حيفا: يقام احتفال في مسرح الميدان بمدينة حيفا في السابعة والنصف من مساء الخميس المقبل تحتفي فيه الأوساط الثقافية في فلسطين بالشاعر والروائي إبراهيم نصر الله وبروايته الملحمية "زمن الخيول البيضاء". ويشارك في الاحتفال الذي دعا إليه معهد إميل توما للدراسات ومكتبة كل شيء، صالح عباسي الذي سيلقي كلمة المنظمين والكاتب سلمان ناطور والشاعر حنا أبو حنا والأديبة راوية بربارة والشاعر رشدي الماضي. كما سيقدم الفنان المسرحي السينمائي سليم ضو مقاطع من الرواية وسيحضر إبراهيم نصرالله بكلمة مسجلة بالفيديو ويتخلل الاحتفال عزف وغناء. وقال الكاتب سلمان ناطور - كما نقلت عنه جريدة "الرأي" الأردنية في عددها 10 مارس: سيكون هذا النشاط كبيرا بما يليق بالكاتب المبدع وهذه الرواية الملحمية الكبيرة التي يذهب فيها الشاعر والروائي إبراهيم نصرالله إلى منطقة لم يسبق أن ذهبت اليها الروايات التي تناولت القضية الفلسطينية بهذه الشمولية وهذا الاتساع . وقد جاء صدور هذه الرواية متزامنا مع الذكرى الستين لاحتلال فلسطين وبها يتوج الكاتب مشروعه الروائي "الملهاة الفلسطينية" الذي بدأ العمل عليه منذ 1985، والذي صدر منه ست روايات لكل رواية أجواؤها الخاصة بها وشخوصها وبناؤها الفني واستقلالها عن الروايات الأخرى. وقد أثارت الرواية منذ صدورها اهتماما نقديا واسعا وهي واحدة من أكثر الروايات مبيعا في الأردن وفي معارض الكتب العربية، وفي فلسطين التي تم تخصيص طبعة لها. من ناحية أخرى يقوم نصرالله بتوقيع (زمن الخيول البيضاء) في الثاني والعشرين من هذا الشهر في معرض الكتاب الدولي في البحرين، كما سيقدم شهادة حول تجربته في كتابتها في مدينة ميلانو الإيطالية في نهاية هذا الشهر. يتأمل نصرالله في هذا المشروع ، وفقاً لجريدة "العرب اليوم" الأردنية ، 125 عاما من تاريخ الشعب الفلسطيني برؤية نقدية عميقة ومستويات فنية راقية, انطلاقا من تلك الحقيقة الراسخة التي عمل عليها دائما والتي تقول بأن إيماننا بالقضايا الكبيرة يحتم علينا إيجاد مستويات فنية عالية للتعبير عنها. "أنا لا أقاتل كي أنتصر, بل كي لا يضيع حقي. لم يحدث أبداً أن ظلّت أمّة منتصرة إلى الأبد. أنا أخاف شيئاً واحداً: أن ننكسر إلى الأبد, لأن الذي ينكسر إلى الأبد لا يمكن أن ينهض ثانية, قل لهم احرصوا على ألا تُهزموا إلى الأبد". يقول بطل هذه الرواية: "في حيز زمني لم يسبق للرواية أن ذهبت إليه, لتصوِّر حياة الشعب الفلسطيني في فترة قاتمة هي نهايات الإمبراطورية العثمانية, يولد بطل هذه الرواية ليشغل الأجواء القروية المحيطة به بحكايات شجاعته وشخصيته الفريدة وحكايات حبه التي تتناقلها الألسن من مكان إلى مكان, وذلك التعلّق الجنوني بمهرة بيضاء ظهرت ذات يوم في شوارع القرية واختفت, وحكايات بحثه المستمرة عنها وانتظار عودتها. ومع زوال الحكم التركي وبداية عصر الانتداب الإنجليزي على فلسطين تبدأ الهوية الإنسانية والوطنية لهذا البطل الملحمي بالتشكل أكثر فأكثر, عاكسة طموحات شعبه لبلورة هويته بعد قرون طويلة من الحكم التركي, في زمن تتدافع فيه أكثر من قوة لسلبه هويته وأحلامه الإنسانية بالعيش تحت سماء وطنه حرا". "زمن الخيول البيضاء" روائية ملحمية تغطي ستين سنة من تاريخ الشعب الفلسطيني, بدءا من نهايات القرن التاسع عشر, حتى احتلال فلسطين في عام 1948 رواية تقول ما الذي حدث في فلسطين وللفلسطينيين في تلك الفترة التي يتم تناولها لأول مرة بهذه الشمولية وهذا الاتساع. ينطلق نصرالله في بنائه لروايته, التي عمل على الإعداد لها 22 عاما, من قول عربي قديم يقول: لقد خلق الله الحصان من الريح والإنسان من التراب. ويضيف نصرالله "والبيوت من البشر"!! وبهذا يُقسِّم روايته إلى ثلاثة أجزاء: الريح, التراب, البشر. عائلة فلسطينية "كتبتْ الخيولُ أقدارَ رجالها" مؤمنة ب "أن عُمْر الرجال أطول من عُمر الإمبراطوريات", تجتمع في رواية أجيال تتصارع فيها شخصيات متناقضة بصورة مريرة, لكن ما يجمع هذه الشخصيات هو حبّها للخيول. بطل شعبي فلسطيني استقى نصرالله شخصيته من عشرات الشهادات الشفوية المعززة بحكايات شعبية فلسطينية, تتابعه الرواية منذ طفولته, كرجل شجاع إلى أبعد الحدود وعاشق إلى أبعد الحدود; وإلى ذلك ضابط إنجليزي قاس مهووس بحب الخيول وشاعر في الآن نفسه, ونساء من طراز فريد متماهيات مع خيولهن وخيول رجالهن, وعدد آخر من الشخصيات بالغة الكثافة والحضور القوي. تحاور الرواية المفاصل الكبرى لهذه الفترة الزمنية الصاخبة بالأحداث بالغة التعدد, والصراع المرّ بين الفلاحين الفلسطينيين من جهة وزعامات الريف والمدينة والأتراك والإنجليز والمهاجرين اليهود والقيادات العربية من جهة أخرى, وتلتقي في هذه الملحمة الروائية, التي تعتمد في بنائها المشهدية السينمائية بشكل خاص, عدد من الفنون وتتكامل, وتتقدم الحياة الشعبية الفلسطينية اليومية في القرى والمدن لتحتل المشهد الإنساني الرّحب والحافل بحكايات البطولة والحب, الحياة والموت, والخيانة والصفاء والرحمة والقسوة. يذكر أن الروايات الخمس التي صدرت ضمن مشروع الملهاة الفلسطينية قبل هذه الرواية هي: طفل الممحاة, طيور الحذر, زيتون الشوارع, أعراس آمنة, تحت شمس الضحى. ولأنه شاعر أيضا نذكر من قصيدة له بعنوان "نوافذ": "النوافذ، خطوة أولى إلى الدنيا، وأغنية على غيم فسيح وارتحال... والنوافذ وردة، وجدائل القمر الموزع في التلال، والنوافذ نبضة في عتمة الليل المسافر في السلاسل والرجال، والنوافذ سلّم لصلاة جارتنا الوحيدة، واحة العشاق والأولاد، والثمر الذي يأتي شهيا في السلال، والنوافذ نورس البحار في القلب الذي أغفى ومال، والنوافذ حكمة الجدران تخرج من صخور الصمت نحو ذرى الجبال...