هناك أسباب لتأخر مصر في نسب العلاج العالمية بالنسبة للشفاء من مرض السرطان، وذلك بسبب اكتشاف المرض في المراحل المتأخرة، حيث ان نسب العلاج والشفاء من مرض السرطان في المراحل الأولية قد يصل إلى 90%، ويعتبر السرطان ثاني أسباب الوفاة بعد أمراض القلب في مصر، ومن المتوقع زيادة أعداد المرضى في المستقبل نظراً للزيادة المطردة في أعداد السكان. وعلى الرغم من محاولة البحث عن الطرق الجديدة للعلاج، إلا أن الأطباء يؤكدون على أهمية الكشف المبكر للسرطان بصورة عامة لإمكانية العلاج قبل الوصول لمراحل متأخرة قد يصعب علاجها، مما يؤدى إلى ارتفاع التكاليف، وانخفاض معدلات الشفاء. ويحتفل العالم في شهر فبراير من كل عام باليوم العالمي للسرطان، ولكن غياب الوعى وارتفاع التكاليف أحد أسباب زيادة معدل الإصابات بالمرض. وفي هذا الصدد، أكد الدكتور محمد شعلان أستاذ جراحة السرطان بمعهد الأورام، أن هناك قصور شديد في ميزانيات مراكز الأورام، فميزانية معهد الأورام 2009، بلغت 35 مليون جنيه في حين أن فعلياً تم صرف 150 مليون جنيه، كما أن تمويل علاج السرطان في مصر يعتمد إلى حد كبير على التبرعات، ويوجد في مصر 40 جهاز علاج إشعاعي في حين التوصيات الدولية تشير إلى أن حجم الاحتياج هو 160 جهازاً، كما يبلغ عدد الأطباء المتخصصين في الأورام من مختلف التخصصات المسجلين في الجمعية المصرية للسرطان 620 طبيباً فقط. وتبلغ تكلفة علاج السرطان سنوياً مليار ونصف مليار جنيه للحالات الجديدة فقط، وذلك بخلاف الحالات القديمة، كما أن هناك أكثر من 100 ألف حالة سرطان جديدة سنوياً، وستضاعف الأعداد حتى 2020. أما عن التحديات التي نواجهها لمكافحة السرطان، أوضح شعلان هى غياب خطة قومية لمكافحة السرطان، عدم إدراك حجم وباء السرطان، عدم إدراك إمكانية الوقاية والحاجة إلى التبكير باكتشافه، نظام رصد السرطان يحتاج للتطوير، الاعتقاد الانهزامي تجاه السرطان من العامة والمسئولين، البنية الأساسية تتسم بالقصور، الموارد البشرية غير كافية، الكثير من الحلول تقع خارج النظام الصحي، علاج الحالات المتأخرة يؤدي إلى انخفاض نسبة الشفاء بالرغم من العلاج الباهظ. سرطان الكبد ونظراً لعدم وجود الوعي الكامل بخطورة هذا المرض وانتشاره بين شريحة كبيرة من المجتمع، نتيجة الممارسات الخاطئة التي تسبب انتقال فيروسات الكبد، وتنتقل في أغلب الأحيان عن طريق النقل الغير آمن للدم، أو عبر الاتصال الجنسي، وتتسبب في خلل شديد في إنزيمات الكبد يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى ظهور سرطان أو تليف بالكبد. أكد الدكتور محمود المتيني أستاذ زراعة الكبد، أن الإصابة بسرطان الكبد تأتي في المرتبة الثانية بعد سرطان المثانة في الرجال والمرتبة الخامسة في السيدات، مؤكداً أن تضاعف معدلات الإصابة بسرطان الكبد 40 مرة عما كانت عليه عام 1970 بواقع 10 آلاف حالة جديدة سنوياً، مما يجعله السبب الأول في الوفاة بالسرطان بين جميع أنواع المرض المنتشرة في مصر، حيث وصلت معدلات الإصابة بسرطان الكبد في مصر إلى 11% من إجمالي المصابين بالفيروسات الكبدية لتصل إلى 7.9 حالة لكل 100ألف نسمة بواقع 6400 حالة وفاة سنوياً. الأسنان وسرطان الرأس أكد الدكتور طارق هاشم أستاذ علاج الأورام بجامعة المنوفية، أن سرطان الرأس والرقبة بدأ يظهر جلياً في مصر ويأتي في المرتبة الخامسة من أنواع السرطان المنتشرة في مصر بعد سرطان الكبد والقولون والثدي والرئة، وذلك لعدة أسباب منها عدم الإهتمام بنظافة الأسنان وتسوسها فمثلاً عند انكسار جزء من سنة من الأسنان وعدم الاهتمام تتحول هذه السنة المكسورة إلى مايشبة السكين الحاد ومن الممكن جداً من خلال الاحتكاك باللسان أن تصيبه بقرحة ومن ثم حدوث سرطان في الرأس. كما شدد على أن المشروبات الحارة كالشطة والفلفل الحار وغيره قد تتفاعل مع الآم الأسنان مسببة قرحة قد تتفاقم لتسبب سرطان الرأس والرقبة. وعن العلاجات الفعالة المتاحة حالياً، أوضح دكتور وليد عرفات أستاذ علاج الأورام بجامعة الإسكندرية، أن هناك مايعرف بإسم "العلاجات الموجهة" وهو موجه لمكان المرض ويستهدف المرض فقط دون أن يضر ماحوله وبخصوص مرض سرطان الرأس والرقبة فهناك مايعرف بإسم "سيتي كوكس ماب" وهى المادة العلمية التي أثبتت فعالية كبيرة لعلاج سرطان الرأس أو الرقبة فهو علاج يستهدف الخلايا المصابة ومن ثم تموت هذه الخلايا، وطالب الدولة أن تدعم هذا العلاج حيث أن "ايربوتكس" لايأخذ فترة طويلة بالنسبة للعلاج ونسب العلاج به عالية جداً، كما أن عدد المصابين به حتى الآن نسب قليلة وبالتالي يمكن السيطرة على المرض قبل انتشاره في مصر. سرطان القولون أكد الدكتور محسن مختار أستاذ مساعد الأورام بجامعة القاهرة، أن سرطان القولون والمستقيم من الأورام الرئيسية التي تصيب الجهاز الهضمي ويبلغ معدل الإصابة به 11.5% من إجمالي حالات الإصابة بالسرطان على مستوى العالم، كما يمثل ما بين 3 إلى 6% من إجمالي حالات الإصابة بالسرطان في مصر. وأوضح مختار أن سرطان القولون والمستقيم يعد السبب الثاني في حالات الوفاة الناتجة عن الإصابة بالسرطان على مستوى العالم ويودي بحياة 700 ألف شخص سنوياً أي حوالي 2.000 حالة وفاة يومياً، مشيراً إلى أن ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان في سن مبكرة (دون الثلاثين) من المؤشرات المقلقة التي نلاحظها في مصر، وهو ما يختلف عن المعدلات العالمية، حيث يزيد متوسط العمر عن 50 عاماً عند الإصابة، مما يعني أن المرض لا يستهدف كبار السن فقط، إنما أصبح يمثل خطراً على شبابنا ومستقبلنا. ويرى الدكتور ياسر عبد القادر أستاذ علاج الأورام بجامعة القاهرة ومدير مركز علاج الأورام بالقصر العيني على ضرورة الفحص الدوري، مشيراً إلى أن الفحص الدوري يساعد على ارتفاع فرص الشفاء من سرطان القولون والمستقيم والتي تصل إلى 90% عندما يتم اكتشاف الإصابة في مرحلة مبكرة، خاصةً مع ظهور العلاج الموجه والذي أحدث طفرة في نسب الشفاء، ولكن هذه النسبة تنخفض بشكل ملحوظ عندما يتم اكتشاف المرض في مراحل أكثر تقدماً. وكشف عبد القادر عن وجود علاقة وثيقة بين السمنة والإصابة بأورام الجهاز الهضمي، مؤكداً أن الإصابة بسرطان القولون والمستقيم مرتبطة بشكل مباشر بالعادات الغذائية السيئة، كما أن الارتفاع المستمر في نسبة السمنة في مصر يجعلنا أكثر عرضة للإصابة بأمراض عديدة على رأسها سرطان القولون والمستقيم. سرطان الثدي أكد الدكتور علاء الحداد رئيس المعهد القومي للأورام وأستاذ أورام الأطفال، أن سرطان الثدي يعتبر من أكثر أنواع السرطان انتشاراً بين السيدات في مصر، حيث يمثل نحو 35% من إجمالي حالات السرطان التي تصيب السيدات، ويعالج المعهد القومي للأورام حالة سرطان ثدي بين كل خمس حالات تتلقى العلاج بالمعهد، وعلى الرغم من ذلك أصبح سرطان الثدي واحداً من أسهل أنواع السرطان وأكثرها قابلية للشفاء في حالة الاكتشاف المبكر. أوضح حداد أن الكشف المبكر يعتبر عاملاً أساسياً في تحقيق معدلات شفاء أفضل، مشيراً إلى أن حوالي 90% من حالات سرطان الثدي قابلة للشفاء التام إذا تم اكتشافها مبكراً.