أقيم مساء أمس الاثنين فى رام الله حفل تأبين للشاعر الفلسطينى الكبير الراحل محمود درويش بحضور وزير الثقافة الإماراتى ووزيرة الثقافة المغربية وسفراء عدد من الدول المعتمدين لدى السلطة الوطنية بتنظيم من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقال سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية فى كلمة ألقاها نيابة عن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية "نلتقى اليوم فى تأبين الشاعر الانسان وتحتشد فينا المشاعر لتخليد سيرته والارادة للسير على طريقه". واقتبس فياض فى كلماته مقاطع كثيرة مما قاله درويش فى أشعاره واصفا اياه "سنديانة فلسطين وهويتها الثقافية أنت يا محمود وأحد بناة مشروعها الوطني.. طفل بريء يبحث عن دفاتره وألعابه وغده .. كنت فارسا جميلا يحرس الحب والحياة والشعر والمستقبل". وكان درويش حاضرا فى الحفل من خلال مقعد بقى فارغا أمامه طاولة صغيرة وضعت عليها مجموعة من أوراقه ونظارته وخلفها شاشة كبيرة عرضت عليها صور فوتوغرافية لدرويش فى مراحل عمرية مختلفة اضافة إلى صور لمكتبه وأوراقه كما عرضت عليها مقاطع صغيرة من قراءات درويش لأشعاره. وقالت وزيرة الثقافة المغربية ثريا جبران ل "رويترز" بعد مشاركتها فى حفل التأبين وبعد أن قرأت رسالة بعث بها الملك المغربى محمد السادس عبر فيها عن الخسارة الكبيرة برحيل درويش الذى أعاد إلى الشعر العربى حضوره "محمود درويش موحد للعرب بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ... القضية الفلسطينية كانت حاضرة فى كل أعماله ورحيله خسارة كبيرة لكل الامة العربية وسيظل حاضرا فى ذاكرتنا ووعينا وجداننا ووجدان كل العرب". وشارك فى حفل التأبين نخبة من الفنانين الفلسطينيين بينهم جورج إبراهيم وروضة سليمان واكرم المالكى ومحمد بكرى الذين قرأوا نصوصا من شعر درويش إضافة إلى تقديم مجموعة من نجوم الغناء ومنهم ريم تلحمى ومكرم خورى وسناء يونس ومعتصم النتشة وصلات غنائية من كلمات الشاعر الراحل محمود درويش. وألقى كل من سفراء مصر وتونس والأردن كلمات نيابة عن دولهم فى هذا الحفل كلها أشادت بمناقب درويش ولم يجدوا جميعهم مفرا من الاقتباس من كلمات درويش والتأكيد على عمق العلاقة التى كانت تربط بلادهم بدرويش كما تليت العديد من الرسائل التى لم يتمكن مرسلوها من الحضور الى رام الله. ووصف وزير الثقافة الاماراتى فى كلمته التى القاها فى الحفل درويش بأنه "شاعر العرب والناطق باسم الارض .. قلب فلسطين ونبضها .. تاريخ قضية وشعب". وأعرب احمد درويش شقيق الشاعر الراحل عن اعتزازه بهذا الحضور العربى الرسمى لحفل التأبين وقال: "الحضور العربى يرفع الرأس وخصوصا فى هذه الظروف وهو هام جدا وإجماع على مكانة محمود". وكشف شقيق درويش عن العثور على ديوان شعرى فى مكتبه فى عمان لم ينشر وقال "خلال بحثنا فى مكتبه فى عمان عثرنا على ديوان شعرى فيه قصيدة أنسب اسم لها قصيدة الموت فكما كان أنيقا فى حياته أحب أن يكون أنيقا فى مماته". وكان الرئيس الفلسطينى محمود عباس أصدر فى الأيام الماضية مرسوما رئاسيا لتأسيس "مؤسسة محمود درويش" "لتواصل حمل الرسالة التى من أجلها عاش محمود وكتب واأبدع وغنى القصائد الجميلة". ومن قصيدة الراحل "عن إنسان" نقرأ: وضعوا على فمه السلاسل ربطوا يديه بصخرة الموتى و قالوا: أنت قاتل ! أخذوا طعامه و الملابس و البيارق ورموه في زنزانة الموتى ، وقالوا : أنت سارق ! طردوه من كل المرافيء أخذوا حبيبته الصغيرة ، ثم قالوا : أنت لاجيء ! يا دامي العينين و الكفين ! إن الليل زائل لا غرفة التوقيف باقية و لا زرد السلاسل ! نيرون مات ، ولم تمت روما ... بعينيها تقاتل ! وحبوب سنبلة تجف ستملأ الوادي سنابل ..!