انفردت كثير من الصحف والقنوات والمواقع الرياضية في العالم العربي، بالإشارة إلى حادثة وادّعت أنها الأولى من نوعها في العالم، بخوض فريق شباب قسنطينة لمباراتين رسميتين في يوم واحد السبت الماضي. خسرهما بنفس النتيجة صفر _ 2.. وكان لقاؤه الدولي أمام نادي نجيلاك من النيجر في نيامي، والمحلي أمام مولودية بجاية في ملعب الوحدة المغاربية ضمن دوري رابطة المحترفين الأولى. وقبل الخوض في تفاصيل الحدث الكارثي الذي نتمنى ألا يتكرر مستقبلا حرصا على سمعة النادي أولا، والكرة الجزائرية ثانيا، لابد أن نصحح الخطأ ونؤكد أنها ليست المرة الأولى وسبقتها حادثة مماثلة للنادي الأهلي المصري في الثالث من أبريل 1998، ولا يمكنني التأكيد أن حادثة الأهلي كانت الأولى لأننا لا نمتلك كل المعلومات والإحصاءات عن المسابقات المحلية والدولية في كل البلاد والقارات، ورحم الله من قال لا أعلم. حادثة الأهلي كانت قسرية على صعيد التنظيم، وانتحارية من إدارة الأهلي. وجاءت بعد 50 يوما من تتويج منتخب مصر بكأس الأمم الإفريقية في بوركينا فاسو، ولعب مباراتيه دون نجمه وهدافه الأول حسام حسن، المعاقب لأسباب تربوية، وخاض لقاءه ظهرا بتشكيلته الأساسية مع مديره الفني الألماني راينر تسوبيل، في ملعب المنزة بالعاصمة تونس ضد الشباب السعودي في بطولة النخبة العربية، وفاز بهدفين نظيفين وتوج لاحقا بطلا للمسابقة، وفى المساء إلتقى الأهلي بفريقه الثاني في إياب دور الستة عشر لدوري أبطال إفريقيا مع البن الأثيوبي بعد أن تعادلا ذهابا 1-1، ودفع بطل مصر ثمن غياب نجومه وتعادل فقط 2-2 في ملعبه مع البن، وخرج من البطولة بقاعدة احتساب الهدف خارج الملعب بهدفين. الفوارق بين تجربة الأهلي ومغامرة شباب قسنطينة كثيرة، وأولها أن الاتحاد المحلي لم يكن صاحب قرار في واقعة الأهلي، بينما كان الأمر بيد الاتحاد الجزائري تماما، ولم تكن هناك أي بادرة اتفاق أو تعاون من الرابطة مع النادي بتأجيل مباراته في الدوري ولو ليوم واحد، أو يومين رغم عدم تأثير ذلك على برنامج المسابقة المحلية، وثانيها أن مجلس إدارة الأهلي قبل الأمر ولم يحاول تعديل أي من المباراتين، بينما جاءت محاولات إدارة شباب قسنطينة متأخرة جدا وناعمة للغاية، وثالثها أن أحوال الأهلي كانت مستقرة للغاية إداريا وتدريبيا وفنيا، بدليل إحرازه للقب المحلي ومشاركاته العربية والقارية، بينما يعاني شباب قسنطينة الأمرين إداريا وتدريبيا وفنيا، والاهتزاز بدأ بإقالة مديره الفني الإيطالي غارزيتو، والتباطؤ في تعيين البديل ثم الاستقرار على الفرنسي بيرنار سيموندي، رغم أنف رئيس النادي الأسبق، وتفاقمت المشاكل باستقالة رئيس النادي بو الحبيب، وتولى الرئيس الحالي ياسين فرصادو، للمسؤولية وتبادل كل الأطراف للاتهامات عبر وسائل الإعلام، وبالطبع لم يكن شباب قسنطينة بطلا ولا من بين المنافسين على البطولة عند حدوث الأزمة، ولم تكن قائمته عامرة باللاعبين وهو ما قلّل من أعداد لاعبيه في قائمتي المباراتين، ورابع الاختلافات أن الأهلي إعتمد على تشكيلته الأساسية مكتملة في لقاء الشباب، وعلى مجموعة الاحتياطيين في مباراة البن، بينما فرضت إدارة "السنافر" على فريقها السفر إلى نيامي قبل ساعات من اللقاء وبفريق من 13 لاعبا فقط بينهم حنايني المصاب، تحت قيادة المدرب المساعد نبيل مجاهد، وانتقل الفريق الأقوى إلى بجاية مع المدير الفني الفرنسي بيرنار سيموندي، أما آخر الاختلافات فهي رقمية فقد فاز الأهلي في واحدة وتعادل في الأخرى دون الهزيمة، ولكنه توج في واحدة وخرج من الثانية بينما خسر "السنافر" مباراتيهما دون إحراز أي هدف. فوارق كثيرة ومؤثرة بين الحادثتين والناديين، علما أن الأهلي المصري هو الأكبر والأغنى في إفريقيا، والأوفر دائما باللاعبين من النجوم عددا وكفاءة، وهو ما أتاح له بعض النجاح في التجربة المؤلمة بينما لاحق الإخفاق شباب قسنطينة في مباراتيه. الدرس الأهم من الواقعة هو ضرورة التنسيق الباكر بين مواعيد البطولات المحلية والبطولات القارية، لتفادي تكرار هذه المهزلة مستقبلا، ويتحمّل اتحاد الكرة الجزائري واللجنة المنظمة للدوري المحلي المسؤولية كاملة عن الأزمة التي تعرض لها نادي شباب قسنطينة، لأن مواعيد البطولات الإفريقية ثابتة ولا يمكن تعديلها، وتقع بعض المسؤولية على إدارة النادي التي تعلم موعد مباراتها الإفريقية قبل شهرين، ولم تتحرك لطلب التعديل إلا قبل أيام قليلة من اللقائين مما وضع عبء وحرجا على الاتحاد في إجراء التعديل، وإذا كانت الأخطاء كثيرة ومشتركة والنتيجة أن شباب قسنطينة، قد وقع في الهزيمة مرتين. فالدرس قاس والمحصّلة أن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين. نقلا عن صحيفة " الشروق " الجزائرية