخير في حياة كل منهما. وما أشبه الليلة بالبارحة فلم يكد يمضي شهر على حادث مصرع "أحمد وبيشوي" عندما كان أحمد يصارع الموت مع موج غادر فهرع إليه بيشوي لإنقاذه، فاحتضنهما الموت تحت جناحيه، وغاص بهما في ظلمات ثلاث . يومئذ رأى المصريون في هذا المشهد الإنساني الفريد دلالة قوية، على متانة النسيج الوطني، وصفعة على وجوه وأقفية من يصفقون لحرباء "الفتنة الطائفية"، كي ترقص، وتهز ذيلها، وتبث سمومها في مجتمع آمن منذ زمن بعيد بأن "الدين لله والوطن للجميع". وكما غادرها "أحمد وبيشوي" غرقا ودعها "سلطان مصطفى وحسام حنا" في بالوعة صرف صحي ذهب حنا إلى مصيره المحتوم أولا، فحاول مصطفى انقاذه، فلم يفلح، وابتلعهما الموت في بطنه، الذي لا يشبع أبدا. هكذا مات مصطفى وحنا بعد ان عاشا سنوات من الحب والصداقة والوفاء، كانت لكل منهما أحلامه وطموحاته، التي تعلق بها في آفاق رحبة، ولكن الموت كان في انتظارهما في قاع كئيب . مات مصطفى وحنا تاركين وراءهما حزنا عميقا، ضرب بجذوره في أفئدة أهالي قرية "باقور" في محافظة أسيوط "375 كيلو مترا جنوب صعيد مصر"، الذين لا يزالون يبكون شابين، لم تكد الحياة تفتح لهما أحضانها، حتى سبقها إليهما الموت . وبحسب صحيفة "الراى العام " الكويتية وقع الحادث الأليم حين كلف مقاول الصرف الصحي الصديقين مصطفى وحنا بتنظيف إحدى البيارات في مشروع مجلس المدينة، الذي بدأ العمل فيه قبل 5 سنوات، ولم ينته حتى الآن، فاختل توازن حنا وأشرف على الموت، فهمّ صديقه مصطفى بانقاذه، ولكن كانت للقدر كلمته الحاسمة، فقد مات الصديقان مثلما مات "أحمد وبيشوي" . أحد شهود العيان الذي رصد لحظة غرق الصديقين "صاحب محل الأقمشة" قال يبعد محلي عن هذه البالوعة نحو 10 أمتار فقط وفي الليلة المشؤومة سمعت أصواتا وصراخا بالقرب من البالوعة، فهرعت إلى هناك فعلمت أن شابين غرقا في البالوعة، أثناء تنظيفها . واستطرد قائلا: قامت ادارة الدفاع المدني بمد "جريد النخل" حتى يحاول الشابان التقاطه والتعلق به لكي يتم انقاذهما، وللأسف الشديد كان القدر أسرع من هذه المحاولات الفاشلة، وغرق الشابان ولفظا أنفاسهما الأخيرة بسبب الغازات الخانقة المنبعثة من البالوعة، كما أن وسائل النجدة التي حضرت متأخرة لم يكن لديها الإمكانات الكافية لانتشال الجثتين، وكانت عربات الكسح في حالة رديئة، وتطلب الأمر وقتا طويلا لتفريغ السيارة وانتشال الجثتين .