المصريون يقرعون الجرس أحمد ذيبان اختلفت التقديرات بشأن نسبة نجاح الاضراب العمالي الذي شهدته القاهرة أمس الأول، احتجاجا علي الارتفاع الجنوني في الأسعار وازدياد شراسة غول الفقر، فأوساط الحكومة المصرية قللت من شأن الاضراب، فيما اشارت التقارير الإعلامية، والجهات الداعية للاضراب وفي مقدمتها حركة كفاية الي نجاح الاضراب في ايصال رسالة واضحة الي النظام، وقد كان الانتشار الأمني الكثيف والمواجهات التي جرت مع المحتجين، واعتقال مئات منهم ، دليلاً علي قدرة الحركة العمالية المصرية علي ازعاج السلطة ولفت نظرها الي ان الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية اقتربت من لحظة الانفجار الكبير، وحتي السلطة نفسها لم تعد تنكر وجود أزمة خانقة ،تهدد حياة ومستقبل ملايين الفقراء وصلت الي عدم القدرة علي توفير رغيف الخبز، وهو ما أكده الرئيس حسني مبارك قبل نحو أسبوعين وحمل مسؤولية حكومة نظيف مسؤولية العجز عن توفير الرغيف وكلف القوات المسلحة بالتدخل لهذا الغرض!. قد تكون أزمة غلاء الاسعار واتساع مساحة الفقر، أكثر شراسة في مصر بحكم عدد السكان الذي يزيد علي سبعين مليون نسمة، لكن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تجتاح غالبية البلدان العربية، وإذا استثنينا الدول الخليجية المنتجة للنفط التي حصدت فوائض مالية هائلة بعد الارتفاع الكبير في أسعار النفط، لكن حتي تلك الدول يشكو سكانها من غلاء اسعار السلع والخدمات وارتفاع نسبة التضخم !. لكنه كالفرق بين من يشكو من الجوع، واخر يشكو من غلاء سعر البسكويت !. هناك ازمة اقتصادية عالمية لا أحد ينكرها ، وارتفاع كبير في الأسعار ونسبة التضخم، ومخاوف من كساد عالمي،فثمة تداخل هائل في الاقتصادات العالمية انتجته العولمة ! ويلعب جنون أسعار النفط دوراً اساسيا في ذلك، بالإضافة الي الأزمات السياسية والحروب الناتجة عن الاستراتيجية الجنونية لإدارة بوش!. لكن ذلك لا ينفي مسؤولية الحكومات في البلدان العربية ، التي يعصف بغالبية سكانها الاحباط واليأس من ارتفاع الأسعار، وتآكل الدخول، وازدحام طوابير العاطلين عن العمل، وتردي الخدمات الاساسية، فمهما تكن انعكاسات العوامل الخارجية، تبقي الادارة المحلية تتحمل مسؤولية اساسية، ولابد من التذكير بأن استنساخ سياسات اقتصاد السوق وما يسمي ب "تحرير " الأسعار، وتخلي الدولة عن مسؤولياتها الاجتماعية والالتزام بسياسات رفع الدعم ، طبقا لوصفات صندوق النقد والبنك الدوليين ،تحت عنوان التصحيح أو الاصلاح الاقتصادي، وهنا ينبغي الاشارة الي انتشار افة الفساد، وتغول السلطات والتضييق علي الحريات العامة، وضعف المشاركة في صنع السياسات واتخاذ القرارات!. حدثت احتجاجات محدودة علي وحش الأسعار، سرعان ما تم قمعها واحتواؤها أمنيا في بعض البلدان العربية، لكن الاضراب العمالي في مصريشكل مبادرة جدية تدق ناقوس الخطر،ينبغي قراءتها من قبل كل الحكومات المعنية بأن صبر الفقراء والمحرومين والمقهورين بدأ ينفد ،وانه لم يعد بايديهم شيئ يخسرونه ! عن صحيفة الراية القطرية 8/4/2008