أوباما والمسلمون عاطف عبد الجواد عندما بدأ السناتور باراك اوباما حملته الرئاسية استجاب الأميركيون المسلمون من كاليفورنيا في الغرب إلى نيويورك في الشرق بحماس كبير، لأنهم رأوا فيه نصيرا طال انتظاره للحريات والحقوق المدنية، والتسامح الديني والدبلوماسية في السياسة الخارجية. ولكن بعد مرور اكثر من عام على بدء الحملة الانتخابية يشعر كثير من هؤلاء بأنه لم يرد على حماسهم بل ويتعمد ان يتجاهلهم. وبينما زار المرشح الديموقراطي العديد من الكنائس والمعابد اليهودية في انحاء الولاياتالمتحدة ، يقول المسلمون إنه لم يزر مسجدا واحدا بعد. وحاولت منظمات اميركية عربية عديدة فضلا عن مؤسسات اسلامية ترتيب اجتماعات معه، ولكن هذه الجهود باءت بالفشل. لقد اجتمع اوباما مع العديد من الجماعات اليهودية والمسيحية والدينية الأخرى ولكن المسلمين والعرب يقولون إنه تجاهل دعوتهم. وفي الأسبوع الماضي ثار جدل واسع في الإعلام الأميركي لأن امرأتين مسلمتين من انصار اوباما منعتا من الجلوس وراءه اثناء كلمة القاها امام كاميرات التلفزة في مدينة ديترويت ، خشية ان تظهر المرأتان وهما ترتديان الحجاب وراءه على شاشات التلفزة. لم يمنعهما اوباما شخصيا ولكن مساعديه في حملته الانتخابية قررا أن وجود المرأتين وراءه يمكن ان يلحق ضررا له بين الناخبين الأميركيين. المسلمون في اميركا يقولون إنهم يدركون ان تأييدهم لأوباما يمكن ان يسبب مشاكل له في وقت يرتاب فيه بعض الأميركيين ارتيابا عميقا بالمسلمين. ولكن مسلمي اميركا هؤلاء يعربون ايضا عن خيبة رجاء بل وعن الغضب ازاء المعاملة التي يتلقونها من اوباما والمسئولين عن حملته الرئاسية. كيث إليسون، اول مسلم ينتخب عضوا في الكونجرس الأميركي يروي كيف انه حاول القاء خطبة لحشد التأييد للمرشح الديموقراطي في مسجد سيدار رابيدس ، احد اعرق المساجد في الولاياتالمتحدة، ولكنه تلقى رسالة عاجلة من مستشاري اوباما يطلبون فيها الغاء الخطبة لأنها قد تثير جدلا اوباما في غنى عنه. وشرح هؤلاء المستشارون للنائب إليسون فيما بعد كيف أن اوباما لا يرغب في تشتيت رسالته المركزة تركيزا ضيقا. عضو الكونجرس الديموقراطي إليسون عبر عن احباطه بالقول: هذه حملة تقوم على رسالة الأمل، وعلى التغيير. ولكن مسلمي اميركا ليسوا جزءا من هذه الرسالة بعد. مساعدو أوباما ينفون انه يباعد نفسه عن انصاره من المسلمين، ويشيرون الى تصريحات عديدة له دعا فيها إلى إشراك المسلمين الأميركيين في المجتمع. ويشير هؤلاء ايضا الى مناصرة اوباما للمسلم رقم 2 الذي انتخب لعضوية الكونجرس وهو اندريه كارسون. لقد اسهم اوباما شخصيا في الحملة الانتخابية للمسلم كارسون وساعده في تحقيق الفوز بعضوية مجلس النواب. وفي شهر مايو الماضي عقد اوباما اجتماعا قصيرا وخاصا مع امام مسجد منطقة ديربورن التي يعيش فيها اكبر تجمع للعرب الأميركيين. ولكن مستشاري حملة اوباما يسلمون بأنهم يتعاملون مع الفئات الدينية في اميركا من منطلق ان هذه الفئات تمثل فيها بينها قطاعا من قطاعات المجتمع وليس كل منها على حدة قطاعا بمفردها. لكن التوتر في العلاقة بين اوباما والمسلمين في اميركا تشكل احد التحديات الكبيرة التي تواجه المرشح الديموقراطي. كيف يمكنه توسيع قاعدة التأييد بدون ان يستعدي ايا من الفئات التي يحتاج اليها يوم الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل. السناتور اوباما اتصل هاتفيا واعتذر شخصيا للمرأتين المسلمتين اللتين منعتا من الجلوس خلفه في مدينة ديترويت. وقال السناتور في بيان اصدره بعد تلك الحادثة إنه سوف يواصل مكافحة التمييز ضد اي فئة دينية في اميركا. ولكن هذا الرد من جانب اوباما لم يكن كافيا من وجهة نظر كثيرين من المسلمين الذين يقولون إن حادثة ديترويت دليل على التناقض في رسالة الوحدة التي يتحدث عنها اوباما. بل إن بعض اقوى انصار اوباما من مسلمي اميركا يعترفون لأنهم غير سعداء بنفيه المفرط والمستمر والمركز لكونه مسلما. عشرة في المائة فقط من الناخبين الأميركيين يصدقون الشائعات التي تقول إن اوباما مسلم فعلي ولكنه يخفي اسلامه. وفي مقابلة متلفزة قال السناتور اوباما إن الشائعة مهينة للمسلمين لأنها تلعب على مشاعر الخوف وتروج للمخاوف منهم. ولكن موقع السناتور اوباما على الانترنت يصف اشاعة كونه مسلما بأنها تلطيخ له. النائب إليسون يقول: نحن المسلمين ننتظره ان يقول إنه ليس عارا او تلطيخا ان يكون المرء مسلما. ليس هناك خطأ في كون المرء مسلما. والنائب المسلم الاسود هو احد اقوى انصار اوباما، وسوف يحتاج اوباما اليه لحشد التأييد له ليس فقط في ولايته مينسوتا، بل وفي ولايات اخرى. لكن إليسون حاول ايضا مساعدة اوباما في ولاية نورث كارولينا ولمن مستشاري اوباما مرة اخرى طلبوا منه الغاء جولته في الولاية بذريعة ان نورث كارولينا هي ولاية محافظة ولن ترحب بمسلم اسود مثل إليسون. هذه التوترات في علاقة اوباما مع المسلمين قد تكلفه غاليا في الانتخابات ولا سيما في الولايات التي قد تلعب فيها اصوات المسلمين دورا حاسما مثل فلوريدا وميشجان وفرجينيا و اوهايو. وهذه المخاطرة تنطبق ايضا على المرشح الجمهوري جون ماكين الذي لم يمد يده بعد الى الناخبين المسلمين. عن صحيفة الوطن العمانية 25/6/2008