اسأل والجمارك تُجيب| ما نظام التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI»؟    عالية المهدي تحذر الحكومة: 65% من الإنفاق العام في مصر يخصص لسداد الديون    محافظ قنا يعزي أسر ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بترعة الجبلاو.. ويوجه بحزمة إجراءات عاجلة    تصعيد بحري قبالة فنزويلا، سفن حربية تحمي ناقلات النفط بعد التهديدات الأمريكية بالحصار    إعلام فلسطيني: مصابان برصاص جيش الاحتلال في حي التفاح شرق مدينة غزة    غارة أوكرانية تُلحق أضرارًا بمبنى ومنزلين في روستوف وباتايسك    خدعة دبلوماسية وصفقة فاشلة في مفاوضات أمريكا وإيران السرية    أبرزها فوز الملكي، نتائج مباريات اليوم في كأس ملك إسبانيا    نيوكاسل يفوز على فولهام بثنائية ويتأهل لنصف نهائي كأس كاراباو    سفير مصر في المغرب: الأوضاع مستقرة وتدابير أمنية مشددة لاستقبال المنتخب    أمم إفريقيا - نيجيريا.. إضرابات تاريخية وسيناريو بيسيرو المكرر مع كيروش    بالصور.. الحماية المدنية تواصل رفع أنقاض عقار المنيا المنهار    تشكيل فريق بحث لكشف ملابسات إصابة طفل بحروق في أبو النمرس    ضبط 12 مخالفة خلال متابعة صرف المقررات التموينية بالوادي الجديد    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر    نقابة المهن التمثيلية تتخذ الإجراءات القانونية ضد ملكة جمال مصر إيرينا يسرى    مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير.. السيناريست محمد هشام عبيه يكشف رحلته بين الصحافة والدراما    ماستر كلاس بمهرجان القاهرة للفيلم القصير يكشف أسرار الإضاءة في السينما والسوشيال ميديا    محمد رمضان ينفي أنباء حبسه عامين: إشاعات.. وسأظل أحب بلدي وأعشق ترابها للأبد    عائلة مندور: التقرير الطبي عن وفاة الفنانة نيفين مندور جاء بعدم وجود شبهة جنائية    التهاب مفصل الحوض: الأسباب الشائعة وأبرز أعراض الإصابة    رئيس بلدية خان يونس: الأمطار دمرت 30 ألف خيمة بغزة ونقص حاد في المستلزمات الطبية    المتحدث باسم الحكومة: الأعوام المقبلة ستشهد تحسنا في معدلات الدخل ونمو ينعكس على المواطنين    مصرع عامل تحت تروس الماكينات بمصنع أغذية بالعاشر من رمضان    إصابة 11 شخصاً فى حادث تصادم سيارتين ب بدر    استنفار كامل للأجهزة التنفيذية والأمنية بموقع انهيار عقار غرب المنيا    رئيس الوزراء: خطة واضحة لخفض الدين الخارجي إلى أقل من 40% من الناتج المحلي الإجمالي    وزير الاتصالات: ارتفاع الصادرات الرقمية إلى 7.4 مليار دولار وخطة لمضاعفة صادرات التعهيد    العراق: التوسع في الرقعة الزراعية مع هطول أمطار غزيرة    اسكواش - بالم هيلز تستضيف بطولة العالم للرجال والسيدات في مايو المقبل    سفير مصر بالرباط يستقبل بعثة المنتخب الوطني بمدينة أغادير استعدادا لكأس أمم أفريقيا    أمم إفريقيا - البطل يحصد 7 ملايين دولار.. الكشف عن الجوائز المالية بالبطولة    وائل فاروق يشارك في احتفالات اليونسكو بيوم اللغة العربية    باكستان: دول معادية وراء مزاعم خاطئة تربط البلاد بحادث إطلاق النار في إستراليا    نوبات غضب وأحدهم يتجول بحفاضة.. هآرتس: اضطرابات نفسية حادة تطارد جنودا إسرائيليين شاركوا في حرب غزة    إصابة نورهان بوعكة صحية أثناء تكريمها بالمغرب    جامعة الإسكندرية تستقبل رئيس قسم الهندسة الحيوية بجامعة لويفل الأمريكية    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    القاضى أحمد بنداري يدعو الناخبين للمشاركة: أنتم الأساس فى أى استحقاق    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    وكيل تعليم القاهرة في جولة ميدانية بمدرسة الشهيد طيار محمد جمال الدين    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    وزير الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتميز للفائزين بمدينة بني سويف الجديدة    الإسماعيلية تحت قبضة الأمن.. سقوط سيدة بحوزتها بطاقات ناخبين أمام لجنة أبو صوير    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    إصابة شخصين في حادث تصادم 3 سيارات أعلى الطريق الأوسطي    بين الحرب والسرد.. تحولات الشرق الأوسط في 2025    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    سعر طن حديد التسليح اليوم الأربعاء 17 ديسمبر في مصر    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن    طوابير أمام لجان البساتين للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات مجلس النواب    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيعة ولاية الفقيه.. ومصالح إيران الوطنية
نشر في محيط يوم 02 - 02 - 2008

شيعة ولاية الفقيه.. ومصالح إيران الوطنية
نجيب غلاب
تشكل الدول العربية المشرقية في الاستراتيجية الإيرانية، أهم مجال حيوي لنفوذها، وهي من جانب آخر ترى في قوة تلك الدول من المخاطر المهددة لأمنها، لذا فإن أمنها القومي، مرتبط بقدرتها على أضعاف دول المنطقة لفرض مصالحها وحماية نفسها من بروز أي قوة إقليمية عربية، ومن أهم الاستراتيجيات الفاعلة، كما هو واضح على مستوى الواقع في ظل وجود قوى عظماء تتصارع على المنطقة، هو خلق قوى مؤيدة لها في تلك الدول، ترتبط ايديولوجيا بالدولة الإيرانية.
وهذه الحركات التابعة لإيران ايديولوجيا وليس مذهبيا، تعمل إيران على تحويلها إلى أدوات تهدد من خلالها مصالح الدول العربية والقوى الدولية في حالة عدم تفهم مصالح إيران في المنطقة، ووظيفتها الأكثر أهمية هي عسكرية وأمنية ففي حالة تهديد النظام الإيراني من أي قوة فإن الحركات التابعة لها تصبح مصدرا أساسيا يسند موقفها ويدعم قوتها في حالة المواجهة.
وهذه الحركات بعضها يعمل في العلن والآخر سري، فمنذ بداية الثورة تبنت إيران تصدير أفكارها وقيمها وعقيدتها عبر الدعاية والاتصال المباشر مع القوى الإسلامية المعارضة والقوى الشيعة الموجودة في العالم، ونجحت في تكوين جماعات تابعة لها في أغلب الدول التي يوجد فيها شيعة، وقد جلب لها ذلك عداء إقليميا وعالميا، فطورت إيران استراتيجية تصدير الايديولوجيا، فتخلت عن التبني الرسمي من قبل مؤسسات الدولة ونقلت المهمة إلى المؤسسات الأهلية داخل إيران التي تقوم بعملية التنسيق مع القوى الشيعية، سواء كانت قوى سياسية أو مراجع شيعة دينية والرسمي فيها أن هذه الاستراتيجية تتم برعاية الولي الفقيه، وبإشراف مخابراتي حذر.
والتطور الجديد في استراتيجية تصدير الايديولوجيا الخمينية، يتمثل في جعل القوى الشيعية العربية التي لديها حرية الحركة والفعل والمرتبطة بولاية الفقيه؛ هي أداة تصدير الثورة إلى العالم العربي، فقد استطاع حزب الله مثلا ان يسند قوة إيران، ويحسن من صورتها في المنطقة العربية، وشكل الحزب نموذج للقوى الشيعة وتلعب أذرعه الفكرية والإعلامية، دورا فاعلا في داعم الثورة الإيرانية وفكرها السياسي والديني.
وسيشكل العراق أهم المراكز القادمة لتصدير ايديولوجية الثورة إلى العالم العربي من ناحية فكرية وثقافية وحتى عسكرية على مستوى التدريب والدعم اللوجستي، وهذا ربما يفسر طرح الفدرالية من قبل عبد العزيز الحكيم، فأحد أهدافها هو الحصول على منطقة شيعية خالصة، حتى تتمكن من نشر ايديولوجية الثورة وتحويل الجنوب إلى قاعدة لحماية النظام الإيراني، ونشر ايديولوجيته في العالم العربي.
وبتتبع الحركات الشيعية المرتبطة بإيران، نجد أن بناء قوى سياسية مؤيدة للثورة، تمر بمراحل عديدة ومتداخلة تقوم في بداية الأمر على بناء نخبة قليلة العدد يتم إعدادها وتدريبها بشكل جيد وظيفتها الأساسية نشر الفكر السياسي المناضل ضد الأعداء، كما تصفهم أدبيات الثورة الإيرانية، والعمل على إعادة بناء المذهب الجعفري في الأوساط الشيعية وفق الرؤية الخمينية ونشر الأفكار والعقائد المرتبطة بها.
ثم تأتي المرحلة الثانية، حيث يتم تأسيس حركات دينية حزبية علنية أو سرية حسب البيئة المحيطة، هذه الحركات لها اذرع عسكرية وإعلامية وفكرية تعمل في بداية تكوينها على التأسيس لصراع قوي مركب يأخذ أبعادا فكرية وطائفية، يعبر عنه من خلال ايديولوجية سياسية تحمل رؤية ثورية انقلابية، ويشكل العنف بجانبيه الفكري والمادي في الصراع، وسيلة فاعلة ليسهم في تطوير البناء الذاتي على المستوى الحركي.
وفي مرحلة لاحقة عندما تصبح الحركة الطائفية من القوة فإنها تعتمد على خطاب عقلاني متزن عندما تخاطب الرأي العام، ولكن خطابها يحمل نزوعا ثوريا في مواجهة الأعداء كما تحددهم الثورة الإيرانية، وتجاه القوى الوطنية التي ترى ان مصالح أوطانها يمكن تحقيقها بإقامة علاقات مع من تراهم إيران أعداء لها، ولكنها في الوقت ذاته تقوم باعتماد خطاب طائفي متعصب غير متداول، إلا بين أبناء الطائفة، هذا الخطاب عادة ما يعلي من دور إيران في حماية الطائفة وتحقيق مصالحها.
ويتم تفعيل قوة القوى الشيعية المرتبطة بإيران، من خلال تبني استراتيجية المواجهة مع القوى المعادية للأمة الإسلامية، والهدف من ذلك هو تعبئة الأنصار وكسب المؤيدين، ومواجهة النظام السياسي في حالة وقوفه ضد أنشطة الحركة في توسيع قاعدتها الفكرية والبشرية، من جانب آخر يمكن للحركة استغلال ضغط القوى الخارجية والداخلية على الأنظمة والتعاون معها في تفكيك الأنظمة وإضعافها، ثم الانقلاب على تلك القوى لاحقا، بما يخدم مصالح الحركة ومرجعيتها في إيران.
وإضعاف الدولة في حالة العجز عن السيطرة عليها، يمثل جوهر استراتيجية أي حركة تابعة لإيران، فالدولة القوية تمثل عائقا أساسيا، ويتم إضعاف الدولة وفق مسارات ثلاثة متداخلة، يشكل إضعاف النظام السياسي المسار الأول من خلال تشتيت طاقته في فتح جبهة صراع معه، وإبعاده عن حل قضايا التنمية، وتأليب المجتمع عليه باستغلال مشاكل الواقع، ويشكل التحالف مع أعدائه حتى وان كانوا أعداء لإيران من الأمور المقبولة، والمهم هو إضعاف النظام وتقوية الحركة.
أما المسار الثاني فيتمثل في تشتيت طاقة القوى السياسية الفاعلة في المجتمع من خلال مواجهتها أو عزلها عن الصراع أو محاولة توظيف قوتها لصالح خدمة قضايا الحركة الشيعية.
أما المسار الثالث فهو تأسيس صراع في المجتمع يقوم على أساس طائفي، فالصراع الطائفي يسمح بعملية الفرز داخل المجتمع، وهذا يسهل للحركة تعبئة الوسط الاجتماعي المؤيد على أساس طائفي، لتصبح الحركة هي ملجأه لحماية نفسه، وهذه الاستراتيجية تعمل على بعث الروح الطائفية لدى جميع الأطراف، والهدف أضعاف الولاء للدولة الوطنية، لتصبح الطائفية هي الأصل، وتتحول الدولة إلى أداة تديرها الطوائف من خلال زعاماتها.
والحركات الشيعية التابعة لمنهجية الخميني لا تهتم بالدولة الوطنية بالمفهوم المتعارف عليه بالفكر السياسي الحديث، فالأولوية للطائفة وتقويتها، ودفاعها عن الدولة التي تنتمي إليها، مرتبط بمدى توافقها مع مصالح أبناء الطائفة ومع مصالح الدولة الشرعية دولة نائب الإمام في طهران.
وهدف إيران من خلق قوى داخل الدول العربية، هو جعل تلك القوى، مشاركين فعليين في صناعة القرارات داخل دولهم، بحيث تكون قادرة على تهديد النظام في أي وقت قد تحاول النخب تهديد مصالح القوى الشيعية أو مصالح الدولة الإيرانية، وهذا يساعد إيران على أن تصبح لاعبا رئيسيا ويمنحها نفوذا حقيقيا وقدرة على فرض إرادتها، أو في أقل تقدير، إجبار الدول على أخذ مصالح إيران على محمل الجد.
ومن جانب آخر تشكل تلك التكوينات، قوة دفاعية لحماية نظام الثورة الإيرانية من أي هجوم خارجي، من خلال التهديد بتفجير المنطقة في حالة تحدي أمنها القومي من قبل الدول العربية أو الدول الأجنبية، وهذه المسألة في الوقت الحالي مهمة جدا، فالنخبة الإيرانية الحاكمة بحكم تكوينها الفكري، وتجربة إيران التاريخية، جعلت الهاجس الأمني يسيطر على كل تفكيرها وله الأولوية على أي قضايا أخرى.
وما يدفع الحركات الشيعية في الدول العربية التابعة لولاية الفقيه، الى مولاة الدولة الإيرانية، هو الايديولوجيا الدينية التي تؤسس لاعتقاد بأن إيران هي الدولة الأم المعبرة عن عقائد الشيعة، وهي دولة الإمام الغائب ودور القوى المنتشرة خارجها من المؤمنين، هو دعم وحماية المركز، وهذا ما يجعل تشتيت قوة الدول المحيطة بالدولة الأم، وتحويلها إلى مجال حيوي لدولة الإمام وحمايتها من الأعداء أشبه بالسلوك التعبدي.
في نهاية التحليل يمكن القول، بصرف النظر عن الرؤية الوطنية التي قد تحملها الحركات الشيعية التابعة لإيران في مواجهتها للقوى الغربية، إن استراتيجية إيران تتشابه مع الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية فيما يخص تفكيك الدول والمجتمعات العربية، وجعلها منطقة رخوة ضعيفة، تحكمها دول هشة ومجتمعات مفككة، غير قادرة على تجميع قوتها للحفاظ على مصالحها الوطنية والقومية، والهدف في نهاية الأمر هو السيطرة على المنطقة، واستغلال إمكانياتها، بصرف النظر عن مصالح العرب.
عن صحيفة الشرق الاوسط
2/2/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.