ثمة ما يدعو للشفقة ما ينتاب المواطن العربي من شعور بالتيه وفقدان المستقبل ، مستقبل عربي موحد يعالج قضايا الوطن العربي الملحة والدائمة في وجه المتغيرات الدولية والاقليمية القائمة . ربما كان البيان الختامي يعبر عن حال الدول والحكام والرؤساء والملوك من خلافات شاسعة وتشرذمات وتجنحات لا تخدم المصير العربي المشترك ولا المستقبل العربي ايضا ً الذي يعاني الان من مشاكل جمة ناتجة عن متغيرات دولية اقتصادية وسياسية وامنية وخاصة بعد ما عم الوطن العربي الفوضى والتجنح التطرفي سواء من قوى علمانية او من قوى اسلامية سياسية . حيث اختزلت اعمال القمة في جلستين علنيتين..!! البيان الختامي الذي لم يأتي بفقرة واحدة او بند " لقد قررت الأمة العربية او الدول العربية كذا وكذا بخصوص المشاكل العالقة في فلسطينوسوريا والسودان وليبيا ومصر واليمن " وهي تلك الدول التي عمتها الفوضى ، وكذلك لم يأتي مؤتمر القمة مقررا ً وفاعلا بخصوص قضايا اقليمية وتوازنات اقليمية كان يجب ان يجد الوطن العربي مكانا ً له فيها مثل التوازن او مشروع القوة الاقليمية الايرانية وكيفية التعامل معها وما يحدث من بروز روسيا كقطب قوي في المعادلة الدولية والذي بدأ من سوريا مرورا ً اوكرانيا وربما لا ينتهي الدور الروسي الذي يطمع بارث الاتحاد السوفييتي الدولي والاقليمي الى شمال افريقيا واسيا والى دول كانت خاضعة للسيادة السوفيتية في السابق . اولا : دعا البيان الختامي في مقطوعاته الاولية حول السلام الاجتماعي والعدل والمساواة بين شعوب المنطقة العربية ، هذا المنطق الذي لن تعالجه قمة عربية كان مجمل بيانها هو عبارة عن مصطلح " ندعو" فمازال هناك تفاوت كبير في المجتمعات العربية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ً وهو البند الذي لن تعالجه أي قمة عربية . ثانيا : الوضع الفلسطيني ، لم يخرج مؤتمر القمة العربي عن محددات الموقف العربي القديم ومنذ التحول في النظام السياسي في مصر من فقدان عبد الناصر عن التراجيديا القائمة في الواقع الفلسطيني وموقف الدول العربية منها ، فكل ما اتى في البيان يتلخص في النقاط التالية : 1 – دعا مؤتمر القمة العربية الى التمسك بالمفاوضات والحل السلمي وحل الدولتين ،والاعتماد على قرار 242 و338 وبخصوص حل الدولتين على ارض الرابع من حزيران 1967 ، وهنا لم يذكر البيان القرارات الدولية التي ربما تنصف الشعب الفلسطيني كقرار 194 و قرار 181 وما يتعلق بحقوق اللاجئين والاعتماد على المبادرة العربية التي تنص على ايجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين وهي القضية المركزية التي بنيت على اساسها الخريطة السياسية والأمنية للكيان الصهيوني في المنطقة العربية ، وهذا يؤكد تناعم الاطروحات العربية مع وجهة النظر الغربية بخصوص اللاجئين الفلسطينيين والحكم السياسي والأمني على اراضي الفلسطينيين التي نهبت عام 1948 بحكم نظرية الأمن الصهيونية وسيطرتها على الأرض . 2 – بخصوص المستوطنات ، لم يعدو مؤتمر القمة العربي على انهاء الاستيطان وازالته بل دعا الى تجميد الاستيطان ، وهذا يعني اضفاء نوع من الشرعية التفاوضية حول هذه المستوطنات بما يخدم المفاوض الفلسطيني مع الجانب الاسرائيلي حول تبادلية الارض التي حددت نسبها من 5 % الى 7 % و هذا يعني ابتلاع اجزاء كبيرة من اراضي القدس والغور . 3 – بخصوص القدس ، لقد دعا مؤتمر القمة الى اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية ، ورفض عمليات التهويد ودعا المجتمع الدولي للوقوف امام اسرائيل في محاولاتها لنزع الشرعية الاردنية والوصاية عن المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس ، ومن هنا نحى جانبا مسؤوليات السلطة الوطنية ايضا ً عن القيام بمسؤولياتها تجاه القدس ، وكأن القدس هي جزء خارج الاراضي الفلسطينيةالمحتلة ، ودعا ايضا لدعم القدس وصندوق القدس ، هذا الكلام النظري الذي لم يحقق منه اكثر من 30 % بناء على توصيات مؤتمرات القمة السابقة بشأن حماية القدس . 4 – تحدث مؤتمر القمة ودعا الى دعم السلطة ماليا بمقدار 100 مليون دولار كصندوق امان للسلطة الفلسطينية في حال تقاعس الدول المانحة عن تزويدها بالمال اللازم للقيام بمسؤولياتها والتزاماتها نتيجة الابتزاز الصهيوني السياسي والامني ، وفي الحقيقة هذا المبلغ لا يوفر أي نوع من الضمانات او الامان لسلطة مسؤولة عن رعاية الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة ومخيمات فلسطينية فالشتات ، وهو ترديد لصندوق امان يمكن ان يوضع في مربع التفاوت السياسي في مواقف الدول العربية تجاه السلطة . دعا مؤتمر القمة وشكر جمهورية مصر العربية لدورها الراعي للمصالحة الفلسطينية ، ودعا لتطبيق اتفاق المصالحة الذي رعته مصر وتنفيذ اهم بنوده في انتخابات تشريعية ورئاسية وبلدية في الضفة الغربية وغزة وانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني . ثانيا : الوضع في سوريا ، امام الخلافات العربية بخصوص سوريا نتحدث اولا ً ان لا شرعية للجامعة العربية لنزع عضوية نظام عربي من عضويتها وهذا ما حدث منذ عام 2011 بقرار الجامعة العربية بالغاء مقعد سوريا والنظام السوري في الجامعة العربية واستبدال ذلك بالخطيب ممثل المعارضة السورية ، وهنا يأتي مؤتمر القمة العربية متناغما ومتراجعا على طريق تصحيح القرار الاول بالغاء وجود النظام السوري ومقعده في الجامعة العربية ، حيث اتى الجربة كزائرا ً واحيل ملف سوريا الى لجنة لوزراء الخارجية العرب تعقد اجتماعاتها في خلال اسبوعين بخصوص الأزمة السورية وترحيل المواقف العربية المتفرقة والغير موحدة بخصوص سوريا واعتقد ان هذا هو انجاز يعكس واقعا ً عن الصراع على الارض بين النظام السوري والارهابيين والمتطرفين والمعارضة الممولة . ثالثا : دعا مؤتمر القمة لحل الازمات ودعم اليمن ومؤتمرها في تنفيذ الوحدة الوطنية ودعا الى مساندة الدول التي عمتها الفوضى وانهارت بنيتها التحتية مثل ليبيا واليمن ودعم السودان في وحدة اراضيه ونبذ الارهاب في كل مكان والتطرف في كل مكان . رابعا : دعا البيان وهي دعوة مكررة لمؤتمرات قمة سابقة لعودة الجزر الاماراتية الى حضن الوطن الام مثل طمب الكبرى وطمب الصغرى وجزر ابو موسى من السيطرة الايرانية عليها ومن خلال العمل السلمي . لو نظرنا الى دعوات مؤتمر القمة المكررة فهي دعوات ترحيلية لكل الازمات العربية ولم تأتي بالجديد لمعالجة أي قضايا عربية ملحة في الصراع القائم في الدول العربية سواء داخلي او اقليمي ، اما في الجانب الفلسطيني وما ترجم عنه بالصراع العربي الصهيوني فلم يأتي بجديد غير الدعوة الى والى والى والتمسك بأن فلسطين هي فقط الضفة الغربية وغزة وهذا ما ينقص من الحق الفلسطيني تاريخيا ً ووطنيا ً وقوميا .