لبنان المطلوب هو الحل السياسي! د. فايز رشيد بين ما ذكره الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في خطابه الاخير (من ان الحزب سيرفض السلطة حتى لو قدمت له على طبق من ذهب) وبين التفسير باعتبار تحركه الاخير تحركا اضطراريا أملاه عليه الاعتداء الذي شنته السلطة ضده، تكمن حقيقة سيطرة الحزب على بيروت وعلى مناطق مختلفة من لبنان، سيطرة شابتها بعض الاشتباكات التي ادت الى قتلى وجرحى، كما تخللتها اعتداءات على مؤسسات اعلامية وثقافية مثل تليفزيون وجريدة (المستقبل) ومؤسسة الحريري الثقافية، بما يشي عن ملامح مرحلة مقبلة ابرزها المساس بالديمقراطية العريقة التي تمتعت بها الصحافة اللبنانية على مدى السنوات كمظهر للديموقراطية النسبية في لبنان. واذا كان شعار (طهارة سلاح المقاومة) قد امتد لسنوات طوال، واثبت مصداقيته منذ عام 2000 وحتى هذه اللحظة، وبقي بعيدا عن التدنيس ان في استعماله لغير الاهداف التي اوجد من اجلها او من خلال تحويله الى الساحة الداخلية، فإن مساسا ما بالشعار احدثته خطوة الحزب الاخيرة، وبخاصة بما رافقها من مظاهر كان ضحيتها بعض المؤسسات الاعلامية التي وبالرغم من بعض اختلافها مع سياسة الحزب في الأمور الداخلية. لكنها ومثل معظم اللبنانيين احتضنت المقاومة ولم يسجل عليها يوما انها وقفت ضد ظاهرتها او شرعيتها ندرك تماما الاستهدافات من قوى لبنانية للمقاومة ولشرعيتها، وان بعضها جعل من نفسه شريكا للولايات المتحدة ولإسرائيل، بل وكيلا لهما في لبنان، وهذا ليس بجديد، بل كان واضحا وعلنيا اثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان في عام 1982، وهؤلاء لن يتغيروا بين عشية وضحاها. وندرك ما يفعله هؤلاء من اجل القضاء على سلاح المقاومة الشرعي، ان بمحاولة تدويل الأزمة او على صعيد امتلاك الاسلحة والميليشيات لمحاولة فرض الرأي بالقوة، غير انه ومن باب الامانة القول ونتيجة للإحساس بالمسؤولية القومية العربية الاصيلة تجاه لبنان واللبنانيين، انه لا يمكن لفريق لبناني حتى ولو استطاع حسم الامر بالقوة العسكرية ان يحكم لبنان بمعزل عن التوافق الوطني مع باقي الاطراف اللبنانية الاخرى على قاعدة (اللاغالب واللامغلوب)، فتجربة الحرب الاهلية اللبنانية (والتي لا نتمنى ان ينجر اليها لبنان من جديد) والتي بقيت خمسة عشر عاما، كما هي الاحداث في عام 1958، اثبتت بما لا يقبل مجالا للشك صحة المبدأين الاساسيين واللذين بموجبهما يمكن حكم لبنان: التوافق اللبناني والصيغة السابقة. ان تجربة بشعة من الاقتتال اللبناني اللبناني يجب ان تكون حافزا لكل اللبنانيين على اهمية الالتقاء في النقطة الوسط، لانه بغير ذلك فلن يبقى لبنان، وسيعاني اللبنانيون جميعا. بكل شرائحهم الاجتماعية والوان طيفهم السياسي، فلن يكون من بينكم منتصر ومهزوم، فالجميع سيكونون في النهاية مهزومين وخاسرين ندرك تماما حجم التصعيد الاخير الذي لجأت اليه الحكومة اللبنانية مؤخرا بالنسبة لقرارها بتفكيك شبكة اتصالات حزب الله. ومدى تأثير ذلك على المقاومة ومجابهتها للعدو الاسرائيلي لكن كان من الممكن لحزب الله استغلال مبادرة النقاط الأربع التي طرحها زعيم تيار المستقبل سعد الحريري فبدلا من الرفض القطعي لها كان من الممكن تعديل بنودها ، والمضي قدما في حوار وطني بحضور كافة الاطراف اللبنانية، وامين عام جامعة الدول العربية او مندوب عنه، ليجري الاتفاق على موعد انتخاب رئيس الجمهورية وعلى صيغة الحكومة القادمة. يسعى كثيرون لان يكون لبنان اميركيا واسرائيليا، وقد تحدثت مواقع استخباراتية اسرائيلية عن هذا الامر (وهذا ما ذكرناه في المقالة السابقة) وقد يسعى البعض لان يكون لبنان تابعا اقليميا، غير انه ثبت بالملموس، ان لبنان لا يمكن ان يكون غير لبنان الوطني القومي العربي المتداخل مع محيطه الشعبي العربي. وقبل فوات الاوان يتوجب على حزب الله بعد سيطرته على بيروت ان يطرح خطوته التالية وبسرعة كبيرة، وهي مبادرته السياسية للحل على قاعدة التوافق الوطني على صيغة اللاغالب واللامغلوب. عن صحيفة الوطن العمانية 11/5/2008