القدرة النووية الأميركية تتآكل فلاديمير سادافوي على ما يبدو أن الأزمة المالية الحالية سيكون لها تأثير كبير على مقومات الدولة العظمى الأميركية، ومن أهم هذه المقومات القوة النووية، فقد بات واضحا أن الترسانة النووية الأميركية تعاني من مشاكل كثيرة تهدد استمرارها وبقائها على حالتها.
وهذا أمر غاية في الخطورة في الوقت الذي تعيد فيه روسيا بناء وتطوير ترسانتها النووية، وكذلك الصين ودول نووية أخرى، وأيضا هناك دول أخرى تسعى لامتلاك السلاح النووي، وهذا يعني أن الدولة العظمى التي كانت تملك السلاح الذي لا يملكه أحد سوف تصبح هي التي لا تملكه بينما يملكه الآخرون، فكيف يمكن أن يقال عنها إنها الدولة العظمى؟
تردي أحوال الترسانة النووية الأميركية أصبح متداولاً علنا في الولاياتالمتحدة، واحتل جزءا كبيرا من محادثات ونقاشات الكونجرس الأميركي في الآونة الأخيرة.
وفيما تُقبل الولاياتالمتحدة على انتخاب رئيس جديد لها والجميع مشغولون تماما في الانتخابات، يقف وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في لجنة الدفاع والأمن في الكونجرس يدعو إلى ضرورة أن تستأنف بلاده تجريب أسلحتها النووية حفاظا على قدرة دفاعية آخذة في التآكل بدون تجارب تمكّن من التحقق من صلاحية ما تملكه الولاياتالمتحدة من قنابل ورؤوس نووية، وكلام جيتس يفهم منه أن القيادة العسكرية الأميركية لا تعلم ما إذا كان سلاحها النووي صالحا للاستخدام أم لا، بينما روسيا تجري التجارب الناجحة التجربة تلو الأخرى على صواريخ باليستية حديثة عابرة للقارات.
وقد حضرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس إحدى هذه التجارب وبجوارها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وأبدت انبهارها وإعجابها بنجاح الصاروخ الروسي في إصابة الهدف بدقة.
وفالت للوزير لافروف »نتمنى ألا يستخدم هذا الصاروخ ضد أحد«، فرد عليها لافروف قائلا »نتمنى ألا يضطرنا أحد لاستخدامه ضده«، وها هي روسيا تطلق طائراتها الإستراتيجية المخصصة لحمل رؤوس نووية لتحلق فوق القواعد العسكرية الأميركية في المحيطين الهادي والأطلسي وبالقرب من شاطئ الكاريبي جنوبالولاياتالمتحدة.
ويتابعها قادة البنتاجون الأميركي بقلق وتوتر، كما تنطلق الغواصات النووية الروسية تزور شواطئ وموانئ العديد من الدول، ومنها دول في أميركا اللاتينية، كل هذا والعالم لا يرى ولا يسمع أي شيء عن الترسانة النووية الأميركية، ثم يفاجأ الجميع بوزير الدفاع الأميركي يصرح بأن الأسلحة النووية الأميركية مهددة بالتآكل .
لقد توقفت الولاياتالمتحدة عن إنتاج أسلحة نووية جديدة منذ الثمانينات من القرن الماضي. والآن قد تجاوز نصف العاملين في المختبرات النووية الأميركية سن الخمسين. ولم يتعامل من هو أصغر سنا مع السلاح النووي أبدا، ولا يوجد إقبال من الأجيال الجديدة في العسكرية الأميركية على العمل في هذا السلاح.
وإذا استمر الحال على هذا المنوال فسوف تغدو الولاياتالمتحدة في وقت ما عاجزة عن إدامة قدرتها على شن أو خوض الحرب بحسب رأي وزير الدفاع جيتس.
ولكي تبقى القدرة الحربية سليمة يرى جيتس ضرورة تطوير ما ورثته الولاياتالمتحدة عن حقبة الحرب الباردة من ترسانة نووية ضخمة وباهظة الثمن حتى تغدو ترسانة صغيرة نسبيا وغير باهظة التكاليف.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف يجب استئناف التجارب النووية، ولكن على ما يبدو أن الإدارة الأميركية في ظل الأزمات التي تواجهها والتي ستورثها بالقطع للإدارة القادمة بعدها لا ترغب في إنفاق المال على تجارب ليست ضرورية الآن، هذا في الوقت الذي تستمر فيه هذه الإدارة في طلب المزيد من المليارات للحرب في العراق وأفغانستان. عن صحيفة البيان الاماراتية 6/11/2008