محيط - عبد الرحيم ريحان المسجد الأقصى قرر وزراء الإعلام العرب فى اجتماعهم بجامعة الدول العربية اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009 وأن العام المقبل سيكون عام القدس فى كل العواصم العربية. والقدسالمدينة العربية التي بناها اليبوسيون وأطلقوا عليها يبوس، واليبوسيون هم أحد الأقوام الكنعانية السبعة والكنعانيون قبائل سامية نزحت من صحراء شبه الجزيرة العربية أو الصحراء السورية منذ زمن بعيد قدّر فى النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد وكلمة كنعانى هى صيغة النسب لكنعان وتعنى الصبغ القرمزى اللون وهو الصبغ الذى كان الكنعانيون يصنعونه ويتاجرون فيه وهم أول من اكتشف النحاس وجمعوا بينه وبين القصدير لإنتاج البرونز وبرعوا فى البناء وإنشاء القلاع والتحصينات وهم أول من اخترع حروف الكتابة وقد استعار منهم الفينيقيون وأخذ عنهم العبرانيون فيما بعد أبجديتهم وديانتهم وبدأ التسلل العبرانى لأرض كنعان ( 1250 – 1200 ق.م .) واختلطوا بسكانها الأصليين الكنعانيين . ورغم أنهم أخذوا الكثير والكثير من الحضارة الكنعانية إلا أن الصهاينة يدّعون أن الكنعانيين قد أبيدوا تماماً على يد العبرانيين أو أنهم ذابوا فيهم وهذا مستحيل لأن الكنعانيين كانوا هم الشعب الأقوى وصاحب الحضارة الأكثر تفوقاً وخضعت (يبوس) لحكم قدماء المصريين من عهد تحتمس الثالث (1479 ق.م.) الذى أقام عليها حاكماً من أبناء مصر ولم يحاول المصريون تمصيرها بل اكتفوا بتحصيل الجزية من سكانها وأطلقوا عليها إسمها اليبوسى (يابيشى) وتارة اسمها الكنعانى (أورو- سالم ) أى مدينة السلام ودخل نبى الله داود عليه السلام المدينة عام 1049 ق.م. زاحفاً من حبرون واتخذها عاصمة لملكه وأسماها مدينة داود وغزاها البابليون بقيادة نبوخذ نصّر 586 ق.م. مدخل المسجد الأقصى وأطلقوا عليها أورو سالم وانتشرت اللغة البابلية وأصبحت اللغة الرسمية أما اللغة الدارجة فكانت الكنعانية حتى احتلها ملك الفرس كورش 538 ق.م. ثم الإسكندر 332 ق.م. وانتشرت اللغة اليونانية كلغة رسمية وكانت اللغة الدارجة الآرامية وأطلق عليها اليونانيون يرو سالم ثم احتلها بومبى 63 ق.م. واصبح إسمها هيرو ساليما ومنها أخذت أوربا Jerusalem واستولى عليها الإمبراطور الرومانى تيتوس 70م وفى عام 139م أطلق عليها الإمبراطور الرومانى أوريانوس (إيلياكابيتولينا) وتعنى بيت الله وظلت تعرف بهذا الإسم حتى أوائل الفتح الإسلامى وفى عام 614م احتلها الفرس ثم استعادها الرومان عام 628م وفتحها المسلمون فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه على يد الصحابى الجليل أبو عبيدة بن الجرّاح 15ه 636م ولمكانتها العظيمة تسلم المدينة الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه وليس قائد الجيش الفاتح وأطلقوا عليها القدس واحتلها الصليبيون 1099م واستردها القائد صلاح الدين 583ه 1187م ثم احتلتها بريطانيا 1917 حتى 1947م وفى حرب 1948م سيطرت إسرائيل على الجزء الغربى من القدس بينما خضع الجزء الشرقى للأردن بما فيها المدينة القديمة التى تضم المواقع الدينية واستولت إسرائيل عام 1967م على القدس بأكملها. وكان قرار ضم المدينة المقدسة للدولة الصهيونية فى 27يونيو 1967 بعد ثلاثة أسابيع من احتلالها رغم احتجاجات الرأى العام العالمى والمؤسسات الدولية وقرارات الأممالمتحدة التى نددت بهذا الإجراء ثم بدأت بتوطين أعداد هائلة من اليهود فى المنطقة العربية وحولها بينما لم يكن هناك يهودى واحد فى القدس العربية قبل عام 1967 وأخذ عدد العرب يتناقص من جراء الضرائب الفادحة والقوانين الجائرة والإرهاب الصهيونى ثم أحاطوا القدس العربية بأحياء يهودية أشبه ما تكون بالحصون العسكرية تلتف حول المدينة لفصلها عما جاورها ولإضعاف الوجود العربى قامت بتصفية القيادات الإسلامية والفكرية والسياسية، وبدأت ممارسات تغيير ملامح المدينة وطمس هويتها العربية الإسلامية بالعبث بالمعالم التاريخية والدينية للمدينة وتحويلها لبارات وملاهى ليلية وأسوأ من ذلك للجذب السياحى وتنمية اقتصاد الدولة الصهيونية. القدس فى عام 2000 وبمنتهى التبجح طالبت إسرائيل بضم مدينة القدس على لائحة التراث العالمى على أنها موقع ثقافى إسرائيلى فاجتمع وزراء الثقافة العرب بالرياض وأصدروا بيان لمدير عام اليونسكو ورئيس لجنة التراث العالمى مطالبين برفض قبول الطلب الإسرائيلى المنافى لقرارات الشرعية الدولية ولم تيأس إسرائيل فحاولت عام 2003 شطب مدينة القدس من قائمة التراث العالمى المهدد بالخطر وكانت الأردن قد سجلت القدس عام 1982 كتراث عالمى وذلك لعدم وجود دولة فلسطينية كاملة العضوية فى اليونسكو حتى الآن وفى الاجتماع الأخير لليونسكو من 2 إلى 10 يوليو فى مدينة كيبيك بكندا سعت إسرائيل لإدراج القدس على لائحة التراث العالمى من طرف إسرائيل مع أنها مدرجة أصلاً فى قائمة الأردن متحدية بذلك لائحة اليونسكو وتحاول الدول العربية حشد التأييد والدعم من الدول الصديقة الأعضاء فى اليونسكو لموضوع إشكالات القدس وباب المغاربة ولكن أين اليونسكو والمنظمات العربية والإسلامية المهتمة بالتراث إليكسو وإيسيسكو؟. وليكن اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية دافعاً للعرب والمسلمين يذكّرنا بالقدس والتى ربما تكون قد تاهت فى زحمة الفيديو كليب وفوضى الفتاوى الإعلامية وبرامج تسطيح الفكر العربى واللعب على غرائز شباب الأمة والمطلوب هو التوثيق لعروبة القدس وتأكيد هويتها العربية وكشف ممارسات الدولة الصهيونية منذ عام 1967 وتحديها لكل القوانين الدولية وإلقاء الضوء على كل هذا فى الإعلام العربى بشكل مكثف والضغط على اليونسكو التى أقامت الدنيا وأقعدتها على هدم ثماثيل بوذا "ونحن نحترم التراث الإنسانى فى أى بقعة فى العالم" أن تطلع بمسئوليتها عن تراث إنسانى تعبث به أيد تلوثت بدماء العرب والمسلمين فهانت عليها مقدساتهم فهل هانت علينا مقدساتنا؟.